تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نافذة .. لماذا «تفرعن» مرسي؟!

ارآء
الخميس 13-12-2012
 سليم عبود

ماقام به الرئيس مرسي من تجاوز للدستور، او بالأحرى من «تفرعن» نسبة إلى الفرعون كان متوقعاً، لسببن أساسيين هما:

الأول: إن الرئيس مرسي ينتمي إلى تنظيم سياسي إلغائي، تكفيري، دموي، يسعى منذ عقود طويلة إلى امتلاك السلطة، والاستئثار بها.. بأساليب عديدة منها:«العنف، الاغتيالات، والخداع، والمتاجرة بقضايا الأمة»، وأخيراً.. التوافق مع الإدارة الأمريكية لتمرير مشروعها في المنطقة.‏

إن وصول الإخوان إلى السلطة في كل من مصر وتونس، وليبيا، جاء في إطار اتفاق أمريكي إخواني برعاية «أردوغان» ألإخواني، وتحت مظلة مايسمى بالربيع العربي.‏

والثاني: إن نجاح الرئيس مرسي في أداء دوره المكلف به أمريكيا خلال العدوان على غزة، إذ نجح بالتعاون مع حمد القطر، وأردوغان العثماني بتدجين قوى فلسطينية مقاومة بالانضمام إلى معسكر الاستسلام، والقبول بالشروط الأمريكية والإسرائيلية للقبول بوقف إطلاق الصواريخ إلى مناطق إسرائيلية مهمة «بشرياً وعسكرياً «وبوقف إطلاق النار، وقد أشاد بهذا الدور، وبهذا النجاح للرئيس مرسي كل من الوزيرة كلنتون، ونتانياهو، وشمعون بيريز، والصحافة لأمريكية والغربية والإسرائيلية، ومكافأة له أعطي الضوء الأخضر للسيطرة على السلطة في مصر، وإطلاق يده ويد حزبه للقيام بما رأيناه من إجراءات غير دستورية بدت بمثابة انقلاب حقيقي على الدستور وعلى القوانين وعلى القوى والأحزاب في مصر.‏

لنتأمل مايجري في مصر اليوم.‏

المصريون يتعرضون للخداع من قبل الرئيس مرسي،‏

إن كل ماقام به الرئيس مرسي هو نتاج ثقافة سياسية تقوم على التسلط والإلغاء للآخر في الوطن، ينتهجها الإخوان المسلمون في كل مكان وصلوا فيه للسلطة، في تركيا، وفي تونس، وليبيا، ومصر، ونقرأ ذلك في تصريحات الإخوان المسلمين في كل من الأردن وسورية، رغم تظاهرهم بأنهم يوافقون على وجود صناديق الانتخاب..إننا لم نقرأ، ولم نلمس في فكرهم،وسلوكهم، وتصرفاتهم، ونشاطهم السياسي وغير السياسي مايشير إلى أن الإخوان يسعون للتأسيس لدولة المواطنة، الدولة التي يكون فيها الناس سواسية أمام القانون أياً كانت انتماءاتهم الاجتماعية والدينية والفكرية مهما تظاهروا بالسلمية،‏

كيف سيكون الرئيس مرسي ديمقراطياً، ورئيساً لجميع فئات الشعب السياسية والدينية والاجتماعية وقد ألغى وجود الأقباط من المشهد السياسي المصري، وألغى حقهم الدستوري إضافة إلى إلغاء دور القوى السياسية الأخرى في مصر التي تنتهج نهجاً علمانياً وعروبياً.‏

إن التصريحات التي أطلقها مرسي قبل وصوله إلى عرش الدولة المصرية، تكذبها أفعاله اليوم، وهي الأفعال نفسها التي مارسها أردوغان قبله في تركيا بعد وصوله إلى السلطة، فسيطر على الجيش، والاستخبارات، وقام بسجن، وتسريح الكثيرين من ضباط الجيش بتهمة النية بقيام انقلاب عسكري، وألغى مفهوم المواطنة لكل من «ألأكراد، وأحزاب علمانية، وقوى مذهبية وطائفية يعتبرها العثمانيون الجدد قوى غريبة وكافرة، ولا وجود لها في المنظور الإمبراطوري الجديد الذي يقوم على ركيزتين متناقضتين في الأساس بحسب مفهوم الإخوان الأتراك، وهما:‏

«المذهبية، والقومية.»‏

والمجال الآن لايتسع للدخول في المسألتين.‏

إن إعلان الرئيس مرسي اليوم للائحة الدستورية، وإن كان قد أجبر على إلغائها نزولاً قسريا لما حدث في ميدان التحرير وحول قصر الاتحادية، ينقله من موقع الرئيس المنتخب ديمقراطياً، إلى موقع الدكتاتور الذي ينقلب على الديمقراطية، أو كما يقول المصريون إلى موقع «الفرعون»، وماحدث في مصر، حدث في تونس، وحدث كما أشرنا في تركيا، وسيحدث في مكان يصل فيه الإخوان إلى السلطة، لأنهم لايعترفون بالآخر، ويكفرونه، وبالتالي ليس لهذا الآخر الحق في السلطة، أو في الوطن، فهم نخبة الله أي الإخوان، وخليفة الله على الأرض.‏

لقد قال عنهم عبد الناصر يوماً «لاأمان للإخوان «.‏

كيف سيكون الأخوان ديمقراطيين، وكيف سيكون الرئيس مرسي ديمقراطياً، وليس في ثقافتهم ومبادئهم ومنطلقاتهم ثقافة الاعتراف بالآخر، حتى في مجتمعهم، أو ثقافة التسامح بالمعنى المذهبي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي، إننا نقرأ في خطابهم على مواقع التواصل الاجتماعي لغة الدم والتهديد والوعيد والتصفية الجسدية والفكرية والحقد، وكل تلك اللغة لانجدها في خطابهم على أمريكا والغرب والصهيونية، وفي كل مكان هم في السلطة يقيمون علاقات مع أمريكا ومع إسرائيل «تركيا، مصر، قطر، تونس»‏

إن كل مايفعله الرئيس مرسي، ويفعله الإخوان المسلمون في المنطقة يجعلنا نعتقد،ونؤمن بأنهم ينفذون مخططاً أمريكاً، رسمه ذات يوم الوزير كيسنجر، وأشار إليه بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق بعد سقوط الإتحاد السوفييتي بالقول: «على أمريكا والغرب بعد سقوط الشيوعية التوجه إلى إسقاط العدو الثاني» الإسلام» وهذا لن يتحقق لنا عسكريا، بل بالاعتماد على فصيل إسلامي من داخل المسلمين»‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية