تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وعالمهم الافتراضي نافذتهم على العالم

شباب
الاثنين 7-3-2011م
علاء الدين محمد

التواصل عبر الانترنت بتنوعه هل يمكننا اعتباره إشكالية؟ أم أنه أتاح فرصاً مختلفة للشباب لتواصل واسع .. ومنفتح على بلدان كثيرة؟.. كيف يرى الشباب التواصل عبر الانترنت.. وهل قيد تواصلنا الإنساني.. المباشر والقريب؟

‏‏

حول هذا الموضوع التقينا مجموعة من الشباب والشابات لنبحث معهم ما الذي يحقق لهم التواصل في العالم الافتراضي؟‏

ميادة: ترى أن الحياة التي نحياها باتت تجرفنا باتجاهات لا نختارها بل هي التي تختارنا.. عندما تخذلنا علاقاتنا الإنسانية التي نكون قد كوناها عبر وقت طويل في أبسط موقف لنكتشف أننا وحدنا دون أي صديق يمكنه أن يقف معنا في أزماتنا فإن هذا الأمر يجعلنا نعيش في حالة انكفاء ذاتي ولكن لا يمكن إلا أن نتواصل مع آخر نحتاج إليه حتى لو كان بعيداً، الوسائل الحديثة حلت هذه المشكلة، خاصة (التشات) عبر الانترنت وهي غير مكلفة ومفتوحة على العالم أجمع ويمكنها أن تجعلك تعيش حالات متجددة وأن تشعرك بالثقة لأن من يتحاور معك لا شيء يجمعك معه سوى العقل وهو يحرض فكرك على نقاشات متناهية، لكن علينا التعامل بحذر فالحذر مطلوب لأنني صدمت كثيراً من قصص سمعتها من صديقاتي عن شباب انتحلوا شخصية فتيات وكانت النهاية مروعة، إذاً التواصل الإلكتروني يقتضي التوخي والحذر الكبيرين.‏

أما أمين يقول: بصراحة أحب التواصل عبر مختلف الوسائل الإلكترونية مع (الجنس اللطيف) أرتاح لهذه الحالة وأعتبر أن صداقاتي التي كونتها عبر الانترنت مهمة جداً فهي تتيح لي فرصة التعرف على (فتيات) من مختلف دول العالم وباعتبار أنني أعشق السفر فهي تفيدني في حال قررت الذهاب إلى بلد ما.. وبالطبع أنا لا أرفض التواصل عن قرب بل أسعى إليه حتى مع من تعرفت إليهن عبر الانترنت.‏

وللشابة رنا رأي مختلف بعض الشيء تقول يشعرني (الماسنجر) بالحرية أكثر من أي شيء آخر فمن يعجبني أستمر في التواصل معه ومن لا يعجبني ألغيه بكبسة زر.. بينما العلاقات عن قرب أصبحت فعلاً تشكل عبئاً.‏

أليس التواصل الإلكتروني أجدى.. خاصة أنه عن بعد ويتيح لي تواصلاً فكرياً عميقاً بدلاً من إضاعة وقتي بالتفاهات.‏

بدوره الشاب خالد يروي لنا حكايته مع هذا الموضوع ويقول: أنا منذ أكثر من خمس سنوات وأنا أستخدم الانترنت للتواصل ليس مع شباب في العشرينات فقط بل مع مختلف الأجيال.‏

لا أنكر أنني في أزماتي وفي لحظات ضعفي كنت ألجأ إلى أصدقائي - الالكترونيين- إن صح التعبير لكن لا تنتهي أزمتي إلا عندما ألجأ إلى أصدقاء حقيقيين.. أستمع إليهم شخصياً أشعر بانفعالاتهم، إلا أنه لا يمكن بأي شكل أن نستغني عن الأشخاص الحقيقيين، عن الدفء الإنساني.. نحتاج لبعضنا عن قرب لنكون أقوى وأنا أؤمن بالمثل الذي يقول: (إن خليت خربت).‏

وللشابة رغداء رأي آخر تقول: من منا لا يريد تطوير أدواته واستعمالها بحرية وبتعقل أيضاً عبر الوسائل الإلكترونية ومن منا لا يحب التواصل المباشر مع الآخر ليتسنى له تذوق انفعالاته الدافئة وحتى غير الدافئة.. من أجل تصويب السلوك وترشيده لكن في الكثير من الأحيان تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.‏

بطبيعة الحال أنا أؤمن بالتواصل المباشر مع الآخر وأفضله على التواصل الالكتروني على الرغم من أهميته في السرعة واختصار الوقت والمسافات مع هذا كله لا يمكن أن يكون بديلاً عن التواصل المباشر.‏

رأي اختصاصي‏

نقلنا هذا الموضوع إلى الدكتورة كناري الحلبي كلية التربية جامعة دمشق حيث أشارت إلى أن التواصل لدى الغالبية العظمى من شبابنا في أيامنا هذه أصبح الكترونياً والسبب يعود إلى اتساع الهوة بين جيل الشباب وجيل الأهل والذي بدأ يظهر بشكل أكبر مع التقدم التكنولوجي السريع وبالتالي فما هو واجب وصحيح قد يكون لاقيمة له لدى جيل الشباب،‏

لقد افتقدنا أسلوب الحوار والاستيعاب بين الشباب والأهل ،فلا الراشدون يتفهمون مطالب الجيل الشاب ولا الجيل الشاب قادر على تفهم أو تقبل أفكار من هم أكبر منه سناً وهذا ما يؤدي إلى ضعف التواصل الاجتماعي المباشر واتجاه الشباب إلى التواصل الكترونياً، الخلل يعود إلى تغيير بنية المجتمع فلم تعد الأسرة هي المنبع الوحيد والمساهم الأساس في التربية وبلورة قيم ومبادئ الجيل الشاب ولا تعلم أبناءها مهارات التواصل كما كان سائداً من قبل لذلك وسائل الاتصال الحديثة طغى دورها على دور الأسرة إضافة إلى ازدياد متطلبات الحياة والضغط الزائد على الفرد كل هذا ساعد على ضعف التواصل المباشر، في الماضي لم يكن لدينا متطلبات ضرورية كالموبايل والانترنت ولم يتطلب منا كل هذه النفقات المادية المكلفة.‏

أما الآن ومع تزايد المسؤوليات يلاحظ أن التواصل الأسري والاجتماعي بشكل عام يكاد ينعدم وهذا بدوره انعكس على علاقة الشباب بالمجتمع مادفعهم إلى تفضيل التواصل الالكتروني على التواصل المباشر إضافة إلى ذلك أن الشاب يشعر براحة أكثر عند التواصل الالكتروني والسبب يعود إلى الحرية في البوح بالمشاعر والآراء والأفكار دون خجل وعدم الافصاح عن الهوية وإن أفصح فهو لا يعرف الطرف الآخر معرفة مباشرة وبالنسبة للفتاة فإن عادات وتقاليد المجتمع التي تقيد حريتها بالخروج وخاصة في الأوقات المتأخرة تدفعها هذه الظروف إلى التواصل الالكتروني فهو أسهل وممتع ومتاح بشكل أكبر.‏

إن الانترنت والموبايل وجميع وسائل الاتصال الحديثة الأخرى مهمة في حياة كل فرد منا ولكن علينا أن نحسن استخدامها فيجب ألا تحل مكان التواصل الاجتماعي فلكل دوره وأهميته ولا يمكن الاستغناء عن أحد هذه الأساليب في التواصل ولكن يجب استغلال ما هو ايجابي ومفيد لنا في كل نوع من هذه الأنواع مباشراً كان أم الكترونياً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية