تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وجه تتمازج فيه ملامح الوطن !

كواليس
الأحد 13-12-2015
سليم عبود

لمفهوم الوطن .. والأمة وجه واحد .. وهذا الوجه بملامحه، وجه سورية التاريخ ، قبل الإسلام ، وبعده.. وقبل مجيء مايسمى بالربيع العربي ، والآن ..

مازال هذا الوجه السوري محتفظا بملامحه ، وبأصالته ، وبهائه ، رغم البثور التي حدثت بفعل عوامل عديدة أحدثتها وحشية الوهابية والإخوان ، والعثمانية ،و أرادت منها تدمير الوجه السوري الجميل .. شكلا، ومضمونا .‏

الفيلسوف فرنسي « جان، لوك نانسي» يقول: «هناك تشابه كبير في الإنسان بين الملامح الخارجية والروح الداخلية، وهذه خاصية تتميز بها حتى الشعوب، ولها تأثيرها في السلوك ، والاعتقاد ، والثقافة، والعادات ، صحيح أن السلوك غير مرئي ، لكننا نقرؤه في الملامح، والتصرفات»‏

تاريخيا.. ملامح الوجه السوري، لم تكن في هذه الفرادة الجمالية الخارجية التي يعترف بها الآخرون .. وإنما في تلك الفرادة لتلك الروح الداخلية التي انبتت ، على مدى التاريخ حضارات متطورة، وفاعلة، ومبدعة.. من الأبجدية الأولى.. إلى النوتة الموسيقية الأولى.. إلى السفينة الأولى.. والشراع الأول.. واللون الأرجواني الذي كان يميز الشراع السوري المبحر إلى كل البحار حاملا الحضارة، والأبجدية والثقافة.. إلى احتضانها المسيحية.. والإسلام المعتل..‏

والنبض القومي، والعروبة المتوهجة بأصالة أمة لم تغادر دمشق..‏

واستنادا إلى كل ذلك يمكننا القول : للسوريين تاريخ حضاري ، يشكل جدارا قويا في وجه أي محاولات تستهدف وحدة السوريين ، وتماسكهم، وثقافتهم ، وانتماءاتهم إلى روح متوثبة ، لايمكن لقسوة السواطير أن تذبحها..‏

للسوريين وجه واحد هو الروح القومية، العروبية التي شكلت نبض الأمة العربية، قديما ، وحديثا.. ولولا احتفاظ السوريين بهذا النبض، لكانت اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة قد أجهزت على تلك الروح ، ودفنتها إلى الأبد .. وإذا كانت سورية تحارب اليوم ، من قبل الوهابية، والإخوان ،والعثمانية الجديدة، والصهيونية والغرب، لأنها تتمسك بعروبتها وتحافظ على قوتها ونقائها وصمودها..‏

وإذا كانت سورية قد صمدت.. وقاومت، وانتصرت ، لأن نبضها العروبي ظل حياً ، ومتوهجا، ينير دربها، ويمنحها قوة الصمود والتحدي..‏

قد يبدو هذا الكلام رومانسيا.. لكنه في الواقع ، تجلى صمودا ، وتماسكا، وقوة.. وإن كل سواطير القتلة.. وكل صيحات الفتنة .. وكل الدعوات الطائفية، والعرقية ، فشلت في صناعة وجه جديد لسورية .. وفشلت في تغيير ملامح الوجه السوري، والثوابت السورية ، لأن الإنسان السوري عروبي أولا.. ويفكر بوضعه في وطن، وأمة، وليس العكس.. لهذا انهارت أنظمة عربية برياح مايسمى بالربيع العربي.. وصمدت سورية، لأنها نجحت الآن ، وتاريخيا في الإمساك بالريح ، وحولتها إلى طاقة تماسك، وصمود، ونضال ، وتآلف وطني .. وهذا ليس كلاما فيزيقيا كما يرى بعض المهزومين، وإنما هو كلام أنتجه الفعل ، فهو مزيج بين التاريخ والواقع ..‏

أعداء سورية.. يتحدثون عن طوائف، ومذاهب ، واثنيات..‏

لدينا طوائف؟.. نعم ، ولكن ليس لدينا طائفية ، وإذا كانت الوهابية، والإخوان قد اشتغلتا سنوات على ذلك، وأنفقتا مليارات من الدولارات .. فإن حجم التصدع كان ضئيلا.. والدليل، هو هذا التماسك السوري الذي أبهر الأصدقاء، وهزم الأعداء.. الطائفة الغالبة .. هي الطائفة العروبية.. كل خروج على هذا الانتماء.. هو خيانة.. كل ممارسة تناقض هذا الانتماء هو إجرام بحق سورية وشعبها.. كل خطاب طائفي.. بفعل.. أو ردة فعل على قول هنا أو سلوك هناك .. ومن أين صدر هذا الخطاب..؟ هو خطاب مدان بشدة يصب في مصلحة الذين يريدون تمرير الفتنة‏

إن هؤلاء الذين يشتمون العروبة .. كردة فعل على أعمال أنظمة عربية... يحققون لهذه الأنظمة ماتهدف إليه.. بإبعاد السوريين عن انتمائهم العروبي والقومي.. وهذا يعني تحول سورية إلى جغرافيا فاقدة لنبضها.. وهو ماتريده الصهيونية ، والوهابية ، والعثمانية.. والغرب منذ عقود.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية