|
إضاءات ولعل اللافت في هذه الاحصائية ليس العدد فقط وإنما خارطة الدول والبلدان التي يستقدم منها اولئك المهاجرين حيث يشير التقرير الى أن فرنسا احتلت هذا العام الترتيب الاول في عدد المهاجرين تلتها اوكرانيا في المرتبة الثانية ويضيف التقرير الى أن ثمة زيادة في اعداد المهاجرين قد حصلت قياساً مع السنوات الماضية بعد ان كانت قد تراجعت منذ عام ٢٠٠٦ على خلفية نتائج حرب تموز وانتصار المقاومة اللبنانية. وبنظرة تحليلية للبيانات الصادرة عن الوكالة اليهودية يمكننا الوقوف عند جملة من القضايا يأتي في مقدمتها ضرورة الربط بين حالة الاستقرار في الدول الاوربية أو غيرها من الدول حيث يوجد اليهود وموضوع الهجرة ودور الكيان الصهيوني في ذلك وكذلك التنظيمات الارهابية التي تخلق مناخات من الخوف والعداء تجاه العرب والمسلمين وادعاء استهداف الجاليات اليهودية في أوربا وتحديداً في فرنسا بهدف خلق ذريعة لتهجيرها او هجرتها الى فلسطين المحتلة وهذا يصب في خدمة المشروع الصهيوني الاستيطاني الذي يتأسس على فكرة تهجير اليهود الى فلسطين بهدف تكريس واقع ديموغرافي وإثني فيها . لقد بات الكل يدرك دور بعض المتنفذين اليهود ورجال الاعمال في احداث اوكرانيا وما وصلت اليه الامور في ذلك البلد من حالة اللااستقرار ما يعني الدفع بالعديد من المواطنين للهجرة خارج بلدانهم الاصلية والتوجه الى أماكن اخرى وهي في هذه الحالة فلسطين المحتلة ما يجعل المتابع للاحداث يكتشف الهدف من وراء اثارة القلاقل في هذه البلدان واين تصب بالنتيجة وما هي الاهداف غير المنظورة جراء ذلك لنكتشف الايادي الصهيونية التي تحرك ذلك المشهد . لقد استخدمت الصهيونية العالمية واستثمرت ما قامت به النازية بحق شعوب العالم ومن بينهم اليهود بهدف الدفع بهم للهجرة الى فلسطين في أربعينيات القرن الماضي مع تعاطف دولي مع الفكرة الصهيونية بحكم الاشتغال الاعلامي في الرأي العام الاوربي استثماراً في النفوذ الصهيوني وسطوته على الاعلام الغربي حيث الامبراطوريات الاعلامية اليهودية المتجذرة هناك (مردوخ وغيره) واليوم نرى التنظيمات الارهابية بمسمياتها المختلفة تقوم بنفس الدور حيث يتم الاستثمار والتوظيف الاعلامي لما تقوم به من اعمال ارهابية بهدف تشكيل الانطباع بأنها تستهدف الجاليات اليهودية في أوروبا لخلق ذريعة وفوبيا اعلامية للدفع بهم للهجرة الى فلسطين ما يحقق هدفين أساسيين أولهما الهجرة وثانيهما تعزيز ثقافة الكراهية تجاه الجاليات العربية والإسلامية المقيمة والمستقرة في البلدان الاوربية وضرب النسيج الاحتماعي في تلك الدول . إن تحول مراكز ثقل الهجرة للكيان الصهيوني الى أوربا وتحديداً فرنسا وأوكرانيا يحقق عدة اهداف الى جانب هدف الاستيطان فهؤلاء المهاجرون الجدد يمثلون في أغلبيتهم كفاءات علمية عالية والعديد منهم من اصحاب رؤوس الاموال والشركات ما يعني أنهم يساهمون في تدعيم الاقتصاد في دولة الكيان حيث تشير التقارير الاقتصادية الى أنه يعاني حالة من التراجع بسبب المشاريع الاستيطانية وعبء الدفاع خاصة بعد حديث مراكز الدراسات والبحوث الصهيونية عن تنامي الخطر من الشمال وتعاظم حالة الاحتجاج على سياسات التوسع الصهيوني الاستيطاني واندلاع بوادر انتفاضة جديدة بدأت ارهاصاتها الاولى منذ عدة اشهر وهي في حالة توسع وتنام مستمر . لقد اثبتت الاحداث التي شهدتها المنطقة العربية تحت عنوان ( الربيع العربي ) أن المستفيد الاكبر منه كان وما زال العدو الصهيوني وقوى الاستعمار الغربي فمن جهة ينتعش العدو الصهيوني وتتمدد ذراعه الجغرافية ليلتهم المزيد من الاراضي ويهوّد بعضها الاخر، ويضرب بيد الإرهاب الداعشي واخواته في أكثر من قطر عربي ولاسيما سورية والعراق ومحور المقاومة من جهة أخرى بهدف خلق مناخات واصطفافات جديدة في المنطقة تجعل الصراع العربي الصهيوني يتراجع للصفوف الخلفية وتبرز للسطح صراعات مصطنعة وزائفة هدفها ضرب البنى الوطنية والقومية وتشظيتها وتمزيقها وإدخالها في صراعات لا نهاية لها وهذا ما هو حاصل راهناً؟ |
|