تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أدب الأطفال الصهيوني

ملحق ثقافي
30/6/2009م
خيري عبد ربه

يشكل أدب الأطفال الصهيوني حالة انعطاف حادة في مرتكزات الفكر والعقيدة الصهيونية. حيث يؤسس الأدب حالة لا تنقطع من العدائية وهاجساًَ يعمل على تحقيقه كبار المفكرين العسكريين والأيديولوجيين في الكيان الصهيوني.

ويستطيع المتابع لمسيرة هذا الأدب أن يلحظ دون عناء أنه في حد ذاته يتوجه لقارىء مزدوج:‏

الأول هو الطفل الصهيوني الذي يعيش في فلسطين والذي يتغذى على الفكر العنصري ويحمل هذا الطفل أفكاراًً دامية، وصادمة مثل العربي الجيد هو العربي الميت.‏

والثاني هو الذي يعيش خارج فلسطين المحتلة حيث تتم مخاطبته بألوان قوس قزح، وبرقصة الفراشة، ليبدو أدب الأطفال (الذي يوجه للآخر في العالم) وكأنه يحمل في رسائل السلام والمحبة الكثيرمن السم في الدسم، ويمارس فعلاً عنصرياً دامياً يؤكد باستمرارعلى جملة الأفكار التربوية الصهيونية المنطلقة دائماً من أن العرب هم السبب في الخراب الذي لحق ويلحق في فلسطين.‏

وحول جواب ما يريد الكاتب العبري من أطفال بلاده نقرأ:‏

يقول “لابين” كاتب أدب الطفل وأهم سلسلة هناك: “كنت أسأل نفسي باستمرار: ماذا يمكن أن أقرأ لو كنت طفلا ً أعيش مثل هذا الواقع نحن نعيش في زمن الصراع مع العرب نعيش فيما يمكن أن يطلق عليه (حقول الدم)”.‏

لهذا نجد واجبنا أن نبتعد عن كتابة القصص الجميلة التي تتحدث عن الفراشات والأزهار وزيت الزيتون النقي، هذا سيوقعنا في كارثة نحن في غنى عنها.‏

ترى ماذا سيكون موقف الطفل الذي تفاجئه الحرب وهو يقرأ قصة الطائر المغرد؟ ماذا سيفعل؟ لاشك أنه سيفقد ثقته بنفسه وينهار، وهذا تضليل لا يمكن أن نسمح به.‏

تقول الناقدة العبرية “تامرا مازور”: “إن الظاهرة التي تهزنا بعنف هي أدب الأطفال في البلد حيث نجد أن أيدي الأطفال تتخاطف الكتب بلهفة وشوق كبيرين، هذه الكتب التي تركز دائماً على موضوع واحد هو تصوير الأطفال اليهود بأنهم أطفال جبابرة عظماء لا يقهرون يهزمون العرب الأغبياء بسهولة ويسر هؤلاء الذين يريدون أن يقتلونا من أجل المتعة فقط”.‏

وربما كانت قصة الأمير والقمر للقاص العبري “يوري ايفانز “ مثالا ً ناضجاً وصارخاً على عنصرية هذا الأدب وقدرته على تزييف الحقائق وقلبها بل والذهاب بها بعيداً إلى ما لا يمت للصدق بصلة، فالكلمة تحقق ما تعجز عنه البندقية والرصاصة، فقصة الأمير والقمر هذه تعكس بوقاحة لا حدود لها الوجه البشع لحقيقة ما يجري فعلاً على الواقع، فهي تقدم الكيان الصهيوني على أنه ضحية للممارسات التي يقوم بها العرب والذين يحاولون حرمانهم حتى من ضوء القمر الذي يمكن أن يضيء لياليه:‏

قالت الصغيرة لي: من الذي سرق القمر؟‏

قلت: العرب.‏

قالت: ماذا يفعلون به؟‏

قلت: يعلقونه للزينة على حوائط بيوتهم!‏

قالت: ونحن؟‏

قلت: نحوله إلى مصابيح صغيرة تضيء أرض إسرائيل كلها.‏

ومنذ ذلك الوقت والصغيرة تحلم بالقمر وتكره العرب لأنهم سرقوا حلمها وحلم أبنائها.‏

لقد دأبت مجمل الكتابات التي حفلت بها مكتبة الطفل الصهيوني على تصوير العرب بأنهم (جشعين وقتلة) وأن شخصية الصهيوني تمثل باستمرار البطل الذي لا يشق له غبار والقادر على أن يكون دائما ً في موقع المتفوق والسوبرمان، المُخلِص . . الإنسان المتفوق على بني البشر.‏

في استطلاع صحفي شارك فيه 520 طالبا ً تلفت النظر نتائج يمكن تلخيصها بالتالي:‏

التداعيات التي تثيرها كلمة عربي.‏

كتابة قصة أو وصف قصير أو موضوع إنشاء حول لقاء مع العربي.‏

تلخيص كتاب قراءة ينطوي على وصف للعربي وشرح مؤثرات عليهم.‏

محاولة شرح أسباب النزاع مع العرب.‏

المجاهرة بآرائهم فيما إذا كان السلام ممكناً وفيما إذا كان ممكناً قيام حياة صادقة مع العرب وكانت حصيلة الإستطلاع:‏

1 . الخوف من العرب بشكل مذهل أكثر من 75% قالوا أن العربي خاطف أولاد قاتل مجرم وأشياء كذلك.‏

2 . أجاب 80% أن العربي يعيش في الصحراء، صانع الخبز، رائحته كريهة.‏

3 . العرب لهم شعر أخضر، العرب لهم ذيل.‏

4 . 90% تنكروا لحق العرب في البلاد وأنه يجب قتل العرب أو شنقهم أو ترحيلهم.‏

5 . العرب يريدون قتلنا وطردنا من البلاد وقذفنا في البحر.‏

6 . مفهوم السلام هو أن يكون العرب تحت السيادة الإسرائيلية.‏

وكانت تلاحظ أن الأجوبة حول الأسئلة الخمسة المطروحة على الشكل التالي :‏

حول كلمة عربي فهي تعني مجرم، وسخ، نتن، راعي بقر، مختطف، لص، غريب، فلاح، عامل بناء، خنزير، عدو، مخبول، جلده غامق، يجب أن نقتل العرب ونجلسهم على كرسي كهربائي وأن نشنقهم. (انتهى الاقتباس).‏

وبقراءة متمعنة فيما ورد ذكره أعلاه نجد أن التعامل مع أدب الطفل الصهيوني سيبقى يشكل حالة متقدمة من الاهتمام ومن الشعور بالمسؤولية عند المعنيين بوضع المناهج التربوية والمدرسية والأيديولوجية لجيل الغد المدجج حتى الأسنان بالحقد والكراهية على العرب ولا نعدم على سبيل المثال وجود بعض النصوص الأدبية كنص الكاتب الكبير “زكريا تامر.. البيت” ..‏

والذي يقف في الجهة المقابلة لقصة الأمير والقمر..‏

باختصار كان من الممكن أن تلعب المؤسسات المعنية بأدب الطفل العربي، ومن خلال زج الطاقات المتاحة عندها على مستوى وجود عدد هائل من الكتّاب العرب المتميزين في هذا المجال.. كان من الممكن التأسيس فعلاً لأدب يخدم صراعنا الطويل مع هذا العدو الغاشم.‏

فهل تبقى مؤسساتنا التربوية والقومية تقوم على مجرد ردود الفعل لما يصدر هنا أو هناك؟؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية