تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الخيانة الاقتصادية

منطقة حرة
الاثنين 7-3-2011م
د. حيان أحمد سلمان

من الصعوبة أن تكون محايدا في الاقتصاد والسياسة ولكن سأحاول , وخاصة بعد قراءتي لكتاب صدر حديثا بعنوان ( التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية ) ,

تأليف الكاتب الأمريكي ( جان بركنس),وأتمنى أن يقرأه كل المراهنين على السياسات الأمريكية والغربية والذين يعتقدوا بأن الحلول تأتي من الخارج وبشعارات مضللة تضليلية , والكتاب مليء بالحقائق المدهشة عن الاستغلال الاقتصادي من قبل أمريكا والمؤسسات الدولية ,وتجنيد رجال اقتصاد مأجورين لتحقيق ذلك ,عن طريق افتعال الأزمات الاقتصادية والمالية والجيوسياسية ...الخ, كما حصل في العراق والسودان ولبنان و اندونيسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ...الخ, ويقول الكاتب في الصفحة 11 (تكلمتّ إلى الرجال الاقتصاديين المأجورين والعملاء والمرتزقة المستخدمين من وكالة الاستخبارات الأمريكية الذين تدخلوا بسياسات الدول للتأثير وللتملق والمداهنة , لدفع الرشاوى , وأحيانا للاغتيال ,سألتهم لكي أضمن قصصهم في كتابي اعترافات, لكن انتشر النبأ بسرعة , بعد ذلك عرضت عليّ الرشاوى , وتعرضت للتهديد شخصيا , فتوقفت عن الكتابة بعد 11أيلول). ونحن بدورنا نتساءل هل توجد ديمقراطية وشفافية أفضل من هذا؟! هل تتجسدّ حقوق الإنسان أكثر من هذا ؟! هل يحقّ لهم توجيه النصائح للآخرين ؟!. وفي مكان أخرفي الصفحة 22 يؤكد الكاتب كيف خططوا لاستغلال ( اندونيسيا التي تتألف من 17000 جزيرة , ممتدة من جنوب آسيا وحتى استراليا , وفيها 300 مجموعة عرقية وتتكلم أكثر من 250 لغة ,ويعيش فيها مسلمون أكثر من أية أمة أخرى , وعند مشارف الستينات عرفت الولايات المتحدة بأن اندونيسيا مغمورة بالنفط , وبالتالي أرسلت عملاؤها وخاصة الاقتصاديين لصياغة الخطط لربط الاقتصاد الاندونيسي بالاقتصاد الأمريكي من خلال إثارة الفتن والمشاكل, وكان نتيجتها موت حوالي 500 ألف إنسان ,وركزت أمريكا على دعم ( سوهارتو) بهدف خدمتها كما يخدمها شاه إيران ,وكيف تمّت صياغة المؤامرات والاغتيالات أيضا ضد (نون ديم في فيتنام ومصدق في إيران وعبد الكريم قاسم في العراق وآري نز في فنزويلا ولومامبا في الكونغو ...الخ), وكيف دعمت الولايات المتحدة ( صدام حسين) في حربه على إيران و حققت أرباحا كبيرة من جراء هذه الحرب, و يقول الكاتب الأمريكي في الصفحة 204 قائلا ( لو قبل صدام حسين ماطلبناه منه وهو تخفيض أسعار النفط لضمنا له الحماية بالإضافة إلى المزيد من بناء المعامل الكيميائية ومزيد من الأسلحة , لكن عندما توضح عناده ورغبته بحل الأمور بطرقه الخاصة المستقلة , أرسلت واشنطن العملاء لاغتياله , ولكن صدام فهم المخططات الأمريكية لأنه تدرب عندهم وقام باغتيال قاسم وفقا لتوجيهاتهم , و بأن 11أيلول كان ذريعة), ويركز الكاتب أيضا على قصص مروعة في أمريكا اللاتينية , وفي مكان آخر وتحديدا في الصفحة 217 يقول الكاتب بتحذير أحد القادة الأمريكيين له قائلا ( إذا كنت تنوي إنجاب أطفال , وتريد لهم أن يعيشوا حياة مزدهرة , يجب عليك أن تعمل كل مافي وسعك لتضمن تحكمنا بالقارة الأفريقية ) , وبدورنا نقول وبحيادية هل هناك عنصرية أكثر من هذا ؟! وما هو موقف المدافعين عن السياسة الأمريكية في المنطقة ؟! وهل أطفالهم أفضل من أطفالنا ؟! أمّا مايخص المنظمات الدولية فيؤكدّ الكاتب في الصفحة 74 بأن (الدول التي رفضت الانصياع لفتاوى صندوق النقد وشقيقه البنك الدولي , كانت أكثر الدول التي حققت نجاحا اقتصاديا), ويستشهد بكتاب مستشار الرئيس الأمريكي ( جوزيف ستيغلنز وهو العولمة والساخطون) وهو الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد و كان رئيسا للبنك الدولي, لكنه انقلب على أفكاره السابقة وخاصة المتعلقة بالخصخصة وإضعاف دور الدولة , ويؤكد بأن الخطط كانت توضع للدول بما يتناسب مع مقررات برنامج صندوق النقد ؟!!! ,وبأن هذا الصندوق ليس دوليا بل هو أمريكي التوجه والأهداف , حيث تتحكم أمريكا بنسبة 17% من قوته التصويتية . بعد قراءة الكتاب وصلت إلى قناعة وهي ( أن أمريكا ماهرة في كسب أصدقائها وفاشلة في ترويضهم وبالتالي تسعى لتصفيتهم ) , وهذا يفسر تساقط الأنظمة الموالية لها, فالشعوب تحمي قادتها المخلصين والوطنيين والمقاومين وكل آذار والبلد وقائد البلد بألف خير .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية