|
رسم بالكلمات وأنا أحيطها بذراعيَّ... لكنَّ هذا الكتفَ العاري كرخامٍ مصقولٍ أبى أن يُحاط, فينزلقُ تحتَ يديَّ كسمكة, ويهربُ من ذهولي كطفلٍ شقي... سيقصدُ كعبُ حذائها العالي أنْ يكونَ وجهها أمامَ وجهي, وثغرها أمامَ فمي... وجمالها أمامَ حرماني... سيدهشني لجينُ جبينها.. يبزغ ُ خلسةً بين خصلاتِ شعرها الخرنوبية, ويعود ليختفي كليلةٍ خريفيةٍ لا يكلُّ فيها ضوءُ القمرِ عن استغفالِ غيوم السماءِ ليعانقَ آفاق البحار.. ويختفي. ستهمسُ على مشارفِ أذني .. أتحبني؟ آهٍ ما أشهى السؤالَ الذي يولدُ بعدَ جوابهِ بدهرٍ.. بدهرين! وما ألذَ الكلمات التي تستقطبُ نبضَ العروقِ إلى منبعها. ستبقى المسافة بين فمي وأذنها عذراء.. بلا كلمات,وتبقى رفرفةُ سؤالها وأجنحةُ حروفه تخفق في قلبي, وتدعوني إلى الطيران ِ بعيداً عن عقاربِ الساعات ولؤمِ الزمنْ .. أهوَ ارتفافُ فستانها الذي يزوبعُ قدميَّ؟ أم صهيلُ أصابعي المتغرغرةِ في لحاءِ ِخصرها المورقْ؟ أتحبني..؟ أهوَ مجرد سؤالٍ أم أرادت بهِ حباً موقوتاً سينفجرُ الآن ويقتلني؟ هي التي قالتْ منذ ُ سنين لأحدٍ ما- سوايَ- « لن أبادلهُ الحبَ..إنْ لم أجد في حبهِ لي شيئاً ما سيقتلهُ » هي التي قالت وأنا الذي أحببت, وهي التي لم تبحث عن شيءٍ في حبي وأنا الذي قُتلت. ستغامرُ يدايَّ تحتَ قرطيها الذهبيين. .ستصيرُ دخاناً ينضحُ من خلفِ أذنيها وتتساقط شلالَ ضبابٍ حولَ محيط عنقها, أتجنُ يديَّ بمعزلٍ عني؟ سأطلقُ لها العنان لو فعلت, لتتشرد في براري أنثى فائقة الخضرة والتورد.. أمن شيءٍ يضاهي التشردَ الذي يعتمدُ الجنونَ بوصلة له؟ ستتعبُ من الرقص ِ قريباً وسيلمعُ ما كشفَ منْ جلدها بتعرقٍ ندي, وتطلبُ مني بصوتٍ تملؤهُ الرقة: «لقد تعبت .. لنعد إلى طاولتنا » سنعودُ معاً.. مُخلفاً تحتَ قدميها, على قاعةِ الرقص, أحلاماً لا تكتمل. سنصلُ إلى الطاولة, أسحب كرسيها وتأخذ مكانها, أعيد الكرسي وتجلس, وأعود أنا إلى يدي التي أمدّها.. لتبادرَ بأطرافِ أصابعها .. تنظرُ بصمتٍ إلى قائمةِ الطعام وتهمسُ في عيوني: « أيها النادلْ .. أريد كأساً من النبيذِ وبعض المكسرات.. لو سمحت.» |
|