|
مجتمع فنسارع إلى مشجب الأزمة لنعلق ألواناً متنافرة من أرواحنا المهترئة التي مزقتها حرب طاحنة ، فنرى شباباً في مقتبل العمر هرموا قبل الأوان و استسلموا لشيخوخة مبكرة ، و قدموا عقولهم المتقدة طوعاً لزهايمر طارئ ، فكفوا عن متابعة تحصيلهم الدراسي بدعوى ترد وضع مادي ، أو تأزم نفسي أو اضطراب عائلي سببه نزوح أو ضيق ذات يد ِ، و تقاعسوا عن أداء واجباتهم العملية لملل أو إحباط و فقدان الأمل بما يحمله الغد . و بينما هربت روح الشباب من قامات غضة ، و تسرب اليأس و القنوط إلى نفوس يانعة ليصيبها بالجفاف و الانكسار الروحي ، دب الأمل في عروق هرمة لتبحث عن حلم تائه منذ عقود ولت ، و لأنها امرأة سورية لم يكسرها دمار بيت و نزوح من مدينتها دمشق إلى اللاذقية ، لم تسجن إرادتها الصلبة بثياب حداد على ولديها الشهيدين ، كما لم يثنها لقب أميّة الذي استباح سنوات عمرها السبعين ، فاستعارت السيدة « نجلاء البرغل « همة» الشباب لتبدأ النقش بالحجر و تنفض عنها لقب « أميّة » و تفوز عن جدارة بصفة طالبة جامعية استثنائية . من سمع مؤخراً عن تلك الطالبة الجامعية بسنواتها السبعين في جامعة تشرين قسم المكتبات ، سيدرك أنه أمام طموح جارف تنهار أمامه الحواجز مهما كانت شائكة ، و أن تعلم المرأة لا يصنع سلاماً نفسياً وينيراً عقلاً بشرياً و يبني مجتمعاً و حسب ، بل إنه في ظل ظروفنا القاهرة طعنة جريئة في وجه من أرادوا أن ينالوا من المرأة السورية كعقل مستنير علماً ، من خلال استهداف البنية التحتية للمؤسسات التعليمية ، في محاولات يائسة لسجن المرأة وراء قضبان الجهل و العودة بها إلى عصور التبعية ، و لكن هنا ترتفع أصوات أنثوية لتقول لدعاة الجهل .. هيهات .. |
|