|
من داخل الهامش ربما كنا نبالغ فما ندعيه أو نذهب إليه، فما من حقيقة مطلقة ونشاط ثقافي واحد ليس مقياساً أبداً، أتابع المراكز الثقافية منذ عشرات السنين حضوراً وفي النادر نشاطاً، ولست هنا بصدد الدفاع عنها، فأرى أن موضوع النشاط، والمحاضر لهما الدور الكبير في استقطاب الجمهور، وبالوقت نفسه تجد أصدقاء مركز ما يواظبون على الحضور الدائم لأي نشاط، اذهب إلى ثقافي أبي رمانة فستجد صحة ذلك، ستجد من تجاوز الثمانين ولا يترك محاضرة أو أمسية شعرية إلا ويتابعها.. إذاً هي مسألة اعداد ومواظبة واهتمام. وبالوقت نفسه ترى من يدعي أنه مشغول بالهم الثقافي لا يكلف نفسه عناء الذهاب لعشرات الأمتار لمتابعة أي نشاط مهما كان... ومع ذلك ينبري للكتابة النقدية، ينظر في النقد والثقافة ويبكي الحراك الثقافي، ملقياً اللوم على القيمين على المراكز والصروح الثقافية، ولا ينظر الى نفسه إلا من باب أنه ناقد يكتب ويشرح ويشخص، لنفترض أنك طبيب فهل تصف الدواء قبل أن ترى المريض..؟! أحد المهتمين بهذا الجانب دبج مقالاً طويلاً عن أمسية شعرية في مركز ثقافي بالعاصمة دمشق، لم يكن موجوداً خلالها أبداً، صحيح أنه استشهد بمقاطع شعرية، وقدم وأخر بمصطلحات نقدية جاهزة لكل نص إبداعي، لكن الحقيق أنه لم يقترب من المركز أبداً، ونادراً أن تراه في فعاليات ثقافية وهذا ليس إلا واحداً من الذين ينصبون أنفسهم نقاداً، لهم الحق في الكتابة عن أي شيء ودون الاستناد إلى أي حقائق. المهم أن يدبج هؤلاء مقالات نقدية تنعي العمل الثقافي وحراكه ويعلنون أنه قد مضى إلى غير رجعة، ربما يكونون صادقين ومن باب المصادفة في بعض ما يذهبون إليه لكن الأهم من ذلك أنهم أبعد الناس عن هذا الحراك، ونقدهم ليس إلا هجوماً لواقع حال يجب أن نشارك جميعاً بالارتقاء به، حضوراً ونشاطاً ومتابعة، ولكن ليس عن بعد ومن خلال السمع.. وحده المشاركة تفعل وتثري نشاطنا وحراكنا الثقافي وتعطي للنقد مصداقيته، مهما كان قاسياً تجعله حقيقة، لا نقداً هجومياً. |
|