|
شباب «هي الخيوط الأساسية في نسيج الشخصية الإنسانية ومعرفتها وخاصة قيم الشباب التي تمثل مفتاحاً يكشف مناحي تطور الأجيال الجديدة التي سيؤول إليها أمر اتخاذ القرار فيما يخص المستقبل» وتضيف قائلة: إنها تعد القيم من الوسائل المهمة للتميز بين أنماط الأفراد والجماعات فهي تتغلغل في حياة الناس وترتبط عندهم بمعنى الحياة ذاتها انطلاقاً من ارتباطها بدوافع السلوك والأهداف ولذلك عرفت القيم بأنها من الأمور المادية والمعنوية التي تكون موضع طموح أبناء المجتمع وتقديرهم وتتجلى في تبني الأفراد مفاهيم معينة أو تتمثل في ولاءات توجه أنشطتهم وتجعل من هذه الأنشطة مصدراً للرضا في حياتهم وعلى ذلك يمكن اعتبار القيم «أفكار حول ما هو مرغوب فيه أو غير مرغوب فيه». ووفقاً لذلك فقد يختار الفرد قيمة ما ثم يقوم بممارستها وتوظيفها وتكرار استعمالها في الحياة اليومية ثم قد يغير وجهة نظره لموضوع معين عندما تكون القيم نتاجاً للتعلم إذا سلمنا بأن القيم هي نتاج للتعلم فهذا يسوغ استنتاجاً قائلاً: إن الأفراد يتباينون في قيمهم نتيجة لتباينهم في الكثير من العوامل كالسن والجنس والقدرات والخبرات التعليمية والوضع الاقتصادي والخلفية الثقافية. وتشير الدكتورة أبيض إلى أن بعض الدراسات قد بينت تأثير الخبرات المدرسية في تشكيل أو تغيير أو تعديل القيم ذات العلاقة بالعمل المدرسي ومفهوم الذات والعلاقات الاجتماعية وبعض جوانب السلوك الأخلاقي كما وأشارت بعض الدراسات التي تناولت أثر الحياة الجامعية والمناخ الجامعي في القيم الأخلاقية والسياسية والاجتماعية والدينية عند الطلاب أن التفكير النقدي لهؤلاء الطلاب يزداد بازدياد سنوات دراستهم الجامعية نظراً لأنهم أصبحوا أكثر قدرة على نقد الآراء والقيم التقليدية السائدة وأكثر تقبلاً للآراء والأفكار الجديدة. ويبين عميد كلية التربية د.أحمد كنعان أنه من خلال ملاحظتنا لترتيب القيم من منظور الشباب الجامعي حسب الدراسات التي أجريت لعينات منهم فقد احتلت القيم الروحية والأخلاقية المرتبة الأولى حسب أهميتها من بين القيم المطروحة وهذا دليل واضح على تمتع الشباب الجامعي بروح أخلاقية على الرغم من تسلط المادية على المجتمعات البشرية. كما يمكن أن تفسر هذه النتيجة على أنها ردة فعل لإحساس أضحى شبه مفقود في مجتمعات غير المجتمع العربي وهو الإحساس بالتدهور الأخلاقي وما ارتفاع نسبة الانتحار في البلاد الغربية إلا دليل واضح على عدم الرضا في حياتهم وعلى ذلك يمكن اعتبار القيم «أفكار حول ما هو مرغوب فيه أو غير مرغوب فيه». ووفقاً لذلك فقد يختار الفرد قيمة ما ثم يقوم بممارستها وتوظيفها وتكرار استعمالها في الحياة اليومية ثم قد يغير وجهة نظره لموضوع معين عندما تكون القيم نتاجاً للتعلم إذا سلمنا بأن القيم هي نتاج للتعلم فهذا يسوغ استنتاجاً قائلاً: إن الأفراد يتباينون في قيمهم نتيجة لتباينهم في الكثير من العوامل كالسن والجنس والقدرات والخبرات التعليمية والوضع الاقتصادي والخلفية الثقافية. ولم تقل القيم الإنسانية أهمية عن سابقتها ما يدعو للتفاؤل كوننا نعيش في مجتمع عرف إنسانية الإنسان وجسدها قولاً وفعلاً كون «الإنسان غايةالحياة ومنطلقها» بينما في الغرب ينظر إلى الإنسان كوسيلة لا غاية، فالقتل والتدمير والإرهاب وما يقع من ظلم لا يعني للغرب شيئاً طالما يخدم مصالحه وأضحى من يدافع عن حقه إرهابياً ومن رد الظلم عن نفسه أو رد على الظلم بالمثل أو بشبه منه مداناً وبذلك تصبح لديهم الهيمنة هي الحق أما القيم المعرفية والثقافية فتأتي بالمرتبة الثالثة وتتجسد من خلال إيمان الشباب بأهمية العلم لمسايرة ركب الحضارة مع الأخذ بعين الاعتبار ما يناسب ثقافتنا العربية أولاً. وتبين هذه الدراسات حسب رأي د. كنعان أن تراجع القيم القومية والوطنية إلى المرتبة الرابعة ليس إلا ردة فعل طبيعية على ما يشعر به الشباب العربي من اغتراب داخل الوطن العربي في ظل هذه الظروف التي أضحت فيها الأمة على شفا حفرة من الوقوع في شراذم ضياع الهوية القومية. ولم يأت ضعف الثقة في الوحدة العربية إلا من خلال ما قدمنا مضافاً إلى ذلك التخبط الذي يعيشه العرب بين الخلاف والغموض حول كينونة الوحدة العربية وماهيتها وقد كان الشباب العربي ومازال على الدوام يدفع ضريبة هذا التخبط. وتراوحت القيم الصحية والوقائية والاقتصادية والاجتماعية وتكامل الشخصية بين مد وجزر ما يمكننا القول إن الشباب يعاني من قصور واضح في تجسيد هذه القيم علماً أن قيمة تكامل الشخصية على سبيل المثال لا تقل أهمية عن تلك القيم التي دعوناها بالقومية والوطنية كونها تمثل الثقة بالنفس واحترام الذات والقيادة الديمقراطية والتصميم والإرادة والتفاؤل بمستقبل قومي مشرق ينبع أصلاً من هذه القيم. وتراجع القيم الروحية والجمالية والرياضية إلى المرتبتين الأخيرتين بين منظور الشباب الجامعي ليس دليلاً واضحاً على قلة أهمية القيم بيد أن التصور الواضح لمفهوم هذه القيم لم يتجسد بصورته الحقيقية عندهم وقد يكون مرد ذلك إلى انصراف تفكير الشباب بالقضايا التي يعتبرونها أكثر أهمية من جهة وعدم القدرة على توظيف وقت الفراغ بالشكل الأمثل إضافة لما يعانيه هذا الشباب من خوف من المستقبل ما يخلق نوعاً من الإحباط والكآبة ومرد ذلك للوضع الاقتصادي الذي يعانيه معظم الشباب الجامعي من جهة وما يشهده العالم من حروب وقتل وتدمير وكوارث ومجاعات من جهة أخرى. والجدير ذكره بغض النظر عما سبق فإن تطور القيم وتغيرها ناجم جزئياً عن تأثير الفرد بمعايير جماعته وقيمها سواء أكانت جماعة المدرسة أم الجامعة أم النادي أم المهنة حيث تلعب هذه الجماعة دوراً مهماً في تحديد قيم الفرد وقد تؤثر التغيرات العاصفة في العالم على المنظومة القيمية للشباب بما يخدم أهدافهم أو بقيم قد لا تنسجم مع طموحاتهم ما يجعل الاهتمام بهم ومعالجة قضاياهم في سلم الأولويات وفي ذلك خدمة للمجتمع بكامله. |
|