تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رفضنا التدخل..فماذا بعد؟!


حدث وتعليق
الأثنين 7-3-2011م
عبد الحليم سعود

من يتابع حراك الشارع العربي بثوراته واحتجاجاته واضطراباته، يلفته أمران اثنان، الأول هو الحضور المكثف للتدخل الأجنبي وخاصة الأميركي،

والثاني هو الغياب غير المبرر للفعل العربي المختصر في هيئة الجامعة العربية التي استجمعت كل قواها لتخرج ببيان يرفض التدخل الأجنبي في شؤون ليبيا..ورب سائل يسأل ما هي الترجمة العملية لمثل هذا الرفض إزاء تحرك الأساطيل الأميركية ـ وقد لا تتأخر الأطلسية أيضا ـ لحماية المصالح النفطية، ولا أحد يجادل في أن الغرب سيحرص على مصالحه حتى لو تمت التضحية بكل شعوب المنطقة وقادتها وأنظمتها دون استثناء، والمثال العراقي واضح وضوح الشمس.‏

لكن المضحك المبكي في المشهد العام حاليا هو أن أصحاب المشكلة غارقون في حساباتهم يراقبون وينتظرون، في حين يبدي الآخرون اهتماما منقطع النظير لما يحدث، فليست مصادفة أن تعمل مؤسسات الأمم المتحدة وما يسمى المجتمع الدولي دفعة واحدة وبكل طاقاتها للتأثير في مجرى أحداث ليبيا، بعد أن افتقدناها طويلا خلال سنوات حصار غزة أو تهويد القدس وتدمير لبنان وغزو العراق وتفتيت السودان واحتراب أهل الصومال..إلخ.‏

يبدو أن العالم العربي يسير إلى أوضاع شديدة التعقيد وسريعة التبدل، وسيكون من الجهل بمكان أن نعتقد بأن أصحاب المشاريع المشبوهة سيتركون أصحاب الثورات والحركات الاحتجاجية الشعبية التي تنشد الإصلاح والتغيير يرتبون أوراقهم وأوضاع دولهم ومجتمعاتهم في سياقها الطبيعي والمنطقي، وما من شك أنهم سيمارسون ضغوطا هائلة لضمان ألا تتعرض مصالحهم لأضرار، فمحاولات سرقة الثورات العربية مستمرة أميركيا عبر ادعاء التأييد لها، وكلنا يعلم أن الأميركيين في المقلب المعادي لنضال الشعوب وتحررها، وها هم يحاولون توظيف المأساة الليبية بأشكال مختلفة وعلى منابر متعددة خدمة لمصالح استعمارية معروفة لا تبتعد قيد أنملة عن المصالح الإسرائيلية.‏

ولكن ما يؤسف هنا ويضع عقلا بكف، أن تأتي مبادرات الحل أو التدخل من مناطق بعيدة عن منطقتنا، في حين يتلهى أصحاب القضية بصياغة بيانات إنشائية يعرفون أنها لن تجد أي صدى على أرض الواقع، فكل غايتها رفع العتب، وكفى الله المؤمنين شر القتال!!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية