|
متابعات سياسية لكن الأهداف الأميركية أصبحت مكشوفة وهذا مايعترف به السفير الأميركي السابق في السعودية عام 1991 (تساس فريمان) بالقول: إن الشرق الأوسط هي المنطقة التي تذكرنا بعدم الانتصار في بعض الصراعات لكن من دون انتهاء هذه الصراعات, ويرى أن واشنطن يمكنها أن تتعلم من الهزيمة دروساً أهم من التعلم من بعض النجاح الذي تحققه في تلك المنطقة ويحدد عدداً من عناوين الفشل والهزيمة الأميركية ومنها: الفشل في تحقيق الأهداف الأميركية في سورية والعراق والفشل في احتواء ايران والفشل في إغلاق ملف القضية الفلسطينية, ويعترف أيضاً أن السياسة الأميركية في السنوات العشر الماضية تسببت بضعف الثقة بقدرة أميركا على الاستفراد في رسم خريطة الشرق الأوسط وحدها على المستوى الدولي والإقليمي. وبالمقابل يؤكد (روبرت باري) الكاتب السياسي الأميركي المعارض لسياسة الهيمنة الأميركية أن الكثيرين من المختصين بالشؤون الروسية العسكرية والسياسية يؤكدون أن واشنطن لن تتمكن من تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط ولا في منطقة البحر الأسود وأوكرانيا لأن أقصى مايمكن أن ينتج عن هذه السياسة الأميركية هو الدخول في نفق (حرب باردة) تتصارع فيها موازين القوى الإقليمية والدولية دون صدام مباشر ودون تغيير حاد في الخريطة السياسية لمصالح معظم الدول المنخرطة في سياسة الحرب الباردة مع هذا المعسكر أو ذاك. وفي دراسة أعدها (كينيت بولاك) أحد المسؤولين عن مركز السياسة الخارجية للشرق الأوسط وقدمها في مجلس النواب الأميركي يكشف الكاتب عن تزايد احتمالات خروج الشرق الأوسط أو بعض مناطقه عن السيطرة المطلوبة من أميركا, ويحذر من تطورات الوضع في العراق ووجوده بين ايران وسورية خصوصاً ومن المراهنة على عدد من الحكام المتحالفين مع أميركا لأنهم تحولوا إلى عبء في طريق مصداقية المصالح الأميركية وفي طريق الانفراج الدولي مع موسكو وبكين والرأي العام الأوروبي. يرى (كريستوفر موريس) في تحليل نشره في مجلة (فاليو ووك) الأميركية أن أي صدام مع موسكو سيفرض صداماً مع الصين لأن أي طرف منهما أي من روسيا والصين يدرك أن انتصار واشنطن على أحدهما سينهي مصالح الطرف الآخر وأن الاحتمال الأقوى هو أن تسود حرب باردة وطويلة لن ينتصر فيها أي طرف على الآخر ويضيف موريس إن موسكو وبكين لن يسمحا بأي تدهور لمصالحهما في الشرق الأوسط وخصوصاً في سورية بعد أن ضمنت ايران من اتفاقها مع السداسية الدولية عدم شن حرب أميركية مباشرة عليها. خلاصة القول: إننا نعيش نهاية حقبة بدأت مع صعود المحافظين الجدد في مراكز القرار الأميركية حيث اختبر هؤلاء استراتيجية لضمان الهيمنة الأميركية على العالم لقرن جديد والتي بنيت على أساس التدخل العسكري المباشر اعتماداً على آخر ما أنتجته التكنولوجيا العسكرية الأميركية حيث انتهت هذه الاستراتيجية بفشل ذريع في العراق وأفغانستان وإلى هزيمة في حرب تموز في لبنان عام 2006 منيت بها اسرائيل القاعدة العسكرية الأميركية في المنطقة العربية ومن ثم تلا ذلك اخفاق الاستراتيجية البديلة التي اقترحها حلفاء أميركا والتي تمثلت بإرسال السلاح والمال والإرهابيين لإسقاط سورية الحلقة المركزية في حلف المقاومة حيث انتهت هذه الخطة إلى دخول قوى عظمى هي روسيا بكل طاقتها إلى جانب سورية بل بتورط حلفاء أميركا في مواجهات عسكرية صعبة. ويمكننا تشبيه حالة الانكفاء الأميركية اليوم بمشهد الانسحاب الإسرائيلي المذل من جنوب لبنان حيث قررت اسرائيل أن كلفة وجودها العسكري في لبنان زادت على العائد المرجو فتركت عملاءها لمصيرهم هكذا قررت الولايات المتحدة أن الاستثمار في النفط الصخري مجد أكثر من محاولة السيطرة على منطقة الشرق الأوسط المعقدة عسكرياً, لذلك نجد مفكرها الاستراتيجي بريجنسكي يكتب مقالاً في الفاينشال تايمز يعترف فيه بأن الولايات المتحدة لم تعد قادرة وحدها على مواجهة مشاكل العالم وعلى لعب دور الشرطي الدولي وأنه لابد من تنسيق بين القوى العظمى في العالم نستخلص أننا أمام اعتراف أميركي شبه صريح بحقيقة نهوض حلف عمالقة آسيا الكبار (روسيا والصين وايران) الذين يدخلون المنطقة العربية ليس بهدف تكرار تجارب الولايات المتحدة الفاشلة بل بقصد الشراكة مع الدول الوطنية فيها لمواجهة خطر الإرهاب المخلق أميركيا والممول خليجياً ومن أجل حرمان أميركا من فرصة التفكير بممارسة تجارب استعمارية جديدة في البر الآسيوي. |
|