تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


طلاب طرطوس في جامعة تشرين ..!...هموم وخيبات أمل.. وتساؤلات تستحق الاهتمام

مجتمع الجامعة
الاحد 10/12/2006
محمد زهرة

كبيرة هي المعاناة التي يتعرض لها الطلاب الناجحون في الثانوية العامة.. وكثيرة هي العقبات التي تقف دون تحقيقهم لأمنياتهم وطموحاتهم.. وعديدة هي الاحتياجات التي يطالبون بها ويسعون للحصول عليها بعد قبولهم في الجامعات أوالمعاهد التابعة لها. وفي مقدمتها السكن الجامعي الذي هو الشاغل الأول للطلاب وخاصة الفقراء منهم والبعيدين..

ومنذ أيام التقينا بعدد من الطلاب- المختلفي الدراسة والاختصاص- الدارسين في جامعة تشرين باللاذقية من أبناء محافظة طرطوس.. و قد حدثنا هؤلاء عن معاناتهم بالقول:‏

أولاً نشكر إدارة المدينة الجامعية في جامعة تشرين على تقديم السكن الجامعي لنا .. ولكن قيامها بإنشاء غرف خشبية في الردهات والممرات الموجودة داخل الوحدات السكنية قد حول تلك الردهات والممرات إلى كواليس مظلمة.. عديمة الضوء والتهوية. حيث بنيت هذه الغرف الجديدة بين الغرف الأخرى وعلى منافذ الضوء والهواء حابسة بذلك الهواء والروائح المزعجة الصادرة من الحمامات ولفترة طويلة.. ما قد يتسبب بأمراض للطلاب لاسمح الله.. هذا عدا عن إعاقة تلك الغرف مرور الطلاب وتحركهم بين الغرف.‏

وأضاف الطلاب: نحن نتمنى أن يحصل جميع الطلاب المحتاجين على حقهم في السكن الجامعي الذي هو هدية ومكرمة من القائد الخالد حافظ الأسد.‏

ولكننا نتساءل: لو استخدمت الأموال التي صرفت على إنشاء هذه الغرف في تجهيز الوحدات السكنية التي أصبحت جاهزة من حيث البناء فقط.. أما كان ذلك أفضل بكثير من حشر الطلاب بين بعضهم ..?‏

أم أن مدير هذه المدينة الجامعية يحب كثيراً تطبيق المثل القائل( بيت الضيق يتسع لألف صديق)?!.‏

أما الطالب علي الذي يدرس( معلم صف) فقد حدثنا بألم قائلاً: لم أكن أعرف أن تفوقي في شهادة الدراسة الثانوية وحصولي على علامة 205 في الفرع الأدبي سيكون بداية لمعاناة صعبة.. وقد كنت أعتقد وأنا في نشوة التفوق أنني بدأت بتحقيق أحلامي التي وعدت بها والدي رحمه الله فقد كانت كليتي( معلم صف) من الكليات المداومة في جامعة تشرين باللاذقية.. ولأنني ابن قرية تقع في ريف محافظة طرطوس.. ولكوني يتيم الأب.. وفقدت أخي الأكبر أيضاً.. وأصبحت المعيل الأول والوحيد لعائلتي الفقيرة.. فقد توقعت أن أحصل على السكن الجامعي بكل يسر وسهولة.. لكن عدم نزول اسمي في قوائم المقبولين في السكن الجامعي.. حطم الكثير من الأحلام التي عاشت في داخلي.. وسكنت مخيلتي منذ البداية.‏

وقد استغربت ماحصل أشد الاستغراب.. واندهشت لذلك كثيراً فما كان مني إلا أن توجهت إلى مدير المدينة الجامعية شاكياً له ظروفي الخاصة.. وعدم قدرتي على الاستئجار... آملاً أن يشفق لحالي ويتفهم وضعي فيساعدني في هذا الموضوع.‏

فما كان من هذا المدير إلا أن أجابني بحدة وبالحرف الواحد( فتحنا لك فرعاً في طرطوس لكي لاتأتي إلى اللاذقية!!).‏

وعندها أحسست بالغربة وأنا في بلدي.. وتساءلت بحسرة وألم شديدين: ألا يستطيع الإنسان المتفوق أن يختار المكان الذي يدرس فيه دون أن يدفع ضريبة.. وإن كان لايحق لي أن أحصل على سكن جامعي, فقط لأنه يوجد فرع(معلم صف ) في محافظة طرطوس.. فلماذا سمحوا لي ولغيري بالتسجيل في جامعة تشرين باللاذقية ولم يحصروا التسجيل في طرطوس?! وهل يجب علي أن أقضي يومي كله ذهاباً وإياباً بين طرطوس واللاذقية. وأن أدفع يومياً من جيبي مايفوق قدرتي بكثير?!‏

بدوره الدكتور غياث سلوم الذي يتابع دراسة الطب البشري في جامعة تشرين تحدث عن معاناته قائلاً: عندما تخرجت من كلية الطب.. وسجلت في الدراسات العليا وبدأت الدوام في مشفى الأسد الجامعي كنت اعتقد أني قد( قبرت الفقر) وبأني لم أعد عالة على والدي المسكين.. بل تمادت أحلامي لدرجة اعتقدت فيها بأني من الآن فصاعداً سأعوض لوالدي من كل قطرة عرق ومن كل ليرة وضعها من أجلي خلال سنوات دراستي.‏

وازدادت أحلامي أكثر وأكثر.. ولم لا فأنا الآن( دكتور.. طول وعرض) ولم تتوقف أحلامي عن التمادي إلى درجة أنني صرت أفكر أين سأشتري (فيلتي) وماذا سيكون لون سيارتي..‏

وكنت ما أزال أحلم عندما طلب مني أحد الزملاء الذهاب إلى المحاسب لأقبض راتبي الأول..‏

كانت لحظة مؤثرة..كتأثر الأم عند رؤية وليدها الأول بعد مخاض مؤلم وعسير.. وبعد انتظار طويل وترقب..‏

وقفت برهة أمام المحاسب فيما كان أحد عمال النظافة الموظفين في نفس المستشفى الذي أعمل فيه يعد راتبه الذي استلمه للتو أمامي.. وبفضول طفولي استرقت النظر إليه وشاركته العد خلسة.. لقد كان راتبه يفوق الاثني عشر ألفاً.‏

انتابتني فرحة عارمة, فلا بد أن يكون راتبي على الأقل كراتب هذا العامل.. وهو مبلغ مقبول سيساعد شاباً مبتدئاً مثلي على شق طريق مستقبله.. و بدأت في سري بتقسيم هذا الراتب على مصاريفي من طعام وشراب ولباس وهواتف ومواصلات..‏

واستطعت بعد حسابات بسيطة أن اقتطع قسماً من الراتب شهرياً لأهلي الذين ذاقوا الأمرين حتى أوصلوني إلى هنا..‏

شعرت بالسعادة.. وقلت في سري مفاخراً:( هذا طبيعي.. فأنا طبيب.. وأتحمل مع زملائي الأطباء أعباء المشفى.. ومشكلات المرضى والمراجعين.)‏

وهنا قاطعني صوت المحاسب طالباً مني التوقيع على استلام الراتب..‏

استلمت راتبي وبيد مرتعشة أخذت بعده.. وفجأة انتقلت الرعشة إلى أنحاء جسدي كلها. حيث اكتشفت أن راتبي الذي استحققته بعد شهر كامل من المعاينات والفحوص والمناوبات لايتجاوز ستة آلاف ليرة!‏

نظرت إلى عامل التنظيف الذي بجانبي فرأيته ينظر إلي ويبتسم باستهزاء وبشيء من السخرية!‏

هذه بعض القصص والروايات التي تظهر بوضوح معاناة هؤلاء الطلاب وخيبات أملهم.. وأيضاً احتياجاتهم ومشكلاتهم وهم يطالبون بالنظر فيها ودراستها والعمل على إنصافهم وتلبية احتياجاتهم.. ولنا لاحقاً وقفة مع مشكلات ومطالب طلابية أخرى إن شاء الله. على أمل أن تصل إلى آذان المعنيين.. وتلقى منهم الاستجابة والحلول الصحيحة والعادلة?‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية