تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل تفلح المحادثات الإسرائيلية-الفلسطينية في تذليل الصعوبات؟

هيرالد تريبيون
دراسات
الثلاثاء 25-2-2014
ترجمة: ليندا سكوتي

على مدى الستة اشهر الماضية تعلقت آمال كل من المفاوضين الإسرائيليين بقيادة تسيبي ليفني والمفاوضين الفلسطينيين بقيادة صائب عريقات بالوساطة الأميركية لمفاوضات السلام لكن دقائق معدودة في مؤتمر الأمن

المنعقد في ميونيخ جعلتهم يستشعرون الصعوبات والمعوقات الجمة التي تعترض سبيل محادثات السلام.‏

لقد بدا ذلك بشكل جلي عندما وجه رئيس وفد المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات انتقادات لاذعة للسياسات الإسرائيلية على الرغم مما عرف عنه من كياسة في المدى الطويل عندما كان يتحدث حول السلام في الشرق الأوسط حتى يكاد المرء أن يعتقد بأن يرى المنطقة «سي» في أحلامه، لكنه يبدو أن ليفني ليست على عجلة من أمرها للتخلي عن تلك المنطقة بل إن كل ما تطمح إليه هو تحسين موقعها السياسي بالحديث المستفيض عن صواريخ فلسطينية تطلق من غزة على سديروت والإرهابيين في الضفة الغربية وانعدام الأمن بالنسبة لإسرائيل. بل إنها لم تتورع عن تنبيه عريقات بأنه في حال التوصل إلى وضع نهائي بإقامة دولتين لشعبين فإن الضرورة تدعو إلى إنهاء كافة الإدعاءات التي تقول بمنح الأمل للفلسطينيين بالعودة إلى بيوتهم حيث يعيشون في المخيمات انتظارا لها.‏

لقد تسببت تلك الأقوال بإثارة حفيظة عريقات وجعلته يعلن على الملأ بأنه ابن اريحا التي يمتد تاريخها إلى 10,000 سنة، وليقول بأنه لن يغير قناعاته التي يؤمن بها. وفي هذا السياق، سأل ليفني عن الأسباب التي تدعوها إلى الإصرار على الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي في الحين الذي لم يوجه هذا الطلب إلى كل من مصر والأردن اللتين سبق وأن عقدت اتفاقية معهما في السابق.‏

لقد أصبح الإسرائيليون على قناعة تامة إثر كل من الانتفاضة الثانية والتجربة التي مروا بها نتيجة الانسحاب من غزة بأن العيش في أمان جنبا إلى جنب مع دولة فلسطينية أمر مستحيل الحدوث، كما وأن الفلسطينيين أصبحوا على قناعة بعد نصف قرن من الاحتلال بأن الإسرائيلين لن يرفعوا ضغوطهم عنهم لاسيما وأن جروح الماضي لم تندمل ويتعذر على أي من الطرفين نسيانها وإزاء ذلك فإن كيري سيجد صعوبات جمة في حل التشابك في الخيوط وتعقيدها لكنه مع ذلك يبدو بأنه قد أحرز بعض التقدم غير المتوقع في ميونيخ والذي يمكن تلخيصه بما ذكرته ليفني عندما قالت بأن ثمة فرصة حالية على الجميع ألا يفوتها لأن الثمن الذي سيدفعه الطرفان في حال عدم التوصل إلى اتفاق سيكون أكبر من الثمن الذي يدفع نتيجة الاتفاق. وقد قال لي وزير الحرب الإسرائيلي السابق ايهود باراك بأن هاجس كيري في الوقت الراهن هو احراز تقدم ذو أهمية.‏

من المتوقع بأن تصدر الولايات المتحدة في غضون الأسابيع المقبلة برنامج عمل تحدد به البنود لاتفاقية السلام وهذا يعكس ما تم التوصل إليه من أمور ويوفر الظروف لتمديد المحادثات بعد الاشهر التسعة التي سبق وأن تم تحديدها وتنتهي في اواخر شهر آذار وأتوقع بأن يقبل الإسرائيليون والفلسطينيون بذلك البرنامج والمفاوضات المعدة من قبل الولايات المتحدة.‏

عمد كيري وسفيره مارتن إندك إلى تسريب بعض بنود اتفاقية الإطار المتمثلة ببنود تقول بالانسحاب الكامل بشكل مرحلي ونهائي للجيش الإسرائيلي، وإقامة ترتيبات أمنية في وادي الأردن وأماكن أخرى الأمر الذي يجعل إسرائيل أكثر أمنا، وإيجاد حل عادل يُتفق عليه بشأن مسألة اللاجئين الفلسطينيين، والاعتراف المتبادل بالدولة القومية للشعب الفلسطيني والدولة القومية للشعب اليهودي، وإيجاد تسوية بشأن القدس لكونها تجسد طموحات الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وأن تبين بشكل واضح الأراضي التي سيتم مقايضتها بشكل عادل وفقا لحدود عام 1967 ذلك لان معظم المستوطنين الإسرائيليين وربما تزيد نسبتهم عن 70% يعيشون في المستوطنات الكبيرة مثل أرئيل ومعاليه أدوميم اللتان سيبقى وضعهما أمر مثير للجدل والنزاع بين الطرفين لأمد طويل.‏

إن عناصر التوصل لاتفاقية بين الطرفين أصبح معلوما للجميع، لكن يبدو أن كلا منهما ليس على استعداد لتبني الحلول الوسطية التي تمكن من إقامة السلام، لذلك فإن المطلوب الآن هو طرح عوامل للجذب يمكن بموجبها تهدئة المخاوف الجوهرية لكلا الجانبين.‏

يحتاج الفلسطينيون للشعور بأن الإسرائيليين سيلتزمون بإيجاد الحلول للمعضلات القائمة حيث أنهم يسيطرون على المنطقة سي التي يقع 60% منها في الضفة الغربية. أما الإسرائيليون فإنهم محتاجون إلى تهدئة مخاوفهم الأمنية وأن يُنظر بجدية إلى تلك المخاوف، كما وأن اتفاقية مع الفلسطينيين على انسحاب اسرائيلي على مراحل يمتد لمدة خمس سنوات يعتبر بداية لتحقيق السلام الدائم بين الطرفين، لكن واقع غزة التي تسيطر عليها حماس يبقى معضلة عصية على الحل في المستقبل القريب خاصة في ضوء فوات موعد الاستحقاق للانتخابات الفلسطينية وكون محمود عباس يفتقر للسلطة التي تمكنه من إحلال السلام الذي يسعى إليه.‏

في ميونخ همس هنري كيسنجر لمارتن أنديك قائلا:»سيكون لديك عمل شاق وصعب لأمد طويل» وربما يكون كيسنجر محقا في قوله في ضوء تمكن كيري من تحريك الكرة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية