تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نتنياهو.. القابع في القبو!

هآرتس
ترجمة
الأثنين 7-3-2011م
ترجمة : ريما الرفاعي

 بعد تصريحات زعيم حزب الله حسن نصرالله التي هدد فيها بالسيطرة على منطقة الجليل، رد  رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بطريقة متباهية وصبيانية قائلا:  «من يوجد في القبو فليبق في القبو».

ولكن بعد بضعة ايام دعا نتنياهو  الاسرائيليين من على منصة الكنيست للانضمام الى قبوه هو ملوحا بالصواريخ التي تطلقها حركة حماس من قطاع غزة. وجه اللوم الى الاغبياء الذين تجرؤوا على الخروج من قبو غوش قطيف لينتهي الى تخويفنا مجددا بالتهديد الايراني. واقترح نتنياهو علينا جميعا  الخروج مما يعتبره «فهما خاطئا» والاعتراف بان منطقتنا غير مستقرة، وان الشيء الوحيد الذي يساعدنا في هذه الظروف هو قوتنا ووحدتنا وتصميمنا على الدفاع عن انفسنا. هذه خلاصة مفهوم رئيس وزراء «اسرائيل» للمتغيرات التي تعصف بالشرق الاوسط، لينتهي الى نتيجة مفادها ان خروجنا من قطاع غزة كان خسارة يجب تعويضها بمواصلة الاستيطان في  الضفة الغربية.‏

غير ان نقطة الضعف الاخطر في مفهوم نتنياهو، تكمن في نفيه الصلة بين الواقع في المنطقة و النزاع الاسرائيلي – العربي.  وقبل 12 سنة توقف البروفيسور برنار لويس في كتابه «مستقبل الشرق الاوسط» عند الدور المهم الذي لعبته «اسرائيل» في الصراع الناشئ بين مؤيدي الديمقراطية الليبرالية وأنصار الاصولية الاسلامية. وكتب لويس بانه في العصر الذي اصبحت فيه القومية العربية والصراع ضد الامبريالية من ذكريات الماضي، فإن الصراع ضد اسرائيل بقي العامل الوحيد المشترك بين العرب. وعلى حد تعبيره، فان الصراع الإقليمي بين الايديولوجيات الديمقراطية والأصولية سيقرر مستقبل العلاقات الاسرائيلية – العربية.‏

        في نهاية عهد حكومة نتنياهو الاولى، رأى المستشرق اليهودي الشهير ان سلوك بعض الحكومات في «إسرائيل»، خدم القومية العربية أكثر مما فعله أي زعيم عربي منذ جمال عبد الناصر. وتوقع لويس ان تتوقف المسيرة السلمية بل وان تتراجع بسبب تزمت ، بل غباء الزعماء غير المجربين في المنطقة، او الخليط الفتاك من الامرين معا . وبعد 12 سنة يعزز زعيم «اسرائيل» بتزمته او غبائه، هذه النظرية ويضعف القوى المعتدلة في المنطقة.‏

قبل ايام، قال نتنياهو ان على «اسرائيل» أن تأخذ في الحسبان القوى الاسلامية المتطرفة، وبالاساس ايران، التي تحاول استغلال الهزة الارضية وتخريب الاصلاح الديمقراطي. ولكن كيف «يأخذ بالحسبان» هذه القوى المهددة؟ بدلا من أن يبدأ مفاوضات مع الحركة الوطنية الفلسطينية على اراضي الضفة الغربية، يلوح نتنياهو بسابقة تسليم اراضي قطاع غزة الى حركة حماس دون مفاوضات. فهل نتنياهو لا يفهم حقا ان تعميق الاحتلال هو الذي يعزز حماس وحزب الله ووداعمهما الايراني، وليس حل النزاع بالطرق السلمية؟‏

ان الهزات التي تعصف بالمنطقة كان ينبغي لها أن تذكر نتنياهو بأن التمترس في القبو ليس هو الوصفة المناسبة لتحقيق الاستقرار. وعليه ان يكف عن محاولاته لاستغلال الخوف الطبيعي من اوضاع انعدام اليقين كي يتجمد في موقعه. ان العمليات الفلسطينية ضد «إسرائيل» ساعدت نتنياهو مرتين على طرد معسكر السلام من الحكم. ومنذ أن توقفت عمليات التفجير في الحافلات، يتمسك نتنياهو بذريعة القنبلة الايرانية. يوجد «لاسرائيل» نزاع مع العالم العربي، وليس مع العالم الاسلامي. بعض من قادة جبهة الرفض الفلسطينية مثل جورج حبش ونايف حواتمة كانوا مسيحيين. وقد قتل عدد أكبر من اليهود بسبب ايمانهم الديني على ايدي مسيحيين متزمتين مما قتل على ايدي مسلمين.‏

والرئيس أنور السادات كان مسلما مؤمنا ومنذ بداية طريقه كان في دوائر الاخوان المسلمين. ولتبرير معاهدة السلام مع «إسرائيل» تعلق بآية من القرآن: «اذا جنحوا للسلم فاجنح لها». هذه الآية استقبلته في يافطات كبيرة في القاهرة لدى عودته من القدس. اما ياسر عرفات، الذي كان مسلما متمسكا بدينه، فقد تبنى مبادرة السلام العربية في آذار 2002. وأقرت المبادرة بعد ذلك من 57 دولة اسلامية عضو في منظمة المؤتمر الاسلامي ، بما فيها ايران.‏

ولكن، ماذا سيحصل اذا ما انتصرت الثورة الديمقراطية بعد تونس، ومصر، في ليبيا والبحرين ودول اخرى؟ هل عندها سيوافق رئيس الوزراء على تجميد المستوطنات، أو التنازل عن غور الاردن وتقسيم شرقي القدس؟ ما الذي يجب أن يحصل كي يخرج نتنياهو رأسه من القمقم القابع فيه وحيث يحاول ان يحبس«إسرائيل»هناك أيضاً.‏

 بقلم: عكيفا الدار‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية