تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في الذكرى 31 لقرار الضم الإسرائيلي المشؤوم .. الجولان.. حضـور دائم في وجدان السوريين.. ووسط سورية وليس على حدودها

جولان
الخميس 13-12-2012
 عبد الحليم سعود

حافظت قضية الجولان العربي السوري المحتل على حضورها الدائم والمتألق في الذاكرة الجمعية والوجدان السوري الجمعي رغم كل المحاولات الإسرائيلية البائسة واليائسة والمتكررة لبلورة وترسيخ قرار الضم المشؤوم بحقه على أرض الواقع،

فرغم مرور 31 عاما على قرار الضم الإسرائيلي للجولان و45 عاما على احتلاله ظل هذا الجزء الغالي من وطننا حيا وحاضرا في أولويات وطنه الأم سورية شعبا وجيشا وقيادة وحكومة لأن الجولان يشكل رئة سورية الجنوبية وبوابتها الوحيدة لتحرير بيت المقدس والتعاطي بفعالية مع القضية الفلسطينية، وليس صدفة ما قاله الرئيس الخالد حافظ الأسد عن أن الجولان هو وسط سورية وليس على حدودها باعتبار أن سورية الطبيعية تمتد حتى سيناء المصرية مرورا بفلسطين «سورية الجنوبية».‏

هذا الحضور الدائم والمتألق لقضية الجولان في وجدان وعقل الشعب السوري يعود لأسباب عديدة يأتي في مقدمتها الموقع الاستراتيجي الهام الذي يشغله الجولان في خارطة سورية الحالية والطبيعية، وثاني هذه الأسباب وربما أهمها الصمود الأسطوري الذي أبداه أهلنا في الجولان خلال مقاومتهم للاحتلال وممارساته وإجراءاته القمعية والتعسفية ومحاولاته المستميتة لطمس هويتهم العربية السورية واستبدالها بالهوية الإسرائيلية، وكذلك التضحيات الغالية التي قدمها الجولانيون على طريق نيل الحرية والعودة إلى حضن وطنهم الأم وتقديمهم لمئات الشهداء عبر انتفاضتهم الباسلة ضد قرار الضم والإضراب المفتوح الذي استمر أشهرا طويلة، وهنا تحضر بإجلال معاناة الأسرى والمعتقلين والإعلاميين الذين زجّ بهم في المعتقلات والسجون الإسرائيلية لأنهم قاوموا الاحتلال وفضحوا مخططاته وممارساته العنصرية.‏

وإلى جانب هذه الأسباب لعبت الدبلوماسية السورية دورا هاما وفاعلا في جعل قضية الجولان ونضال أهلنا فيه قضية حية وحاضرة على الدوام على المنابر الدولية سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة الأمر الذي منحها دعما وتعاطفا دوليا أثمر عن قرارات دولية تطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل وغير المشروط من كافة الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها الجولان وعدم جواز اكتساب أراضي الغير بالقوة (القراران 242 و338) وكذلك القرار 497 الخاص بالجولان والذي اعتبر قرار الضم الإسرائيلي للجولان باطلا ولاغيا وليس له أي شرعية قانونية ورفض كل التدابير والإجراءات التي اتخذها الاحتلال الصهيونـــي والتي تخالف الأعراف والقانون الدولي.‏

وبالأمس عادت قضية الجولان لتفرض نفسها من جديد حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضية بأغلبية 110 أصوات واعتراض 6 أصوات قرارا جديدا يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان السوري المحتل كما يطالبها بضرورة الامتثال لقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالجولان وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 ما يعني فعليا أن هناك أكثرية في المجتمع الدولي تناصر قضية الجولان وتدعم حق سورية باسترجاعه كاملا غير منقوص في مقابل أقلية دولية متواطئة مع الاحتلال الإسرائيلي للجولان ومتورطة في دعم ومساندة وتغطية العدوانية الإسرائيلية المستمرة في المنطقة.‏

تخطئ إسرائيل كثيرا إذا ما اعتقدت يوما أن احتلالها للجولان سيستمر ويدوم طويلا مهما أقامت على ترابه من أسوار فولاذية أو رفعت من جدران عنصرية، أو غيرت أو بدلت في معالم أرضه وجغرافيته، لأن الجولان سيبقى عربي الهوى والهوية سوري الأصالة والانتماء، وقد أثبت أبناؤه الأوفياء في الكثير من المناسبات أنهم في قلب قضايا وطنهم الأم سورية لا يتخلون عنها مهما كانت المغريات أو التحديات، وهنا نستذكر بكل فخر مواقفهم ووقفتهم المشرفة خلال الأزمة التي تمر بها البلاد، إذ لم يتخلوا عن بلدهم ولم يخرجوا من انتمائهم لعلمه وكانوا إلى جانب شعبه وجيشه وقيادته يذودون عن حماه ويدافعون عن وحدته وأمنه واستقراره، من خلال زياراتهم وبياناتهم التي تعبر أصدق تعبير عن تمسكهم بهويتهم ووطنهم سورية.‏

ولذلك يجب أن يدرك حكام إسرائيل وإرهابيوها بأن سياسة الاحتلال والقتل والقمع والتوسع والعدوان والتمييز العنصري وبناء المستوطنات وفرض سياسة الأمر الواقع وضم أراضي الغير بقوة السلاح كلها ممارسات لا مستقبل لها لأنها مرفوضة من أصحاب الأرض ومن شرفاء المجتمع الدولي وقواه الحية، لأنها تنتهك المواثيق والأعراف الدولية وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ولذلك فإن مصيرها الإدانة والاستنكار والرفض من قبل غالبية المجتمع الدولي.‏

والسوريون بغالبيتهم ـ لأن بيننا للأسف من يبيع ويشتري بقضية الجولان ويستدعي الأعداء بمن فيهم إسرائيل للتدخل في شؤون بلده ـ مصرون على تحرير الجولان كاملا غير منقوص ودون قيد أو شرط وحتى حدود الرابع من حزيران عام 1967 ، ودون ذلك لا يمكن إجراء تسوية أو تفاوض أو تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، لأن كل هذه الأمور مرهونة بعودة الأرض والحقوق كاملة وفي مقدمتها عودة الجولان العربي السوري لوطنه الأم سورية.‏

تمر اليوم الذكرى 31 لقرار الضم الإسرائيلي للجولان والعيون مفتوحة على المعركة التي تخوضها الدولة والشعب والجيش في سورية ضد قوى الإرهاب والتطرف المدعومة من دول الاستعمار الغربي والرجعية العربية، وما يحز في النفس ويؤلم أن البعض يستخدم السلاح الإسرائيلي ليغدر بدولته وجيشه وشعبه بدل أن يوجه سلاحه إلى صدر العدو الإسرائيلي الغاصب الذي يحتل الأرض وينتهك الحقوق والمقدسات.. وكأنه مكتوب على الوطن أن يغدر مرتين مرة بسلاح عدوه ومرة بسلاح بعض أبنائه الضالين والمضللين ممن ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أداة للقتل والإرهاب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية