|
استراحة
ولعل أول ظهور له في المغرب العربي، حسب ما تناقله المؤرخون، كان في القرن الثامن عشر، في عهد السلطان عبدالله بن إسماعيل حيث كان يتلقاه هدية من قبل المبعوثين الأوروبيين. وفي منتصف القرن التاسع عشر انتشر الشاي الأخضر أو ما يسمى بالأتاي في بلاد المغرب العربي. أما شعوب بقية بلدان الوطن العربي فقد عرفوا الشاي متأخراً كل بحسب جغرافية المكان، فشعب العراق، مثلاً، عرفه من شعب بلاد فارس، ولقد أخذ العراقيون من الفرس اسمه الشاي الذي أسموه «جاي»، واسم القدح الذي يشرب فيه الشاي حيث كان يسمونه «استكانة» أو «بيالة».. ومن شعب العراق عرفت شعوب الدول المجاورة الشاي الذي غدا فيما بعد جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية. شاي الضحى لقد كان شاي الضحى جزءاً من طقس النساء النهاري في الكويت منذ القدم. فبينما كان الرجال يذهبون في رحلات غوص تستمر أياماً طويلة، كانت جميع النساء في الكويت ربات بيوت، وكان شاي الضحى قبل صلاة الظهر هو التسلية الوحيدة بالنسبة لهن ومظهراً من مظاهر الترف. حيث كان الشاي الأسود يستورد من الهند في صناديق خشبية منعاً للرطوبة ويقمن بغليه في الماء مع السكر ما يضفى طعماً حلواً يخفف مرارة فراق الزوج. شاي كرك يبدو الاسم غريباً، لكنه في دولة الإمارات العربية المتحدة متداولاً صباحاً ومساء، فشاي الكرك من ألذ المشروبات الساخنة التي أصبحت من المشروبات التقليدية. وهو عبارة عن الشاي المغلي يضاف إليه الحليب المبخر والسكر، ثم يقومون بغليه إلى أن يصبح لونه كريمياً ضارباً للحمرة. ولقد نقلوا هذا المشروب من الهنود الذين يسمونه كرك، وقد نقلوه بدورهم من البريطانيين. لكن يقال إن أول من شرب الشاي مضافاً إلى الحليب هي الفرنسية مدام دي سابليه، وذلك في القرن السابع عشر. شاي كشري في مصر حيث للشاي نكهة شعبية ومزاج وكيف، فالشاي ذو الأكياس التي تغمس في الماء المغلي وتواكب عصر السرعة، ليس له مكان بين من يحبون الشاي بمزاج لذا كان الشاي الكشري هو المطلوب. فكثيراً ما تسمع على كراسي المقاهي الشعبية في مصر «شاي كشري»، والشاي الكشري هو الشاي المنثور وذو الوريقات السوداء وسمي «كشري» لأن أوراق الشاي تُخلط مع السكر والماء ويغلى في وقت واحد إلى أن يعقد ويسود لونه. عندها يكون قادراً على تعديل المزاج. شاي بالنعناع في سورية ولبنان قلما يُشرب الشاي بدون وريقات خضراء طازجة، تزرعها النساء في إصيصات. فنادراً ما يقدم الشاي بدون منكهات عطرية. فالشاي يصاحب الإفطار فهو خير من يساعد على الهضم مع الفول والحمص والجبن والكشك. فلا مائدة إفطار شهية بدون شاي بالنعناع. شاي خفيف الشاي مزاج ومن لا يفضل الشاي ثقيلاً عاقداً، فلا بد أن ينادم، على الأقل، من يحبونه. لذا كان من السهل أن يكون الشاي بأي تركيز مع أكياس الشاي الجديدة التي لا تتطلب أي عناء سوى أن تغمس الكيس في الماء المغلي وتعد إلى العشرة ثم تخرج الكيس لتحصل على مشروب خفيف يسمى شاياً. غرائب في سيرة الشاي لعل الشاي الذي نستطعمه يومياً في أوقات مختلفة له من الحكايات الطريفة والغريبة ما يجعل المرء يستلهم من وحيها ثقافة جديدة. ففي القرن السادس عشر في فرنسا وقفت الكنيسة موقف المعادي من مشروب الشاي، وعدته مفسداً للأخلاق، كذلك كان الحال في بريطانيا. فإزاء اعتراف الشاعر الإنجليزي بن جونسون 1572-1637م بأنه يشرب الشاي في كل وقت، وإبريق شايه لا يبرد جعل معاصريه يرمونه بفساد الأخلاق، وبفجاجة الاعتراف. أما في الصين قديماً فقد كان جمع وريقات الشاي يخضع لشروط غريبة، حيث يجب أن تكون جامعات أوراق الشاي فتيات عذراوات صغيرات السن، يتعطرن قبل أن يبدأن في الجمع ويرتدين فساتين مزركشة وجديدة، وقفازات جديدة يومياً. أما في الهند في بلاد الحواة والغرائب فقد كان للشاي قصة غريبة تبدأ بكان يا ما كان، وهناك ناسك قرر أن لا ينام مدة سبع سنوات للعبادة المتواصلة، وفي السنة الخامسة داهمة النعاس، ولكي يفرقه قرر أن يمضغ وريقات شجرة كانت بجانبه. وبعدها أحس بالنشاط الذي جعله يستمر لمدة سنتين في اليقظة. ولقد كانت هذه الشجرة التي بجانبه شجيرة شاي! شاي الغضب بما أن الشاي مصدره هندي، وبما أن الهند كانت من المستعمرات البريطانية في القرن الثامن عشر، وكانت بريطانيا العظمى تسيطر على العالم من الهند إلى أمريكا، فقد فرضت الحكومة البريطانية الضرائب على المستعمرات، واحتكرت بعض السلع لصالح بعض المستعمرات، فمثلاً كان الشاي الذي يباع في أمريكا تحتكره شركة الهند الشرقية البريطانية، فلا يسمح مطلقاً لأي تاجر أن يستورد الشاي إلى أمريكا، ما دعا بعض التجار إلى تهريب الشاي. ولضرب المهربين أمرت الحكومة البريطانية بإرسال سفن محملة بالشاي ليباع بسعر أقل من سعر السوق السوداء. فقام الوطنيون بالصعود إلى ظهور تلك السفن وإلقاء الشاي في البحر وإحراقه. منعاً من أن يُباع بسعر أقل سعراً من أسعار التجار المستوطنين في أمريكا ما جعل ثورة الشاي تقوم في بوسطن عام 1773م. |
|