|
إضــــــــــــــــاءات الإنسان باعتباره ثروتهم الوحيدة، وحسن إدارة الموارد انطلاقاً من الإدارة السليمة كالقلب في الجسم، فكلما كان القلب سليماً أضحى الجسد في أحسن حال.. وباعتبار أن بناء الانسان هو الأساس الحاسم قام اليابانيون بمراجعة المناهج التربوية فأخرجوا منها كل ما رأوا فيه معارضاً لقيم المل الجماعي وعززوا القيم الأخلاقية المنسجمة مع روح العصر، وتم تخصيص ساعة أسبوعية في المنهاج الدراسي تتعلق بأخلاق العمل ومعالجة أوجه القصور في أخلاقيات المجتمع على أن تراجع هذه المناهج كل عشر سنوات لتعديلها وتطويرها انسجاماً مع روح العصر ومقتضيات المصلحة اليابانية العليا . وفي مجال تطوير الإدارة اتبع اليابانيون الطرق المتعددة ولم يتقيدوا بأسلوب واحد، مستفيدين من تجارب الشعوب الأخرى، لذا نجد أن النمط الإداري يأتي منسجماً مع طبيعة الوظيفة المنوطة بالمؤسسة أو الشركة وكذلك التكنولوجيا المستخدمة ومستوى العاملين ودرجة تأهيلهم، ولكن ثمة قواعد عامة أشبه ما تكون قواعد صارمة يلتزم بها الجميع وتتركز حول نقاط مهمة.. منها النزول الى موقع الأحداث والابتعاد عن البرج العاجي وضرورة اتخاذ القرار بالمعالجة ، ثم البحث عن أسباب الخلل ورفض أي تبرير لتدني الإنتاجية والابتعاد عن التفكير التقليدي في مواجهة الأزمات واغتنام فرص التطور . وتتميز الإدارة اليابانية برقابة العمل التي تعتمد على الثقافة اليابانية القائمة على أنساق قيمية تحترم وتقدس العمل، حيث تشير الدراسات إلى أن إنتاجية العامل الياباني هي أعلى إنتاجية في العالم بالنسبة لساعات العمل, وتركز الإدارة على مفهوم مجموعات العمل أو الطاقم وهم يطلقون عليها الإدارة بالتجوال حيث تقوم على المشاركة في حل المشكلات وعدم الاكتفاء بإصدار الأوامر والتعليمات وهي منسجمة مع التربية الصارمة التي يتلقاها المواطن الياباني ، وضبطه الذاتي وحرصه على التكامل والاتساق بين هويته وهوية مجتمعه بما يعزز مكانته واعتراف الجماعة به. وإلى جانب هذا التوجه الجماعي للإدارة اليابانية فإنها تركز أيضا على تدريب الأفراد ورفع طاقاتهم وقد أبدعت الإدارة اليابانية نظام «كيزة «ومعناه التحسن المتواصل عبر التدريب والمران بهدف إكساب العامل المزيد من الخبرة وزيادة الإنتاج والمردودية . وإلى جانب برامج التدريب المتعلقة بالتقانة والمهارة تضع الشركات والمؤسسات اليابانية أدق التفاصيل في تحديد العلاقة مع المتعاملين والمستهلكين بحيث تكسب ثقتهم ورضاهم، فاليابانيون لا يسعون الى الربح بقدر ما يسعون إلى كسب المزيد من الزبائن، والعامل أو المنتج الياباني يلتزم اتباع سلوكية معينة مع المتعامل بطريقة استقباله والترحيب به والتعامل معه، وفي ذلك يقول أحد المتابعين لطريقة أداء الإدارة اليابانية : تحدد الإدارة اليابانية طريقة الترحيب بالعميل وطريقة الجلوس معه فعلى البائع ألا يتحدث مع العميل إلا بعد خمس دقائق من دخوله المعرض وفي حال هطل المطر يجب وقايته بالمظلة والامتناع عن التدخين كما يجب المحافظة على مسافة 120 سم بينه وبين العميل . وتحدد الاستراتيجية الأساسية للإدارة اليابانية العمل على تحقيق ميزة تنافسية بدل تعظيم الأرباح فعلى سبيل المثال إذا تم ترتيب أكثر من 50 شركة في العالم نجد أن هناك 18 شركة أمريكية و11 شركة بريطانية و4 شركات ألمانية و3 شركات يابانية فقط، حيث القاعدة هي دفع التكاليف الى الأسفل من أجل دفع الاستثمار إلى الأعلى ، وكذلك التركيز على العائد القليل من رأس المال المستثمر وهذا يفسر اجتياح الصناعات اليابانية للأسواق العالمية ومنافستها للشركات الأمريكية التي تلهث وراء الربح السريع والفاحش . مما تقدم يمكننا الاستنتاج انه يوجد لدى الإدارة اليابانية بممارساتها وأدواتها وتكتيكها ما يمكننا الاستفادة منه واستزراعه خاصة أننا نعمل في إطار عملية تطوير إداري ومؤسساتي كامل ومنذ عدة سنوات بهدف النهوض بها وزيادة إنتاجيتها ومردوديتها انطلاقاً من رؤية السيد الرئيس بشار الأسد الذي يرى في الإدارة الناجحة أساساً في عملية بناء الوطن ،ولا شك في أن المناخات الحالية سواء كانت القرارات والمراسيم التي صدرت أم التوجهات والسياسات التنفيذية فهي توفر فرصة حقيقية للارتقاء بالأداء العام وتحقيق الأهداف الأساسية لخطط التنمية مع تنامي حس المسؤولية والبعد الأخلاقي للوظيفة الإنتاجية يرافق ذلك وحدة في التصور تقوده كوادر منخرطة بشكل حقيقي وفعال في مسيرة البناء الوطني الشامل الذي يحقق مستوى معقولاً من الرفاه الاجتماعي . |
|