|
شؤون سياسية وفي اعتقاد العديد من المراقبين السياسيين لو حقق أولمرت إنجازاً في الحرب التي دامت ثلاثة وثلاثين يوماً لما وجد نفسه في مثل هذه الضائقة القانونية والشعبية التي تلامس 2% , ويبدو أن »القرف« الإسرائيلي من القيادات الأخرى لم يكن بأحسن مما آل إليه الحال بالنسبة لرئيس الحكومة الوحيد المتبقي من الترويكا التي كانت تحكم إبان الحرب بعد أن تنحى وزير الدفاع عمير بيرتس الذي لاحول له ولاقوة, وهوى نجم رئيس الدولة بفضيحة التحرش الجنسي. فوزيرة الخارجية تسيبي ليفني لم تتجاوز 7% من آراء المستطلعين, فيما نال شاؤول موفاز 10%, وفي لحظات التأزم يميل الإسرائيليون إلى القيادات المتطرفة فمنحوا بنيامين نتنياهو 19% في حين نال إيهود باراك ما نسبته 16% والمعنى المستفاد من هذه المعطيات هو أن الإسرائيليين عادوا إلى قصة اليهودي الذي يكره نفسه والتي من دلالاتها البؤس والانهيار. وقد لخص »عمانويل فالد« الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في كتاب له بعنوان» لعبة الأواني المكسورة« حالة الدولة العبرية, رغم المناورات التي أجراها الجيش بعد حرب تموز ويصل عددها إلى نحو 18 مناورة تعبيراً عما يسميه عوفر شيلح الكاتب في الشؤون الأمنية في صحيفة معاريف »تقلبات كبيرة جراء صدمة حرب لبنان الثانية«, لخصها بقوله:» ليس أمام إسرائيل من احتمال عسكري في المستقبل إذا ظل الجيش الإسرائيلي يسير في الطريق التي يسير فيها حالياً, مؤكداً أن الدولة الإسرائيلية تعيش الآن في» زمن مستعار« أو »الوقت المستقطع« وأن مؤسستها العسكرية تسير نحو الضياع, وإذ ينتقل من التعميم إلى التخصيص يقول »فالد« وهو عقيد في الاحتياط:»إن قادة الجيش يعانون من نقص واضح وظاهر في الاهتمام والفهم والتقنية في الحرب بصفة عامة وفي الاستراتيجية بصفة خاصة, ويسود بينهم عداء لأي مبادرة في المجال الفكري, وهم يفتقرون إلى التفكير الاستراتيجي السياسي«. كان من الطبيعي أن تتبدل نظرة المجتمع الإسرائيلي, الذي يخاف من المستقبل أكثر مما يشاع للجيش الذي ماطلب يوماً حاجة قال إنها ضرورية له إلا تمت الاستجابة للطلب القادم من »البقرة المقدسة«, هذا التبدل الذي هو في حقيقته ترد ليس في نظرة المجتمع للجيش وحسب بل في نظرة الجيش لنفسه, حتى إنه وصف بالذي » خيب نفسه بنفسه« ( السفير 14 تموز 2008ص13) وهو على مايقوله أستاذ علم الاجتماع السياسي البروفيسور »داني رابينوفيتش« إنه (الجيش) والمجتمع يفتقران, منذ وقت طويل, إلى قيادة مستعدة للنظر إلى الواقع بالشكل الصحيح والقيام بما ينبغي القيام به(المشهد الإسرائيلي- مقابلة خاصة 8/7/2008) ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤخراً صحيفة» إسرائيل اليوم« تبين أن مالا يقل عن ثلث من يؤدون الخدمة النظامية يبحثون عن عمل خارج الجيش بعد أن كانت هذه النسبة في العام الماضي نحو 40% ولايخفي الذين استطلعت آراؤهم في الجيش حقيقة أن أبرز الأسباب وراء الرغبة في الخروج من الجيش تكمن في نتائج حرب تموز على لبنان. ورغم أن المحللين الإسرائيليين يتحدثون عن أن هذه الحرب كانت حرباً ضد منظمة » أنصار« أي »ميليشيا« , على حد وصف رئيس لجنة التحقيق في عثرات الحرب الثانية القاضي فينوغراد في الجزء الثاني من تقريره( 31 كانون الأول 2007), فإن الحرب لو جرت ضد جيش نظامي لما كانت النتيجة أفضل بالنسبة للجيش الإسرائيلي إذ لا يوجد سبب يجعل أداء الجيش أفضل أمام قوات نظامية, ولن يتردد هذا الجيش النظامي(المعادي) في قصف الجبهة الداخلية الإسرائيلية, إضافة إلى ذلك فإن إسرائيل ليست قادرة على خوض حرب نظامية طويلة المدى. فعلاوة على أن إسرائيل بنت نظريتها في الأمن على الحروب القصيرة والسريعة التي تحقق معها عنصر الإبهار, فإنها لا تستطيع خوض حروب استنزاف التي تضطر القيادة العسكرية الإسرائيلية معها إلى استدعاء» الاحتياط« وهو قوة عاملة في المجال الاقتصادي, وإذا دعت الضرورة إلى ذلك فإن النتائج الاقتصادية: عجز في الصادرات وزيادة في الواردات مع مايرافق ذلك من ضخم سوف تدفع الكيان الإسرائيلي إلى حالة من العوز, مايذكر الإسرائيليين بسنوات الركود الاقتصادي وأشهرها أزمة عام 1953 حتى إن بعض رؤساء بنك إسرائيل »البنك المركزي« وصف تاريخ إسرائيل بأنه تاريخ أزمة اقتصادية, ومن جهته اعتبر القائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي »ايتان بن الياهو« في محاضرة ألقاها بمناسبة الذكرى الثانية لحرب تموز: إن»أي حرب قد تخوضها إسرائيل ضد إيران أو سورية ينبغي ألا تزيد مدتها عن 20 يوماًَ, وإلا قال محللون اقتصاديون: وقعت في »مصيدة الاستنزاف«. المشكلة المركزية التي واجهت الجيش الإسرائيلي أثناء الحرب, كانت »عدم التدرب في السنوات السابقة للحرب»هآرتس/7/2008«, التي أشارت إلى أن هذه التدريبات توقفت منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول العام ,2000 ونقل مراسل الصحيفة عن ضابط كبير إثر مناورات أجراها الجيش الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل قوله وهو يشير إلى مواقع الضعف: لقد نشأ واقع لم يعرف قادة الجيش فيه مامعنى الجهوزية الحقيقية للقوات, وبقدر ما أرجع هذا الضابط الأمر إلى تدني التربية العسكرية, فإن الأمر يشي أن هناك»تآكلاً« في الجهوزية, وما ترتب على ذلك هو أن قائد كتيبة لم يحضر أبداً تدريبا لكتيبته, وتدفع به إلى المعركة, فهل يتوقع أحد له أن ينجح?. ومع ذلك فإن قيادة الجيش ليست متفقة على التغييرات التي أدخلها رئيس الأركان غابي أشكنازي في الجيش, التي وصفت أنها» عميقة«, وهي ليست أكيدة من أن تنفيذها سيتم في الاتجاه الصحيح, وكان أشكنازي الذي يقول إنه عبر بإصلاحاته ثلثي الطريق نحو ترميمه الجيش بشكل كامل, قد اختار ثلاثة مواضيع أساسية هي: إعادة الثقة بالنفس, وسد الفجوات المهنية واختيار الأشخاص المناسبين لكل منصب. واستعداداً للشروع بهذا العمل أعلنت واشنطن أنها قدمت مساعدات عسكرية جديدة للجيش الإسرائيلي تصل إلى 1,9 مليار دولار ( السفير 17/7/2008). بعد سنتين من الحرب مازال الإسرائيليون منشغلين بالمغلفات التي تلقاها أولمرت, وبسرقات وزير المالية السابق» أبراهام هيرشزون«, وبقبلة انتزعها حاييم رامون من إحدى العاملات في السكرتاريا العسكرية لمجلس الوزراء, ومازال أيهود أولمرت في موقعه. |
|