|
شباب وافتقاد الانتماء والضياع في حياة الشباب في عالم اليوم, ولعل في مقدمة العوامل التي كانت ولا تزال وراء بروز هذه المشاعر التي تولد عنها الاحساس بالاغتراب تفاقم الاتمتة المصاحبة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتسارعة التي كان لها الاثر الكبير في تزايد المشكلات الحياتية الموجودة أصلا وتنامي الضغوط التي قيدت حرية الانسان عموما وليس الشاب فقط وشل ارادته واضعفت روابطه الانسانية في هذا العصر. لكن الشباب هم من اكثر فئات المجتمع تعرضا لهذه الظاهرة كونهم يمثلون الفئة الاوسع والاشد احساسا بأية فجوة فكرية واهتزازقيمي يفصلهم عن مجتمعهم, كما انهم يمثلون الشريحة العريضة التي تعرضت للاستلاب الروحي والقلق النفسي وافتقاد الحس الزماني والمكاني وعدم الرضا عن اهداف الحياة امام تعاظم تيار المنافسة في ظل مغريات العصر التي تعكس الاهتمام بالربح والتقدم المادي والتوجه نحو الاستهلاك والانغماس في المظاهر, مع بقاء الكثير من قضاياهم ومشكلاتهم أو مشكلات مجتمعهم بلا حل, وفي مقدمتها انتشار البطالة بين أوساطهم الحقيقية منها والمقنعة وتدني مستوى المعيشة لأسرهم. وقد نفذت في جامعة دمشق دراسات عدة عن الاغتراب عند الشباب الجامعي وهي ان كانت ليست حديثة وقليلة الا أنها تؤكد وجود الاغتراب بين شبابنا وتصنفه الى أنواع, يمكن أن نستخلص منها ومن غيرها من دراسات في بلدان عربية أخرى أن الاغتراب مكون من العجز او فقدان السيطرة وهذا المكون يشير الى ان الفرد لايستطيع التأثير في المواقف والاحاديث الاجتماعية وهو لايستطيع تقرير مصيره او التأثير في مجرى الاحداث او في صنع القرارات ذات الصلة بحياته ومصيره. و اللامعيارية ويشير هذا المكون الى شعور الفرد بان الوسائل غير المشروعة هي المطلوبة اليوم وان الانسان يحتاجها لانجاز اهدافه. و فقدان المعنى او اللامعنى ويشير هذا المكون الى ان الفرد بحاجة الى مرشد او موجه للسلوك. و الانعزال الاجتماعي ويعني انعزال وغربة الفرد عن الاهداف الثقافية للمجتمع. و العزلة النفسية او النفور عن الذات وهو شعور الفرد بعدم قدرته على ايجاد انشطة تعادل ذاته. ان كل ذلك ما هو الا تذكيربخطورة تلك الظاهرة على شبابنا ودعوة للمطالبة المستمرة للالتفات الى شريحة الشباب الذين يمثلون القاعدة العريضة في مجتمعنا والركيزة المهمة والحيوية للانطلاقة الصحيحة بهم نحو المستقبل المرجو وذلك بتوفير الاجواء والمطالب الضرورية لنموهم النفسي والاجتماعي والوجداني وتحقيق ذاتهم واشاعه مبادئ العدالة والمساواة وحقوق الانسان بين اوساطهم وتفعيل دور المنظمات التي تعنى باوضاع الشباب, والتي لايتجاوز عددها في مدينة دمشق أصابع اليد بالاضافة لضعف فاعليتها واقتصار أنشطتها على محاضرات وافتقارها لدعم التجارب والمشاريع المتخصصة بتطوير شخصيتهم وتنميتها وتطويرها واعادة تأهيل حياتهم وتحسين اوضاعهم في ضوء مطالب الحياة الجديدة و اجراء المزيد من الدراسات على شريحة الشباب في الجامعات وفي الميادين كافة من قبل المنظمات التي تعنى بحياتهم ضمن مرحلة الدراسة أو ضمن مواقع عملهم في المؤسسات الرسمية والاهلية لتعرف واقع شعورهم بالاغتراب ومستوى هذا الشعور واقعاً لغرض معالجة مظاهره الخطيرة التي قد تؤثر في حياتهم سلباً وتدفعهم الى الضياع والتمرد والعدوان وهي في كل الاحوال ظاهرة خطيرة تعد خسارة وطنية كبرى في الموارد البشرية لاتعوض و لابد للمجتمع والجهة الحكومية ان تتنبه اليها مبكراً والى مخاطرها الهائلة وان تبادر الى معالجتها بحرص شديد قبل ان تتفاقم الظاهرة. |
|