|
حدث وتعليق مشهد ساخر في فصل مسرحي أكثر سخرية يقوم على اجتماع المتناقضات القسري وعلى طريقة قول الحق الذي يراد به باطلاً, إذ كيف للحرائق أن تنطفىء بضخ الزيت بدل الماء في سعيرها, والأرجح أن اختيار بلير لمهمة مبعوث اللجنة الرباعية للسلام, لا يأتي إلا من باب محاولة توطين وتعميم مواقف وسياسات ادارة الرئيس جورج بوش حيال السلام اياه, السلام الذي عجزت أوتعاجزت تلك الإدارة بصناعته في أي مكان في العالم, ويعرف العالم أجمع تجليات هذا العجز الأميركي المبتذل في العراق ولبنان على الأقل, إن لم نضف إليها أفغانستان والصومال, والسودان, وغيرها. بالطبع, ليس هذا موقفاً من طوني بلير, الشخص الذي ستولى كما يفترض, مهمة البحث عن مقومات السلام وتحقيق شروطه, وهو الذي ينبغي له أن يستحوذ على الحد الأدنى من مواصفات وسيط السلام, أين النزاهة والحياد والرؤية بعينين اثنتين لابواحدة عوراء انتقائيةج متعصبة, ولا بمواقف مسبقة ومعروفة وسبق اختبارها والتؤكد من انحيازها المطلق للجانب الإسرائيلي في معادلة السلام المختلفة. هو بالطبع, موقف من سياسات تفاضلية منحازة, اختارها ومارسها طوني بلير طواعية طيلة سنوات كان خلالها صاحب القرار السياسي الأول لدولة عظمى مثل بريطانيا, سواء كانت هذه السياسات من صناعة الوطأة الأميركية لإدارة الرئيس بوش أم كانت خياراً حراً وطليقاً لبريطانيا, فقد تبناها السيد بلير ومارسها حتى ضد ارادة شعبه وبلاده, وهي التي كانت في الواقع وراء سقوطه المدوي في بلاده وبين شعبه? الرئيس بوش, وهذا هو الأرجح, اراد التعويض على طوني بلير, بل ومكافأته نظير انطوائه كاملاً في بطانة السياسة الأميركية, ونظير هزيمة بلير أمام شعبه وارادة بلاده, فا ختاره, من خلف الكواليس, مبعوثاً للرباعية في مشروع سلام لم يلق به التشوه والتخريب والميوعة واللا جدوى إلا في ظل ادارة بوش وسياساتها الغاشمة. في هذا المشهد المشبع بالسخرية والمرارة, والخاوي تماماً من كل تفاؤل واحساس باللا جدوى, يغدو الرهان على وساطة بلير كمبعوث للسلام مطابقاً للرهان على جورج بوش كصانع للسلام, وكلا الرهانين حتماً إلى خسارة وانكفاء?? |
|