تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في دار الأسد: ثلاث أمسيات موسيقية

شؤون ثقا فية
الأحد 3/8/2008
أحمد بوبس

ثلاث أمسيات موسيقية أقيمت ضمن فعاليات الندوة الموسيقية الدولية عن الموسيقي السوري الكبير علي الدرويش , أعادتنا إلى زمن غابر من الأصالة الموسيقية .

الأمسية الاولى كانت لمؤلفات و ألحان المحتفى به علي الدرويش . أحيتها فرقة حلب للموسيقا العربية بقيادة محمد قدري دلال . استمعنا أولاً إلى ثلاثة بشارف من مقامات مختلفة‏

و البشرف من أصعب قوالب الموسيقا الشرقية , لا يستطيع التأليف فيه إلا الموسيقيين العمالقة , و في سورية لم يضع بشرفاً إلا علي الدرويش و توفيق الصباغ ,و أدت الاعمال الموسيقية الفرقة باقتدار , فهو قالب صعب فيه ضغط كبير من النغمات .‏

و استمعنا أيضاَ إلى خمسة سماعيات متنوعة كانت من نسيج موسيقي خاص دل على تعمق علي الدرويش في الموسيقا الشرقية . أما في مجال الغناء فاستمعنا إلى سبعة موشحات جميلة , و كان تلحينها أقرب الى الأسلوب التركي . و هذا طبيعي إذا عرفنا أن علي الدرويش عاش تسع سنوات في تركيا . حيث تعلم الموسيقا في دار الألحان باستنبول و قام بتدريس الموسيقا لسبع سنوات في قسطموني . و لاحظنا أيضاً في ألحانها تأثره بالنوبات الأندلسية التي تعمق فيها كثيراً.‏

الأمسية الثانية التي أحيتها فرقة حلب للموسيقا العربية أيضاً . خصصت للموسيقيين الحلبيين , باستثناء سماعي قدم في البداية للموسيقي التونسي محمد التريكي , تحية للأشقاء التونسيين المشاركين في الندوة , و لأن محمد التريكي كان من تلاميذ علي الدرويش في تونس‏

بعد ذلك استمعنا الى ثلاثة موشحات لعمر البطش هي من أروع ما تم تلحينه في هذا القالب هي ( قم يا صاح ) , ( حسنك النشوان ) , ( مبرقع الجمال ) . و عمر البطش من أهم من لحن الموشح في الغناء العربي , و هي موشحات ليس فيها ميل الى التطريب , و انما فيها صنعة متقنة . و للموسيقي الحلبي بكري الكردي استمعنا الى دور بديع هو ( القلب مال للجمال ) , و الدور من أصعب قوالب الغناء العربي , و هو مصري بامتياز ,و لم يلحن فيه في سورية إلا بكري الكردي و عمر البطش و الموسيقي الفلسطيني يحيى السعودي . كما استمعنا الى لحن بكري الكردي المشهور ( ابعت لي جواب ) فاهتز الجمهور طرباً , و أدته مجموعة المرددين بأسلوب جميل , حيث تناوبوا على الغناء الافرادي لمقاطع الاغنية . و استمعنا الى موشح ( يا عاقد الحاجبين ) لصبري مدلل , و موشح ( يا مالكاً مني فؤادي ) لنديم الدرويش‏

و في الحقيقة كان المرددون في قمة الأداء , فكل منهم يمتلك صوتاً قديراً قوياً , و تجلى ذلك في الارتجالات الشعرية التي قدموها . و كان من أفضلهم احمد بدور و عامر خيري و حسام لبناني .‏

مسك الختام كان مع مجموعة مراد الصقلي من تونس التي بدأت أمسيتها بسماعي لعلي الدرويش تحية له , ثم مقتطفات من النوبة الخضراء للموسيقي التونسي خميس الترتان تتحدث عن جبل المنار و بلدة سيدي بو سعيد التي أقام فيها علي الدرويش بصحبة البارون دير لينجي لسنوات , ثم مقتطفات من نوبة رصد الذيل و نوبة الاصبعين , تذكيراً بجهود علي الدرويش في تجميع و تدوين التراث الموسيقي التونسي بما فيه النوبات و في الواقع كانت المجموعة مدهشة في العزف و الغناء , حيث كان الموسيقيون أنفسهم يعزفون و يغنون كانوا على سوية علمية عالية من الأداء الموسيقي . و لا غرابة في ذلك إذا عرفنا أن خمسة منهم يحمل كل منهم دكتوراه بالموسيقا من جامعة السورنون . وهم أنفسهم الباحثون الذي شاركوا في الندوات بأبحاث هامة عن علي الدرويش .‏

أما العازفان الآخران , فيحضر كل منها لنيل درجة الماجستير في الموسيقا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية