تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المعارضة في القواميس الأميركية

كواليس
الأحد 24-1-2016
سليم عبود

مايراه الأمريكيون صحيحاً على العالم أن يراه صحيحاً على الطريقة الكيسنجرية «ما يناسبنا، يجب أن يناسب العالم، وما نريده على العالم أن يقبل به».

ولكن هل نستطيع نحن بشر العالم الثالث.. الباحثين عن قيمنا الوطنية، وعن وجودنا الحضاري، والمدافعين عن حريتنا بكل أشكالها، القبول بذلك؟!‏

الرئيس الأمريكي جورج بوش «الابن» وضع قانوناً مازال ساري المفعول: «من ليس معنا، فهو ضدنا» وبموجب هذا القانون، من حق أمريكا استباحة هدوء العالم وأحلامه، وثقافته كما يقول بترووريم معاون وزير الخارجية الأمريكية الأسبق: «كل ثقافة لاتصب في مجرى السياسة الأمريكية هي ثقافة معادية وعلينا محاربتها.. وكل تصنيف بشري، أو اجتماعي، أو وطني، لاتنتجه القواميس السياسية لغة نافرة».‏

في السياسة الأمريكية.. من يخون وطنه.. ومن يسرق مال الوطن ويهرب به إلى خارج الوطن.. كل من قبل حمل السلاح على الوطن وأبنائه ونظامه السياسي.. من يقتل، ويغتصب، ويقطع الرقاب، ويسبي النساء، معارض معتدل وشريف.. وهذا التصنيف ينطبق على الأنظمة السياسية، كما هو حال الأنظمة العربية.‏

في القاموس السياسي الأمريكي، الأنظمة نوعان: أنظمة معتدلة ، تدور في فلك أمريكا، وتأتمر بأمرها.. فالأنظمة العربية المعتدلة، هي الأنظمة التي خانت عروبتها، ونسيت القضية الفلسطينية، وجاهرت أو أسرت بعلاقتها مع الكيان الصهيوني، ومارست العداء لقوى المقاومة.‏

والنوع الثاني: أنظمة إرهابية، لأنها ترفض الانضواء تحت المظلة الأمريكية، وترفض الانحناء، والقبول بوجود الكيان الصهيوني في القدس والأراضي العربية المحتلة، ومن يواجهها بالعداء فهو معتدل، وشريف.. ووطني ومعارضة معتدلة يمد بكل أسباب القوة لمواجهة وطنه.. في ظل هذا التوصيف نقرأ «كل الذين سرقوا الشعب السوري، وقتلوا، وسبوا النساء، وقطعوا الأعناق، وانتظموا في جيوش المخابرات الدولية للتآمر على سورية، ومن دخل في أمرة أنظمة الخليج الوهابية، والإخوانية، وتحت مظلة أردوغان العثماني المذهبي، كل هؤلاء، معارضة معتدلة، ومن حقها اجتياح دمشق بالأسلوب الذي يمكنها من الوصول إلى السلطة.‏

في الرياض انتظم الخونة للوطن السوري، والشعب السوري.. وفق القواميس الأمريكية.. منهم من خان الاقتصاد السوري، ومنهم من ارتكب الفواحش بكل أشكالها، وهرب من قبضة القانون.. ومنهم كان في موقع المسؤولية، ففسد وأفسد.. ومنهم من تعامل مع العدو الصهيوني، ودخل إلى الكيان الصهيوني جريحاً، أو زائراً، أو حليفاً.. ومنهم من سرق سلاح الوطن الموجه إلى الكيان الصهيوني، واستعمله على جيش الوطن.. كل هؤلاء، باركهم النظام السعودي، والعثماني، والقطري، والصهيوني، والأمريكي، وتم تغليفهم بأوراق الشرف والوطنية والثورية، ودفع بهم لحضور مؤتمر الحوار مع الدولة السورية القادم في جنيف..‏

نحن اليوم في سورية لسنا على الأرض في مواجهة مع قتلة وحسب .. وإنما أيضاً في مواجهة مع كفرة، وسفلة، وخونة ، وسارقين، ومارقين، وزناة سياسيين وأخلاقيين، وجميعهم أفراخ الوهابية والأخوان، وأضيف أيضاً، ونحن في حرب مع الصهاينة الجدد فكرياً، وسياسياً، لا أحد يستطيع أن يدفع بنا للقبول بهذا الصنف من الخونة، على أنهم معارضة وطنية، لأن القبول بهذه النوعية من «الخونة» يعني الاعتراف بشرعية خياناتهم، ومواقفهم، واصطفافهم السياسي ضد الوطن ، وهذا أمر في غاية الخطورة.. لو قبلنا ... لماذا إذاً قاتلنا، وضحينا، وصمدنا، وقبلنا بالجوع، والعطش، وبالحرمان ، أليس من أجل أن يبقى الوطن عزيزاً وكريماً، وسيداً، ومصاناً، ومقاوماً.. في هذه الحالة، رفض الحوار، خير من القبول به.. فالوطن أكثر من مفردة، أو لفظة سياسية، أو خطاب.. الوطن شرف، وانتماء، وقيم، ومقاومة من أجل وجوده.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية