تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ياقــلـة الحــيلــة

مجتمع
الأربعاء 26-2-2014
وصال سلوم

في سورية فقط , يصير للشهيد عرس ويزف محمولا على الأكتاف , يغنى له وتلوح الأيدي مودعة بحب , تبكي النساء بوجع وهي « تهنهن » جمل وداع ومفردات وجع .

في سورية فقط , في مجالس العزاء بالشهيد , تختلف طقوس العزاء ويصير المأتم مكانا للتهنئة كما لوكان عرساً..‏

في مجلس عزاء الشهيد البطل « سلمان بسام الحلبي »‏

كان الحزن مختلفا , والأسود زي الأجساد فقط , حيث لا مكان له في قلوب المعزين في مجلس عزائه كانت التهاني والتبريكات تأتي لذوي الشهيد من تامر وجمال واسامة ومن اصدقائه ربيع ووافي ومؤنس ووسيم ..‏

من أقاربه والجيران ورفاق السلاح «جينا نهنيكم يا أهل الدار»‏

عبارة قالها كل من دخل مجلس العزاء , والفخر والاعتزاز مصاحب لكل وجه ترحم للشهيد .‏

بأحلى الأغاني زفوه وهو الشهيد :‏

ياغراب البين ارحل/وحول عن البلاد‏

سلمان اليوم اتكل/ولبس توب الشهادة‏

اسمه بالمجد اتسطر/نوره بالسما وقاده‏

دمه بالمسك اتعطر/بتراب سورية قلادة‏

أما حين دخوله الدار بالتابوت مودعا أمه , التي صار لها من رفاقه ألف ابن , صارت الزغاريد مصحوبة بالبكاء تبدل ملامح الوجع , بالفخر , لطالما صاروا أهل شهيد .‏

سلمان , وحيد اهله , أخ لصبية وحيدة دونه , لأم أثكلها غيابه , وكسر خاطرها فجيعتها برحيله المبكر ..‏

سلمان , بطل وشهم , وشجاع .. معيل عائلته ووالده بلا راتب شهري , يساعد عائلته ويسند أمه , ويدلل أخته .. ولم ينس أن الوطن أيضا يحتاج منه التضحية , فكان أول المتطوعين بـ الأشرفية , ليناصر الجيش العربي السوري جيش العز والنخوة , والنصر الذي سيحمي الأرض والعرض ..‏

لم يتغيب يوما عن رفاق السلاح , ولم يخذل أبناء حيه , ساعد كل من استطاع لخدمته , وأبى أن يقعد في البيت والوطن يحتاجه .‏

والده يتمنى عليه أن يركن في الدار ويقول له يا بني أنت وحيدي ليس لي غيرك من الأبناء‏

يجاوبه البطل : لطالما أنا وحيدك هل أجلس بالدار كما تفعل النساء؟؟‏

دافع عن الوطن ضد جرذان الارهاب وحرس شارع حيه من الاجرام , وبينما كان يشيع رفيق سلاح , كانت ساعته , هوجموا بكل جبن من ظهورهم وهم المعزون والقائمون بتأبين شهيد , فجاءه رصاص الغدر في صدره , أرماه أرضا بدماء نقية نقاوة قلب امه التي بكته بقهر , تلبس في عرسه الأسود وترخي على رأسها الحرير الأبيض , كانت تمني نفسها بعرس تكون فيها ام عريس تزغرد وترقص أمام ابنها وعروسه , خانتها الأماني , وزغردت بوجع لعريس غائب ..‏

أم سليمان «جارة الرضا » والسيدة الفاضلة الصبورة التي رغم قلة حيلتها , إلا أنها للوطن قدمت أغلى ماتملك , وصارت من ابن قلبها اماً ثكلى , تنتظر الفرج القريب , الذي حاول ابنها الشهيد صناعته , كيف لا .. وكل شهيد في وطني ترنيمة نصر قادم وانشودة فرح لوطن الخير .. سورية الولادة لأبطال يشبهون سلمان وأمثاله كثر لطالما في وطننا جبناء ينبحون في الظلام , وأجبن من أن تتساوى قاماتهم بأبنائنا الأبطال ..‏

لأم سلمان كل التهاني نتقاسمها معها كما قالها لها أهلها وأقاربها‏

نحاول تكريمها من منبرنا , وهي ام الشهيد التي يخجل في حضرتها كل تكريم لكن ياقلة الحيلة‏

يا قلة الحيلة « الصبر كل الصبر لقلبك المسكين »‏

والخير بإذن الله لسورية الأم للوطن الذي سينتصر بعزيمة شبابه وايمان عجائزه .‏

كل الرحمة لروح الشهيد البطل « سلمان بسام الحلبي»‏

كل الرحمة لأرواح شهدائنا الأبرار‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية