تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحوار العربي - الأوروبي على قاعدة المصالح المشتركة

شؤون سياسية
الأحد 27/7/2008
علي سواحة

الحملة العدائية ضد العرب حملة قديمة جديدة ومغرضة واستمرت على شكل موجات متتالية شكلت السينما الهوليوودية وأجهزة الإعلام الغربي عموماً رأس الحربة فيها لتشويه صورتهم ,

ولقلب مفاهيم السلام والقول إن الأمة العربية لا تريد سوى إلقاء اليهود في البحر. ثم اشتدت الحملة الغربية والصهيونية إبان انهيار الاتحاد السوفييتي وظهور نظريتي /صراع الحضارات ونهاية التاريخ/اللتين تنطلقان من زعم واحد هو أن الإسلام سيشكل الخطر الأكبر على الحضارة الغربية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة بين الشرق والغرب وفي تحريض سافر ومنظم تحت ستار ما يسمى (الإسلام فوبيا) والخوف من الإسلام.‏

وبكل أسف شارك كثيرون في تأجيج هذه المخاوف ومنح الأعداء ذرائع متنوعة للترويج لمزاعمهم عن طريق المواقف والتصريحات المتطرفة استخدمت جميعها وللأسف فيما بعد لغزو العراق وأفغانستان .إن تلك الحملات المغرضة والمسيئة ضد أمتنا وموروثها الديني والثقافي والإنساني لا يمكن أن يجعلنا نقبل تبريراً لها على أنها حملات أتت من فراغ أو دون أي مخطط مرسوم لها من قبل جهات مسؤولة ومنظمات حكومية وأهلية في الغرب عموماً مهما حاولنا التخفيف من آثارها ونتائجها ومفاعيلها وأهدافها الخبيثة التي تحتمي وراء مزاعم كاذبة عن أمتنا .‏

وهي حملات بالتأكيد لن تقف عند حد أو زمن بل تتصاعد وتنحسر موجاتها وفقاً لطبيعة المسلسل المرسوم له والأهداف المنوطة به,بغية ايقاظ الفتنة بين العرب والغرب لمنع أي تقارب أو حوار بينهما وصولاً إلى قطيعة يستفيد منها أعداء الجهتين.‏

وإذا كان البعض ينفي نظرية المؤامرة في هذه الحملات ويعتبر أن الأمر مجرد حدث عابر أو موجة سائدة للتنفيس عن أحقاد عنصرية أو شخصية كنتيجة على سبيل المثال لتزايد نفوذ الجاليات العربية والإسلامية في دول الغرب ,إلا أن من يتابع مجريات الأحداث يدرك حقيقة هذا المخطط ويرفض اعتبار ما يجري مجرد نزوات أو صدف غير مترابطة ومنسقة ترمي دون شك إلى أبعد من هذه التحليلات المبسطة.‏

وهذا يحتم في نفس الوقت عدم السكوت عن ذاك المخطط ,ومن واجب الأمة جميعاً أن ترد عليه وأن تضع حداً له وحصر مفاعيلها مع الحكومات الأوروبية حتى لا يحقق المغرضون أهدافهم وينجحون بين الحين والآخر في صب الزيت من جديد لإيقاظ الفتنة.‏

وحتى تكتمل الصورة لابد من إلقاء الضوء على المستفيدين من شن الفتنة وهم بالطبع ينتمون إلى ثلاث فئات الأولى فئات متعصبة دينياً بدأت نشر ثقافتها في الغرب حديثاً ولاسيما في الولايات المتحدة مع عهد الرئىس بوش الابن والفئة الثانية وهي فئات غربية عنصرية تكره العرب وغيرهم من المهاجرين بعد أن ارتفع واتسع نفوذهم في الغرب ما دعا بعض المتطرفين إلى المطالبة بالتصدي لهؤلاء وترحيلهم عن أوروبا.‏

أما الفئة الثالثة ممن يريدون ايقاظ تلك الفتنة واللعب على وترها بين الحين والآخر فهي الصهيونية العالمية التي تعمل دون كلل أوملل على ضرب أهداف عدة بحجر واحد أهمها إحداث القطيعة الدائمة بين العرب والغرب وبين أوروبا والعرب المتفرقين لمنع أي تقارب بينهما يقوي العرب ويضعف اسرائىل ويفقدها معظم الأوراق التي تستخدمها لتبرير وجودها وعدوانها وممارساتها الإجرامية.‏

ولعل الصهيونية من عقيدتها أن مثل هذه الوظيفة تشرع لاحتلالها الأرض العربية الفلسطينية وانتهاكها لحقوق الانسان الفلسطيني وجرائم إرهابها منذ ولادتها القيصرية في عام 1948 إلى يومنا هذا.‏

إزاء هذا الواقع فالأمر بالتأكيد يتطلب استراتيجية عربية كما هو الحال لأي قضية أخرى مازالت عصية على المعالجة العربية في إطارها القومي والحفاظ على الأمن القومي العربي كي يتم من خلالها التصدي لكل الأخطار المحدقة بالأمة وما أكثرها اليوم ولعل في استخدام لغة الحوار والعقل خير طريقة للتعامل مع الغرب لإحباط المخطط الصهيوني المرسوم والابتعاد عن الافعال والمواقف الانفعالية إذ إن الفترة الماضية شهدت عمليات فعل ورد فعل وكر وفر ولم نجن منها كأمة واحدة سوى النتائج العكسية ,كما أنه من غير الجائز أن نضع كل الغرب في سلة كما أنه من غير المنطقي أن نضع كل العرب والمسلمين في سلة واحدة أيضاً لكن قيام حوار عقلاني من موقع الاقتدار والحكمة والدفاع المشروع عن ثوابت الأمة مع دول أوروبية تريد صادقة و الحوار يبقى هو الطريق الأمثل كي نتوصل إلى طموحات مشتركة يعيد التعاون العربي الاوروبي مفاهيمه الصحيحة لخدمة تنمية دولنا وتقدمها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية