تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نفوذ الحاخامات في الجيش !!

هآرتس
ترجمة
الأربعاء 23-5-2012
ترجمة: ريما الرفاعي

لا تزال الأسطورة حول كفاءة مراقب الحكومة ميخالندنشتراوس بأنه خبير في استخدام وسائل الإعلام، تغذي نفسها. والقضايا التي يتناولها التقرير الدوري للمراقب يتم اختيارها مسبقاً قبل نحو عام او عامين، بينما يتحدد موعد النشر قبل بضعة اسابيع.

ومع ذلك، لا شك أن للمراقب حساً عالياً، ونراه حين يتم طرح قضية عدم تجنيد الاصوليين كسبب رئيسي لتقديم موعد الانتخابات، يكرس لندنشتراوس فصلاً في التقرير لدراسة خدمة الاصوليين الذين تجندوا منذ الآن في الجيش.‏

ومكتب المراقب يفحص شكل استيعاب الاصوليين في الجيش الاسرائيلي ويتوصل الى الاستنتاج بأن الجيش ملزم بأن ينظم عملية الاعتناء بهم. فطالما يدور الحديث عن اجراء طوعي، موضعي، كان يمكن الإدعاء ان الأمر الأساسي قد تحقق. من المهم تجنيد الاصوليين، قدر الامكان، أما تفاصيل الترتيبات فهي أقل أهمية. ولكن في العامين الأخيرين، حتى قبل ان ترفض المحكمة العليا قانون «طال» استوعب الجيش وسطيا أكثر من ألف اصولي في السنة، ليس فقط لكتيبة الناحل الاصولية، بل في المهن التكنولوجية. وقد نجحت التجربة. الآن، يعتقد المراقب أن على الجيش أن يتحرر من أمراض الطفولة، ويضع المشروع في أيدي أمينة ويحرص على الترتيب الكامل للخدمة،وهذا يتضمن، ضمن امور اخرى، الإيفاء بالإلتزامات التي قطعها للمجندين الاصوليين.‏

وثمة فصل هام في التقرير هذا العام يرصد الحروب الثقافية في الجيش الاسرائيلي، في اطار معركة السيطرة المتواصلة التي يديرها سلاح التعليم والحاخامية العسكرية في مسألة من يحدد للجنود ما هي الهوية الاسرائيلية والهوية اليهودية. ويتبنى المراقب، بلغته الأديبة معظم استنتاجات تحقيقات صحيفة «هآرتس» في قضية قبل ثلاث واربع سنوات. ويصف هذا التقرير وضعاً من الفوضى تسوده منظومتان متنافستان تكافحان في سبيل أرواح المقاتلين، دون ان تحسم القيادة العليا بينهما . وفي مجال التعليم يوجد فراغ تخشى هيئة الاركان العامة من ملئه وتستغل الحاخامية العسكرية جيدا. اما فرسان الحاخامية، فإنهم مصممون ومتحمسون ومزودون بقدرات يفتقر اليها منافسيهم، وهم يحققون عليهم الانتصار تلو الانتصار في هذه المعارك .‏

وتبدو قائمة الهيئات التي تقدم خدمات تعليمية للجيش الاسرائيلي، والتي ينشرها المراقب، مشوقة، ويحتل فيها مكاناً بارزاً منظمات دينية ليست موجودة تماماً في قلب التيار المركزي الاسرائيلي (مركز «أسنت» في صفد والذي يعنى بـ «تجربة التنجيم») وهيئات يمينية استيطانية (جمعية العاد في القدس). ويعترف سلاح التعليم بأنه لا ينجح في مراقبة برامج تلك المنظمات التعليمية في الوحدات العسكرية. كما يكرس لندنشتراوس مكاناً واسعاً لتحذيرات ضابط التعليم الرئيسي في الجيش الاسرائيلي ورئيس شعبة القوى البشرية في هيئة الاركان من امكانية تحطيم الوضع الراهن للشؤون الدينية في الجيش الاسرائيلي ومن التأثير المتصاعد للحاخامين، لدرجة المس بنموذج «جيش الشعب». المراقب الذي لا يبدي رأيه في قضية أي هيئة عسكرية يجب أن تتولى تعليم الجنود، يدعو رئيس الاركان الى أن يصدر تعليمات واضحة في هذا المجال، ويقول انه بسبب اهميته، فإن هذا الموضوع يجدر بوزير الدفاع ان يجيب عنه بنفسه.‏

ولكن، من تعرض لمعظم الانتقاد في التقرير هذه السنة، هي وزارة الدفاع نفسها، ولا سيما بسبب جانبين في نشاطها: صفقات تصدير الصناعات الامنية الى الخارج وقضية التزود بمنظومات تحصين للمركبة المدرعة ضد الصواريخ المضادة للدبابات.‏

ويجد المراقب قاسماً مشتركاً في القرارات التي اتخذتها الوزارة، وخاصة المدير العام اللواء احتياط اودي شني الذي تبدو الشكاوى ضده حادة. فالمدير العام يوصف كمن أخذ لذاته تفويضاً أوسع مما يسمح له في واقع الامر قد تسبب بخلاف للإدارة السليمة وللقانون. ولا يشتبه لندنشتراوس المدير العام بمخالفات لناهة المقاييس او التحيز لصالح شركة ما بل يتهمه بالتقصير الشديد في الاجراءات. وحتى لو كانت مصلحة الدولة تقف خلف قرارات المدير العام (شني يعمل، على حد طريقته، بغرض توسيع التصدير الامني الاسرائيلي، الذي يدر مالا كثيرا)، فليس لهذا أي مبرر في نظر المراقب.‏

وفي نهاية المطاف، لا يدور الحديث هنا عن اخضاع القواعد من أجل حاجة عملياتية عاجلة، بل عن المال. هذه الخطوات، حسب فهم المراقب، تمت بعلم واضح من قيادة الوزارة، والتي رغم ذلك واصلت التحرك الى الامام متجاهلة الادارة السليمة. وهكذا فإن الوزارة تتجاهل واجب التشاور الذي ينطبق عليها مع وزارة الخارجية قبل إبرام بعض الصفقات في الخارج وتفرض على الصناعات الامتناع عن المنافسة بينها في دول مختلفة، خلافاً لقواعد العطاءات.‏

ولا يتلقى وزير الدفاع، ايهود باراك، هذه المرة انتقاداً في التقرير، ولكن يمكن ان نجد هنا خطوطاً مشابهة لقضية التبذير في سفريات الوزير الى الصالون الجوي في 2009. ومثلما في الحالة اياها، باراك لا يحرص على الدخول إلى التفاصيل، ومن هم ادنى منه يفهمون بأن يدهم مطلقة الحرية عندها يتم تجاوز قواعد الادارة السليمة. وزارة الدفاع سبق أن تلقت ضربات لا بأس بها وورطت الحكومة في جملة من المشاكل بسبب السلوك غير المدروس مثل قضية طائرة فالكون للصين والتي اغضبت الامريكيين وأحدثت أزمة خطيرة بين الدولتين.‏

ولعل أخطر من هذه هي قضية التحصين ضد الصواريخ المضادة للدبابات، والتي قطع فيها جهاز الامن التزود بمنظومة «حيتس دوربان» من انتاج الصناعات العسكرية. ويصف المراقب تذبذباً غريباً في القرارات، فحوصات متسرعة وجزئية، رقابة هزيلة وانعدام للشفافية .‏

 بقلم: عاموس هرئيل‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية