تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ذكريات شجرة

شباب
الاثنين 7-3-2011م
غزوان بزي

تعال أيها الشتاء، واكنس ما تبقى من أوراقي... لا تُبطىء المجيء.. فإني أنتظرك هناك..

حيث التقينا لأول مرة.. أتذكر!؟ كنتُ وقتها صغيرة وخائفة.. هناك عانقتني.. بكيتُ أنا.. هربت منك.. تمايلت.. خفت منك.. من الموت.. وعندما ضحكت في وجهي هدأت نفسي واستقرت أغصاني.. أحببتك.. رأيت عينيك تبكي فأشفقتُ عليك.. كنت أعرف يومها بأن لقاءنا هذا حتمياً كالموت والولادة.. هكذا أخبرتني أمي الأرض.. كان عقلي متجمداً ولم أستطع أن أبوح بكل ما لدي من شوق وحزن وقلق.. أنت وحدك من غيّر كل شيء.. بدأ بشكلي وشكل الأرض.. حتى لوني ولونها تغير وأطلقت في نفسي وقلبي قشعريرة وبرودة.‏

كان بياض وجهك وصفاء قلبك يأسرني فيضعفني لأقف عاجزة عن ردعك بينما جاءت قوة تأثيرك لتنسيني ما تنسيني.. حديقتي كانت فارغة.. هادئة إلا من صوتك ورائحتك التي ملأت أنفاسي وحركت روحي.. انطلقت في كل شيء وبدأت تغيّر وترسم لوحاتك على جدران نفسي.. فاستطعت أن تثير انتباهي وتحرك ما تبقى لي من وقت لأكون معك وحدك.. اقترب مني أكثر.. أرجوك.. وضع كل أشيائك هنا بجانبي.. حاول أن ترسمني في كل لوحة تبدعها.. سأكون مرتاحة ومتألقة أكثر عندما أغتسل بمائك.. أو أتزين بثوب عرسي الأبيض الذي طرزته لي في ليلة زفافنا أنا وأنت فعكس صورة وجهك وجمال روحك.. دفئني في هذا الليل الطويل... ضمني أكثر فأنا أعيش الآن حالة الانبعاث مجدداً بعد اليباس.‏

حبيبي لا تبكِ ولا تذرف أي دمعة لأجلي.. سأكون في داخلي حية أراقبك.. بعيون الحب ولن أموت أبداً... سأبقى معك وحدك في هذا الليل الطويل.. وسأرقص معك.. وأتزلج على صفحة روحك.. وسأغني لأجلك.. أغنية الحياة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية