تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل حقاً.. الجمهور ( عاوزكده)

فضائيات
الاحد 10/12/2006
عبد الرزاق دياب

بحجة أنها النظرية الجماهيرية, وطبعا لم تأت من استطلاع لرأي الجمهور, ولا من استبيان أجرته جهة اعلامية أومعنية بالرأي العام, ( الجمهور عاوز كده) العبارة الأكثر شهرة, والنظرية الأكثر تطبيقا, ولست أدري من هو صاحبها.. وعلى الأرجح من سياقها تبدو كأنها أطلقت على لسان راقصة مصرية بعد زغرودة.. طوال عقود متتالية تم جلدنا بمفرداتها.. بما هب ودب من الساعات التلفزيونية, والمسلسلات والأفلام السخيفة, والاغاني الهابطة وصولا إلى سحق ذائقتنا العربية, وتحويلنا إلى مجرد جمهور بليد متراقص ببلاهة.

من دروس اللغة العربية للصيداوي والنكات التي انتشرت بين الجماهير كتعبير عن المرارة الساخرة, وتحلقهم كتلاميذ ومسرحية يوم الخميس المصرية والسهرة المفروضة, حيث من الواجب أن تتحضر كمشاهدة لتفغر فمك وتبان ضواحكك, إلى الفيلم العربي المعاد حول الراقصات الضائعات, والأمهات اللواتي فقدن أولادهن من ظلم الزوج السكير وأقلام السبيعنيات وفتيان الشاشة ورجالها( فريد شوقي, محمود ياسين, نور الشريف), إلى عطلة يوم الجمعة ومسلسل الساعة الواحدة ( البدوي), وحالات الثأر العشائرية لمن اغتصب زعامة القبيلة, واللقاء الحميم على (نبع الماء) حيث يطلب الفارس العطشان جرعة ماء من ( قربة) ابنة الشيخ الجميلة, ثم منازلة شعرية بين العاشقين الرمزيين.‏

ببساطة كان بإمكان الجمهور توقع نهاية الفيلم العربي أو المسلسل الوضيع, وبنفس البساطة شكل ساعات البث, باستثناء ضرورة النقل المباشر من ملعب العباسيين لمباراة الثانية ظهرا من الدوري السوري.. التي غالبا لا تعرض ولا يكلف العاملون أنفسهم عناء الاعتذار لجمهورهم الهامشي عن عدم النقل.‏

هذا على صعيد يومي العطلة,أما الأخرى فتنهي ب (غدا نلتقي).. ومختارات من الشعر العربي وما ينسجم معه من كوميديا وأغان, أما لو قسمنا اليوم إلى فترات كما كانت تقدم فترة الظهيرة والمساء والسهرة.... فالعصر لبرامج الأطفال واجتهادات المعدين المقدمين ونظرياتهم في عالم فلسفة الطفل وبرامج ( فاتنة محمد والطلائع) , ثم البرامج العتيدة للمنظمات الشعبية ( أرضنا الخضراء, الأيدي الماهرة, عالم الأسرة ومع العمال) فترة المساء ببرامجها الخفيفة على تنوع عناوينها وبنفس الاختصاص خصوصا الرياضية ( الأحد الرياضي, محطات رياضية), أو ما يطلبه الجمهور بنصف الأغنية المطلوبة, ورسائل المشاهدين المقروءة. باستثناء من الألف إلى الياء, أو نجوم وأضواء وأعمال خالدة الذي يعرض سمفونيات ( بيتهوفن, موزارت) لجمهور مجهد.‏

السهرة تبدأ بنشرة الأخبار ثم المسلسل العربي, وهو مصري دون منازع, ونعيش مشكلات الإخوة المصريين ونجهد نحن في اسقاطها على واقعنا المحلي بتلذذ, وبعده قد يقدم فيلم أو مسرحية ليوم الخميس, أو برنامج وثائقي, أو سياسي في بقية الأيام.‏

في كل هذه العقود التلفزيونية, أين هي ارادة الجمهور في تحديد ما يقدم له.. ومن هو المعني الذي كان يكترث بارادته أصلا..‏

ثم جاءت الفضائيات بعصرها المفتوح, وتاه الجمهور الحبيس بقناته مع جهاز التحكم.‏

هي دعوة لعودة نظرية ( عاوز كده) التي نحن بحاجتها الآن.. ولكن في استطلاع حقيقي لرغبات الشارع السوري.. ليس حسب نظرية ( التلفزيون والناس) الذي يصور فيه السوري نزيل مطعم أو فندق من الدرجة الأولى.. ليعود إلى تلفزيونه المحلي بدل التنقل المحموم بحثا عن برنامج بارادته.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية