تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يدركون أهميـــة ثرواتهم الطبيعية..

شباب
18 / 4 / 2011
طرطوس- غصون ديب

هل أصبحنا في وقت يصعب معه التعامل مع محيطنا وأعني هنا الطبيعة التي لا ندرك إلى الآن مدى الأهمية التي تقدمها لنا كبشر..؟

الجواب على الأغلب لا وإلا لما كان البعض منا تهاون مع غاباتنا وثروتنا الحراجية، إنها بلا شك ثروة لأن الغابات هي الحوض الأكبر لامتصاص الكربون الذي أصبحنا نستهلكه بكمية تزيد عن كمية الأوكسجين كل يوم جراء الصناعات والتطورات التي نعيشها....و لكن البعض أدركوا - ولو متأخرا - أن الاهتمام بهذه الثروة النباتية التي تشكل مساحات واسعة من محافظة طرطوس هو جزء من الاهتمام بالحياة ذاتها.... (جمعية حماية الطبيعة) شباب ورجال كبار تطوعوا ووقفوا إلى جانب بعضهم البعض من أجل حماية الغابات في طرطوس ومن أجل حماية المسطحات الخضراء المنتشرة في المحافظة بإمكانيات محدودة هؤلاء الأعضاء يقومون بعملهم الطوعي دون دعوة من أي جهة رسمية أو عامة.. فيزرعون ويقلمون الأشجار في غابات طرطوس القريبة والبعيدة منها ويشجرون الأماكن التي تحتاج إلى تشجير إنهم ببساطة يعيدون تأهيل الغابات التي تعتبر بحق «ذهب» العالم الكبير.. تضم هذه الجمعية شريحة واسعة من الناس وقد وصل عدد أعضائها حتى اليوم إلى مئتي عضو من شرائح عمرية ومهنية مختلفة...للتعرف على هذه الجمعية عن قرب قمنا بزيارة إلى مواقع عدة تعمل في إطارها جمعية حماية الطبيعة في طرطوس في البداية حدثنا مازن محمد مؤسس الجمعية قائلا: تأسست هذه الجمعية بتاريخ 20/3/2006 بترخيص من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وصاحب تأسيس هذه الجمعية نظام داخلي، هذه الجمعية هدفت إلى حماية الغابات من قطع الأشجار ونشر الوعي بين المجتمع الأهلي وزيادة المساحات الخضراء في المحافظة نظرا لما تشكله الغابات من أهمية بيئية كبيرة للإنسان فهي تقدم الأوكسجين لكل إنسان وتحمي البيئة من التلوث... وقد واجهنا صعوبة في البداية من قبل بعض الجهات المسؤولة في تقبل وجودنا كجمعية أهلية تعنى بالطبيعة وهنا أدركنا أن أمامنا مشواراً طويلاً حتى يدرك الآخرون أهمية عملنا وأن ما نقوم به هو للمجتمع بأكمله ومع الوقت أثبتنا للبعض أن العمل من اجل البيئة هو أسمى أهداف الجمعية وانه يجب العمل معا من اجل الحفاظ على غاباتنا التي عمرها مئات السنين وأن نعمل من اجل استمرارها من خلال مشاريع الزراعة وغيرها...‏‏‏

مشروع المشاتل الأهلية الحراجية...‏‏‏

كما التقينا الدكتور سامي (إدارة الجمعية) والذي حدثنا عن انتسابه لهذه الجمعية وعن المشاريع التي تقوم بها في محافظة طرطوس قائلا: إن حبي للطبيعة والتزامي تجاه حماية البيئة هو أكثر من هواية بالنسبة إلي وإن ما أقوم به هو مهمة اجتماعية وعلى الرغم من انشغالي بأمور المرضى في عيادتي فانا أجد أن الوقت الذي أمضيه بالعمل في الجمعية هو وقت مهم أيضا أؤدي من خلاله رسالة وطنية، أما جمعية حماية الطبيعة فهي‏‏

‏‏

جمعية أهلية لها خصوصية من حيث أهمية أهدافها وتتركز بالدرجة الأولى على نشر الوعي البيئي وحماية الطبيعة (الموارد الطبيعية – التنوع البيئي من غابات وحيوانات...) ويضيف إن تحويل الإمكانيات الطبيعية المتوفرة إلى إمكانيات تخدم الإنسان هو شيء مهم وهذا ما نحاول أن نفعله فنحن نزرع الغراس كل عام في مناطق مختلفة من المحافظة ويرافق هذه الأعمال نشاطات أخرى تخدم الغابات كتقليم الأشجار وحمايتها من الحرائق قدر الإمكان وتنظيف بعض المواقع الهامة في المحافظة وهنا يأتي سؤالنا عن المساعدات التي تقدم لهذه الجمعية سواء من الجهات العامة أو الجهات الخاصــة يقول الدكتــور سامي في هذا الخصوص: ضمن إطار مرفق البيئــة العالمــــي(مشروع المنـــح الصغيرة) تم توقيع مذكرة تفاهم بين برنامج الأمـــم المتحـدة لدعــم المشاريـــع (UNDP) وجمعية حماية الطبيعة في طرطوس من اجل (الحفاظ على الأنواع البرية الحراجية في محافظة طرطوس) وقد بلغت قيمة المنحة خمسين ألف دولار يضاف إليها خمسون ألف دولار مساهمات عينية ونقدية من قبل الجمعية ويهدف المشروع إلى زيادة القدرة الاستيعابية للغابات من غاز الكربون عن طريق برنامج لإنشاء مشاتل للأنواع البرية الحراجية، أما هذا المشروع (مشروع المشاتل الحراجية الأهلية) فمدته ثلاث سنوات وهذه هي السنــــة الثانيـــــة، أما عدد المشاتل المنتشرة في المحافظــة فهي سبعة مشاتل وهـــي (الصفصافة، المشتى، السيسنية، بعمرة، صافيتا، القمصية، رويسة الطير) وتحوي هذه المشاتل بمجموعها خمسين ألف كيس على مدار ثلات سنوات وعن الأنواع التي باشرنا في زراعتها الأنواع الحراجية القليلة في المحافظة والتي لها فوائد بيئية وهي السنديان والبلوط و الزعرور إضافة لزراعة أنواع أخرى كالسماق والغار والبطم والعناب وهكذا واصلنا العمل على زراعة الغراس على مدار العام وختم قائلا: نتمنى من الجهات المحلية التعاون مع الجمعيات الأهلية والذي يبدو أن هذا التعاون حتى اليوم ضعيف...!‏‏‏

شباب اختاروا التعامل مع الغابات‏‏‏

على قضاء وقت فراغ.....‏‏‏

‏‏

الممرضة رماح حدثتنا قائلة: سمعت في البداية بهذه الجمعية الأهلية وبعدها تعرفت على أهدافها وعلى أعضائها الذين يشكلون أسرة واحدة ولأنه لدي اهتمام بالطبيعة تأكدت من ضرورة وجودي في هذه الجمعية التي شكلت لدي متنفساً أمارس فيه هواية أحبها وقد أعجبتني روح الجماعة التي لمستها بين أعضاء الجمعية وأهم شيء أن المشاركة طوعية ونحن نتعلم من بعضنا البعض وقد تعلمنا أفكاراً كانت تغيب عن أذهاننا أحيانا جراء ضغوط الحياة ومنها أهمية عدم قطع الأشجار وعدم رمي الأوساخ من خلال زياراتنا لطبيعتنا الخلابة وللمنتزهات في قرانا... وأخيرا أتمنى انضمام الآخرين للجمعية التي هدفها نشر الوعي البيئي بين المجتمع الأهلي..‏‏‏

ماهر احد أعضاء هذه الجمعية سعيد بهذا العمل الذي لم يعد تجربة بالنسبة إليه على ما يبدو فهو انتسب لجمعية حماية الطبيعة منذ ثلاث سنوات وقد حدثنا عن انضمامه لهذه الجمعية وعن أهمية العمل الذي يشارك به الأعضاء في هذه الجمعية....قائلا: جمعية حماية الطبيعة جمعية أهلية والعمل في هذه الجمعية يرتكز على إعادة تأهيل الغابات (تقليم – قطع- تشجير – العناية بالاحراج) كما ان المشاركة غير ملزمة في هذه الجمعية والباب مفتوح للجميع من اجل التطوع كما تضم هذه الجمعية طلبة من الجامعات أيضا...تمويل هذه الجمعية خاص ولا يوجد حتى الآن أي دعم من الجهات الرسمية أو العامة..! ويضيف ماهر أنه ومن خلال مشاركتي في أعمال هذه الجمعية تم إعادة تأهيل عدد من غابات المحافظة منها غابة مشتى الحلو وغابة بعمرة وفي غابة السيسنية التي بقينا فيها ثلاثة أشهر... أيضا في غابة بملكة ونتيجة العمل المتواصل في هذه القرية الجميلة أعجب بعض المغتربين من هذه القرية في الخارج بما قمنا به من تجميل القرية والعناية بمساحاتها الخضراء وشكلوا لجنة لإعادة تأهيل بملكة جمالياً من خلال تزيين شوارعها ومناطقها المختلفة...ولا يقتصر عمل جمعية أعضاء حماية الطبيعة على الاهتمام بإعادة تأهيل بعض الغابات وحسب، بل يمتد هذا العمل الطوعي إلى أعمال إنسانية أخرى كالاهتمام بالنظافة العامة وتشجير شوارع المدينة ويختم ماهر إن اكبر خطر يهدد الغابات هي الحرائق التي يكون سببها في الغالب خطوط الكهرباء ومحطات تحويل الكهرباء والاستيلاء على أراضي الغابات من قبل البعض..!‏‏‏

أحلام حدثتنا عن مشاركتها في الجمعية قائلة: إنها تجربتي الأولى خارج إطار العمل الأمر والذي شجعني هو أن الجمعية ضمت فئات عمرية مختلفة واشعر بالتفاؤل عندما اعمل مع البقية وأن لعملي معنى مضيفة: إن روح المشاركة أهم شيء ويحصل أحيانا أن اشعر بالندم عندما أتغيب عن هذا العمل الرائع والممتع في نفس الوقت...!‏‏‏

هذا وقد ضمت الجمعية البعض من أصحاب الأعمال المهنية أيضا وقد التقينا احدهم وهو لوسيان الذي عبر عن فرحته بالانتساب لهذه الجمعية التي يعتبرها أهم شيء قدمه لهذا الوطن مؤكدا على ضرورة مشاركة جميع الناس في العمل من اجل الحفاظ على بيئة نظيفة والتي تحمي الإنسان من خلال غاباتها الخضراء.. أما حسن الذي انتسب للجمعية عام 2007 قال: إضافة لعملي في ورشة سيارات أعمل مع أعضاء جمعية حماية الطبيعة يوم عطلتي فأقوم بأعمال الزراعة وتقليم الأشجار ولا يقتصر عملي على وقت محدد في السنة بل في كل أوقات السنة...‏‏‏

الدكتور نقولا احد الأعضاء ترك عيادته ليرافقنا في جولة إلى احد المشاتل في طرطوس بكل ود وقد حدثنا قائلا: انتسبت للجمعية منذ عام تأسيسها انطلاقا من حبي للطبيعة الخلابة وخاصة في محافظتنا الجميلة وقد زاد تعلقي بهذه الجمعية منذ ذاك الوقت وعبرت عن ذلك بنقل هذه الهواية إلى أسرتي التي أصبحت تشاركني في الأعمال التي نقوم بها في الجمعية‏‏‏

صعوبات وتجاوزات...!‏‏‏

مشاكل وصعوبات حملنا إياها معظم الذين التقيناهم، هذه الصعوبات التي قالوا إنها تعترض مسيرة عملهم البيئي والإنساني ونحن نلخصها بدورنا: فقد طالبوا بضرورة إشراك الجهات المعنية من (المياه – الثروة الحيوانية – البيئة - الزراعة ) وغيرها... في عملية حماية الغابات والمساحات الخضراء من المخاطر التي تتهددها وفي مقدمتها الحرائق التي يكون معظمها جراء أخطاء يرتكبها الإنسان وهنا لفتوا إلى عدم وجود طرق زراعية أو ما يسمى (خطوط نار) كافية في معظم المناطق التي تتعرض للحرائق كي تتاح للآليات التي تقوم بإطفاء الحرائق بإنجاز مهامـــها، وهناك القطـــع الجائــــر الذي يكثر حسب ما قيل لنا والأخطـر أن مرتكبـي هـــذه التجاوزات _ التي من المفترض أنها جرائم يعاقب عليه القانـون _ يتم التغاضي عنهم من قبل بعض المسؤولين...! احدهم اخبرنا أن المخافر الحراجية تعمل بطريقة سلبية واغلبها مقصر في عمله تجاه حماية الغابات بشكل عام وهي لا تقوم بواجبها كما يجب فعلى سبيل المثال يتم تجاهل من يقطعون الأشجار الحراجية وخاصة النادرة والعبث بها وتخريبها وأضافوا: عندما تقدمنا بشكاوى للجهات المحلية فقد قوبل طلبنا بالرفض والتجاهل وخاصة من قبل بعض الجهات المحلية كما حصل معنا في صافيتا والسؤال أين الجهات المعنية من كل هذا ولماذا لا يتم العمل بتطبيق قانون الحراج وخاصة ما يخص العقوبات التي ترتكب من قبل المخالفين والمتجاوزين...؟‏‏‏

ختاماً...‏‏‏

لا شك أن لهذه الجمعية وكما رأينا أهدافاً إنسانية بالدرجة الأولى وعلى الرغم من أن انتشارها بين الناس ضعيف لعدم تناولها إعلاميا - كما يقول البعض من أعضائها- فان العمل الطوعي الذي يشكل ركيزة أساسية لاستمرارها يجسد الوعي الكبير بين الشباب بشكل خاص وخاصة فيما يخص وعيهم للبيئة المحيطة بهم وأهمية استمرارها للأجيال القادمة... ولذلك نتمنى من الجهات المعنية التعامل مع الجمعيات الأهلية بجدية أكثر وبالمسؤولية التي تمليها المصلحة العامة والجمعيات الأهلية بدون شك تمثل النموذج الأول للنهج التشاركي....‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية