|
الافتتــاحية ولذلك لم تعد الزيارة مطالبة بالإجابة على الكثير من الأسئلة المعلقة أو المؤجلة منذ بدء مهمة المراقبين فحسب، بل أضيفت إليها قائمة طويلة من الأسئلة التي تبدو أكثر الحاحاً من سابقاتها بعد التطورات الأخيرة، خصوصاً أن المهمة ودورها أمام اختبار صعب لابد من اجتيازه، وفي مواجهة لابد من كسبها، ولا تمتلك بدائل أخرى. وهذا الأمر ليس خافياً على أحد، ولا هو خارج نطاق التداول العلني في كل الاعتبارات، بحكم أن ما يجري من تصعيد ليس بريئاً في توقيته ولا في مضمونه، ولا هو خارج المحاولات المتواصلة التي ما برحت تستهدف المهمة الدولية منذ اللحظة التي أدركت فيها بعض الأطراف العربية والإقليمية والدولية أنها لا تنسجم مع ما تخطط له، أو أنها لن تتمكن من إنتاج السياق الذي يتوافق مع تلك الخطط. فسيناريو التصعيد واستسهال الاتهام مروراً بالتسويق السياسي والإعلامي يحمل المؤشرات الكافية على إدراك الخفايا التي تتحكم بإدارة عمل المسلحين وتحركهم، وتوظيف الإرهاب المنظم للتضييق على المهمة وإجهاضها إذا ما عجزت عن إدارة اتجاهها في السياق الذي يحقق ما تخطط له أدوات التآمر الإقليمية والعربية بالتوافق والتشارك مع القوى الغربية وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا. هذا على الأقل ما بات يدركه السيد كوفي أنان أكثر من غيره، ويعرف خلفياته ومعطياته ودوافعه، وهو الذي تواصل مع تلك الأطراف، بل استند إلى وعود وتعهدات واستلم - كما يفترض - التزامات، بات اليوم على يقين أكثر من أي وقت مضى، أين هو مكمن الخطر؟ ولماذا هناك من لايريد لمهمته أن تستمر؟ ولا يريد لها أن تنجح؟ هنا يحتاج المبعوث الدولي إلى التوقف وإلى التمعن في الكثير من التفاصيل الأخرى التي لم يتم استدراكها حتى الآن ولم يؤخذ بها، فكما كان الخطر الذي يهدد مهمته عندما بدأت، في الوجود المسلح الإرهابي والأطراف والدول الداعمة له، هو اليوم أوضح.. بل وأخطر مما سبق. نفترض أنه على دراية بأن هذه الأطراف استغلت وجود المراقبين لإعادة تسليح مرتزقتها وإرهابييها، وإن لم يكن يعلم ومن باب المسؤولية الملقاة على عاتقه ليعتبر هذا إخباراً عملياً، بأن هذا الاستغلال لا يقتصر على الأطراف الداعمة للإرهابيين بالمال والسلاح وإنما أيضاً من تلك الراعية سياسياً وإعلامياً وتلك الحاضنة للمسلحين والتي باتت ناطقاً ومفاوضاً باسمهم ووكيلاً حصرياً لأعمالهم، وهي كذلك من الدول والقوى داخل مجلس الأمن التي تدعي دعمها لمهمته في حين تمارس في السياسة دوراً تخريبياً وتحريضياً حين تسمح لتلك الأطراف بدعم الإرهاب، بل تشجعهم على ذلك، وبعضها أعلن صراحة عن خطط لتسليحهم. فسورية ترفض أن تُتهم بما يرتكبه الإرهابيون، بل تطالب المراقبين أن يكشفوا بوضوح عن الأصابع والجهات التي تقف خلف هؤلاء الإرهابيين... وهنا الاختبار الأصعب الذي ينتظر مهمة السيد أنان، وقد سمع بشكل جليّ رؤية سورية الواضحة واستمع إلى أدلة كافية لما حصل وما يحصل.. ندرك جميعاً أن سورية قدمت ما يلزم من تسهيلات وتعاونت.. لكن بالتأكيد فإن السوريين يرفضون أن يكون وجود المراقبين الذريعة الجديدة التي يتم عبرها استهدافهم، وهذا ما يحتاج جميع السوريين أن يسمعوا إجابة السيد أنان عنه. |
|