تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مسار جنيف؟

إضاءات
الإثنين 20-1-2014
د.خلف علي المفتاح

اعتقد اننا سنكون امام مسار لجنيف وليس مؤتمرا ينعقد ولا يلبث ان ينفض ويعود كل وفد من حيث اتى فالمسألة اعقد من ان تحل في مؤتمر وجلسات يحضرها هذا الوفد اوذاك بقدر ما هي مسار طويل وشاق وصعب ومعقد

تتداخل فيه عوامل عدة منها ما هومتعلق باطراف الازمة في بعدها الداخلي وبعضها الآخر يتعلق بابعادها الاقليمية والدولية.‏

ان حضور اطراف داخلية واقليمية ودولية مؤتمر جنيف يعكس الطبيعة المركبة للأزمة مايعني ان ثمة التزامات ستترتب على اطرافها بعضها ذو طابع احادي والبعض الآخر ذوطبيعة ثنائية وجماعية فمواجهة الارهاب وتطويقه ومحاصرته يحتاج الى جهد دولي جماعي يجب ان تتحمله دول بعينها وضمن آلية واضحة وشفافة اما الدعم بالسلاح والمال فالواضح ان ثمة دول في الاقليم تعلن ذلك جهارا نهارا لا بل انها تتبنى تمويل وتسليح جماعات ارهابية بعينها وتحت مسميات مختلفة وهذا يرتب عليها مسؤوليات والتزامات واضحة حال التوصل الى اي صيغة حل للازمة في سورية.‏

وعلى صعيد الداخل السوري ثمة ترابط بين مسارات الداخل والخارج فلا يمكن الحديث عن تسوية سياسية للازمة دون معالجة لاصل وجذر المشكلة لا اعراضها من هنا يبرز عامل تحقيق الامن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية للجماعة السورية ومؤسساتها وهذا لا يتحقق الا من خلال مواجهة حقيقية للعصابات الارهابية المسلحة وانهاء كل اشكال العسكرة والقتال والعنف وايقاف نزيف الدماء السورية ومعالجة كافة الابعاد الانسانية للأزمة وتداعياتها على المجتمع السوري معالجة حقيقية وجذرية ما يوفر مناخا مناسبا للاستقرار الذي يمكن من خلاله ولوج العملية السياسية بطيفها الوطني الواسع وعبر خريطة طريق سورية ترسم ملامح الحل ينتج عنها عقد اجتماعي وسياسي جديد يتوافق عليه السوريون بارادتهم الحرة والمستقلة دون مؤثرات خارجية.‏

ان اي نجاح لمؤتمر جنيف مرهون بتوفر ارادة سياسية صادقة وحسن نوايا من الاطراف التي ستحضره اوتدعى اليه اولها تأثير في مآلات الازمة وبدون توفر هذين العاملين لا يمكن للمؤتمر ان يحقق نتائج واضحة وجوهرية على الارض بل سيكون مجموعة مسكنات لا تلبث ان تزول لتظهر الاعراض الاساسية التي تشكل جوهر المشكلة ووجعها الحقيقي وعند الحديث عن توفر الارادة وحسن النوايا عند الاطراف المدعوة لحضور المؤتمر يبدوواضحا ان ثمة اطراف داعمة للجماعات الارهابية والمسلحة لا ترغب اساسا بالحل السياسي ولكنها ستحضر كطرف معطل اوشاهد زور وهذا ما لابد من أخذه بعين الاعتبار ووضعها امام مسؤولياتها ومراقبة مواقفها اثناء وبعد اتقضاء جلساته فالواضح انها تدفع بالمعارضة المرتبطة معها للحديث عن ان جدول اعمال المؤتمر يجب ان يتمحور حول ما يسمى هيئة الحكم الانتقالي وهوما يعكس رغباتها بالوصول الى السلطة بأي مهما طال أمد الازمة بعيدا عن الثمن الباهظ الذي يدفعه السوريون من دمائهم وممتلكاتهم وامنهم واستقرارهم وهذا ما تراهن عليه الكثير من الاطراف خاصة الاقليمية منها ما يعني عمليا رفض ذلك من طرف الحكومة السورية التي ترى الاولوية هي لموضوعة الارهاب والعنف وعودة الاستقرار وهي تمثل اولويات السوريين الذين اكتووا بنيران الآزمة.‏

ان ترتيب الاولويات على اجندة المؤتمر مسألة في غاية الاهمية لانها ستكون بمثابة الاختبار وجس النبض للاطراف المشاركة فيه ومدى جديتها في معالجة جذر الازمة لا اعراضها وهنا تظهر قدرة القائمين عليه ورعاته سواء كانوا الاتحاد الروسي وامريكا والامين العام للأمم المتحدة اوالاطراف الاقليمية الأخرى على تحقيق ذلك من خلال المواقف التي يتخذونها في جلساته وحواراته ونقاشاته فالمناخ العام الذي ستشكله تلك القوى داخل المؤتمر ستكون ذات تأثير واضح على مساراته ومآلاته فعلينا ان لا نتفاجأ اذا ما اوعز بعض الاطراف غير الراغبة بالحل السياسي الى وفد المعارضة بالتهديد بالانسحاب من المؤتمر اوالانسحاب منه ان لم يضع اولوية له ما سمي تشكيل هيئة حكم انتقالي اومحاولة اختصار وظيفة المؤتمر في ذلك العنوان الملتبس اصلا.‏

والحال ان الاعتقاد بتحقيق نتائج حاسمة وسريعة لمؤتمر جنيف هو أمر في غاية الصعوبة من هنا تصبح احتمالات تحقيق نتائج محدودة وخطوات صغيرة هي الفرص الارجح من الناحية العملية وضمن المناخات السائدة عندها يكون الحديث عن مسار طويل وشاق لجنيف قد يبدأ فيها وينتهي في مكان آخر هوالاكثر رجحانا؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية