تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تشكيلات فنية .. تتلون مثل حكاياها

شؤون ثقا فية
الأحد 27/7/2008
آنا عزيز الخضر

يتماثل الواقع اللبناني أمام أعيننا مجسداً بكل ما فيه عبر عرض بوابة فاطمة على صالة مسرح الحمراء بدمشق وهو من العروض التي استضافتها احتفالية دمشق كعاصمة للثقافة العربية

إنه عرض -واقع- يضاف إليه رؤية استكملت شروطها الفنية والابداعية والفكرية وشملت مناحي الحياة اللبنانية فهو من جهة أشرك عناصر فنية أدخلتنا خضم الحدث وساقت معها شخصيات العرض المسرحي وحمل سوية فنية ترجمت راهنيه حاضره وفجائعية متعددة الاتجاهات داخلاً وخارجا فكان هناك سينما وثائقية ساعدت الأفعال الدرامية والحركة المسرحية بحقائقها وكان هناك صور ومشاهد مسرحية شكل العرض بها لوحة فسيفسائية للمشهد اللبناني بتناقضاته الصارخة كل لوحة فيها اختصت بحيز حياتي ما فهناك حرب مشرفة إلى جانب بعض زعامات لم تعنها تلك الحرب وكأنها لم تقع على أرض الوطن ولم تقتل أبناءه هناك موت يأتي من الخارج, وموت يمارسه البعض في الداخل وهكذا من الملامح الأخرى الكثيرة.‏

لم يلتزم الفنان المبدع روجيه عساف بأسلوب مسرحي خاص دون غيره بل ولف عناصر عرضه معتمداً على فنون عديدة مزجت بين المسرح والسينما والصورة وغيرها مبتكراً حلولاً تشكيلية وتعبيرية, يختار المتلقي فيها بين تأثير الفعل الدرامي وتأثير الفعل الواقعي حيث لم يترك حيزاً حياتياً إلا واخترقه باحثا في دقائقه ومصورا عوالمه المأوساية ولم يغفل ما اقترفته أيادي الاجرام الإسرائيلية من خراب وتدمير وقتل كما لم يغفل الحياة ولا الحب فهو يرى بوابات كثيرة يدخلها يدور في عوالمها وبحنكة فنية وأسلوبية تعبيرية يجعلنا نتلمس انتظامية تلك المأساة في كل حيز يدخله وهاهو ينتقل من مساحة إلى مساحة يرصدها ويعلن موقفه بوضوح منها تلك للزعامات الطائفية والتي تشوه وجه المدائن والوطن وموقفه يعتمد دوما على الحقائق وها هو رغم الفجائع لم تخلُ حوارات العرض من منطقيتها كالتي وقعت بين الأم الإسرائيلية والأم اللبنانية التي قدمت أبناءها فداء لأرض الوطن ويتدخل المخرج فيقول للممثلة أثناء العرض أنت إنسانة كوني طبيعية مفككا الأساليب المسرحية المرسومة المسار, ومحطماً الحواجز بين مفردات العرض و بين المتلقي إذ يطلب من الامرأتين أن تتلو كل منهما ما عندها ممعنا في إظهار الحقائق حيث تحتج الإسرائيلية بأن حزب الله استخدم المدارس وسيارات الأطفال لصواريخه فترد اللبنانية ضربت 68 مدرسة ودمرت 28000 منزل, 72 جسراً وغيرها الكثير الكثير فهذا كله أضفى على العرض جمالية فكرية وواقعية خاصة أبعدته عن خشبة المسرح ليكون ما بين الناس فالعرض يتحدث أحيانا عن الحالات الإنسانية وأحيانا عن الحرب وأحيانا مع المتلقي وأحيانا عن الواقع عبر خطة اخراجية مبتكرة الصنع أوصلت مضامين عديدة ومواقف وحيثيات مشخصة لوحة الحياة اللبنانية حيث الحكايا تتسع وتتشعب تمر على كل الأبواب والتي هي مجرد أعمدة منصوبة داخلها واضح كالشمس لتتكامل تلك الحكايا في النهاية حيث الجدران ما بين مهدم ولا حواجز بينها على الإطلاق فالحكايا وإن تنوعت فهي صورة لواقع واحد .‏

الممثلون هم: روجيه عساف, حنان الحاج علي, زينة صعب دي ميليرو.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية