تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


دموع التماسيح

إضاءات
الاثنين 3-3-2014
د. خلف علي المفتاح

المتباكون على الأوضاع الإنسانية للسوريين هم ذاتهم أو على الأقل في أغلبيتهم الفاعلون الأساسيون لما يجري على الساحة السورية من قتل وعنف وإرهاب منظَّم يشنُّ على الشعب السوري منذ أكثر من سنتين ونيف،

فهم أول من فرض عقوبات جائرة على السوريين لمحاصرتهم في لقمة عيشهم ومصادر رزقهم وأوعزوا إلى العصابات الإرهابية المسلحة بالحقد لتستهدف المؤسسات الاقتصادية والخدمية والتربوية والصحية وتدميرها ونهبها وسرقتها وعلى مرأى ومسمع الجميع ولم يقفوا عند حدود ذلك بل قاموا بتدمير وسائط النقل الجماعية والسكك الحديدية وبعد ذلك استولوا على مخازن الحبوب ومنابع ومواقع استخراج النفط وسرقتها وتلويث البيئة ولم يكتفوا بذلك إذ قاموا بنهب الآثار والمتاحف وبيعها في دول الجوار إضافة إلى استهداف الأسواق التجارية التاريخية ومراكز العبادة وكل ما له علاقة بالتراث الحضاري للشعب العربي السوري بهدف تدمير الدولة السورية وكل ما هو قائم على الجغرافية الوطنية من إنجاز وإنتاج وإبداع لهذا الشعب العريق.‏

إن الحديث عن المساعدات الإنسانية لا يعدو كونه كذبة كبرى لها أهدافها السياسية التي لا تغيب عن ذهن أحد فلو كان مدعي التباكي على أوضاع السوريين يمتلكون حداً أدنى من الأخلاق والقيم الإنسانية لأغلقوا ممرات الإرهاب ومضخات الحريق القادمة من خارج الجغرافيا السورية والتي تتدفق يومياً حاملة الموت والدمار للسوريين مدنيين وعسكريين لا يستثنى من شرها صغار أوكبار وبعلمهم وتدبيرهم ومشاركتهم، ولعل التقارير الإعلامية والاستخبارية تتحدث عن ذلك بالتفصيل وبالأرقام والوثائق.‏

إن الحكومة السورية وانطلاقاً من واجباتها الدستورية والقانونية والأخلاقية عملت وتعمل ليل نهار من أجل راحة السوريين وأمنهم واستقرارهم وذلك جنباً إلى جنب مع أبطال جيشنا العربي السوري البطل الذي يواجه مجموعات الإرهابيين والمسلحين من كل أصقاع الأرض وهم يمارسون أبشع أنواع القتل والإرهاب بحق أبناء الشعب السوري الآمن لا لشيء إلا لأنه يرفض أن يتخلّى عن استقلاله وسيادته وكرامته وعروبته المقاومة في مواجهة عدوان أمريكي غربي صهيوني سافر مدعوم من قوى ودول في المنطقة ارتضت لنفسها أن تكون أداة طيِّعة بيد قوى البغي والعدوان على أبناء المنطقة وشعوبها.‏

إن استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي تحت عنوان المساعدات الإنسانية لم تتعامل معه الحكومة السورية إلا من موقع احترام السيادة وعدم المسِّ باستقلال البلاد وحقها في الدفاع عن أبناء شعبها وحرصها الأكيد على أمن وسلامة السوريين وخروجهم من هذه المأساة التي تسببت بها قوى العدوان على الشعب السوري وأدواتها وتوابعها في الداخل أولئك الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات إجرام بحق أبناء جلدتهم ولعل العودة إلى مجلس الأمن تعكس حقيقة الفشل الذي أصاب مخططاتهم وهم الذين اعتقدوا أنها ستنجح بإسقاط الدولة السورية بمكوناتها وخطابها السياسي وهويتها العروبية المقاومة وما كان لهم أن يحققوا ذلك أمام بسالة وشجاعة أبناء سورية جيشاً وشعباً ومؤسسات أولئك الذي سطروا ملاحم في البطولة والشجاعة والإقدام ذوداً عن التراب والمبادئ والقيم والكرامة الوطنية.‏

إن الإفلاس في تحقيق أهداف العدوان على سورية عبر استخدام أوراق الداخل واستنزافها هو الذي دفع بأطراف المؤامرة للعودة للتلويح بالعامل الخارجي سواء كان مجلس الأمن أو عبر توريط بعض الأطراف الإقليمية بالتدخل المباشر ولا شك أنها اساليب لم تعد تجدي نفعاً أمام صلابة الجبهتين العسكرية والسياسية وتصاعد وتيرة الوعي المجتمعي واتساع مساحة المصالحة الوطنية وهي عناصر قوة الموقف السوري وصموده الأسطوري ولعل المقبل من الأيام سيثبت أن لاعودة لإيقاع الأزمة إلى المربع الأول وإنما اقتراب من ساعة النصر المؤزَّر ؟‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية