|
الثورة- رصد وتحليل وعلى مدى سنوات طويلة أصبحت كلمة «توتر» الكلمة المناسبة والتي تلخص العلاقات السعودية الإيرانية وتصفها، ولاسيما مع مواصلة السعودية اللعب على وتر الطائفية ومحاولاتها المستمرة في تأجيج العنف المذهبي القائم على رفض الآخر والسعي لدفع المنطقة إلى آتون الفوضى القائم على أسس من التطرف والإرهاب النابع من عقليتها الوهابية وتعاليمها الشيطانية. وفي الفترة الأخيرة كانت هناك محاولات للتقريب بين وجهات نظر الدولتين، وهو ما لم ينتهي على خير، حيث عطل ال سعود هذا التقارب الذي حاولت ايران صناعته وسعت اليه دائما، وازداد توتر العلاقات على خلفية إعلان النظام السعودي تنفيذ حكم الإعدام في 47 محكوماً من بينهم الشيخ نمر النمر. اللعب على وتر الطائفية شهد التاريخ السعودي دلائل كثيرة ومعطيات تؤكد حقيقة الفكر السعودي القائم على التطرف المنتج للإرهاب العالمي والعقل المتشدد الذي يرفض الآخر ويدعم الحركات المسلحة التي تستند في تعاملاتها على أسس الفتاوى النابعة من صميم المدرسة الوهابية السعودية التي تحكم تعاملات حكامها على المستويين الداخلي والخارجي وكيفية تعاطيها مع ملفات المنطقة والعالم، وما ينتج عنها أيضاً من تغذية للمذهبية والطائفية عن طريق قيامها بسلسلة عمليات وإجراءات غير محصية العدد دعت خلالها إلى زج نار الفرقة بين مختلف الطوائف والأديان حتى بين مذاهب الدين الواحد. أبرز مشاهد توتر العلاقات بين البلدين: شهدت العلاقات الإيرانية السعودية على مر الزمن سلسلة من الإحداث التي حكمت مشهد العلاقات بين البلدين والتي وصفت في معظمها بالمتوترة، حيث كانت الرياض تسعى دائماً إلى وضع العصي في عجلات التقدم الإيراني نحو إيجاد حلول معقولة للكثير من الأزمات العالقة سواء المتعلقة بها أو بالمنطقة، حيث تحاول السعودية إظهاره على أنه تدخل في الشؤون العربية يساندها في ذلك بعض الدول التي تجلس تحت جناح الوهابية. وما زاد في الطين بلة الاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه إيران مؤخراً حول برنامجها النووي السلمي مع الدول الغربية والتي عدته السعودية صفعة قوية على وجهها مقدمة من الجانب الإيراني، فما كان منها إلا العمل بكامل جهدها لعرقلة هذا الاتفاق عن طريق مجموعة تحالفات جهنمية على رأسها تحالفاتها المعلنة مع الكيان الإسرائيلي..وخلال العام الماضي 2015، هاجمت إيران الرياض بسبب حادث رافعة مكة وطلبت «هيئة أمناء» لإدارة الحرم، وكانت حادثة تدافع منى في موسم الحج الأخير، سببا في توتر العلاقات الإيرانية السعودية، والذي راح ضحيته عدد كبير من الحجاج الإيرانيين وذلك ما بين الضعف الكبير في إدارة مواسم الحج من قبل العائلة الحاكمة في السعودية بالإضافة إلى تسريبات بينت أن الحادثة كانت عن قصد متعمد، ووقتها طالبت طهران بتسيير مشترك تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي لمناسك الحج. وآخرها كان بإقدام السعودية على إعدام 47 شخصاً في السعودية من بينهم رجل الدين نمر النمر الذي أجج التوترات ودفع إلى استفزازات كبيرة حركت مشاعر الشارع الإيراني حيث قام محتجون إيرانيون باقتحام السفارة السعودية في طهران وأضرموا النار فيها، كما أنزل المحتجون العلم السعودي من فوق مبنى السفارة، كما هاجم متظاهرون إيرانيون مبنى القنصلية السعودية في مشهد وأحرقوا جزءا منه على خلفية الإعدام. وعلى الرغم من قيام الحكومة في إيران بالتنديد بهذا العمل الذي وصفته بالشائن إلا أن السعودية أصرت على الدفع نحو مزيد من التوتر وعملت على قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران. ورغم محاولة الكثير من الدول المناشدة للتدخل لتخفيف التوتر بين البلدين سارعت السعودية إلى التوجه نحو مجلسها الخليجي وانتزعت يوم أمس، دعماً عربياً شبه كامل في النزاع الديبلوماسي القائم بينها وبين إيران، إذ أدان وزراء الخارجية العرب الهجمات التي استهدفت البعثات الديبلوماسية السعودية في إيران، محذرين من أن إيران ستواجه معارضة أكبر إذا واصلت ما أسموه تدخلها في شؤون الدول العربية. اتهامات متبادلة عقب اجتماع طارئ لما يسمى جامعة الدول العربية بطلب من السعودية ، قال وزير خارجية النظام السعودي إن قطع العلاقات الديبلوماسية والتجارية مع إيران خطوة أولى وإن بلاده ستناقش مع حلفائها الدوليين والإقليميين إجراءات محتملة أخرى ضد الجمهورية الإسلامية، من دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل. في حين قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في خطاب موجّه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن «البعض» في الرياض يبدو عازما على جر المنطقة كلها الى الأزمة القائمة. وقال ظريف إن إيران «ليست لديها رغبة» في تصعيد التوترات أكثر، لكنه لم يعرض تسوية، إذ ألقى باللائمة في الأزمة والاضطرابات الأوسع بالمنطقة على السعودية مباشرة. وأضاف ظريف «يمكن لهم (السعوديين) مواصلة دعم الإرهابيين المتطرفين وتأجيج الكراهية الطائفية أو اختيار طريق حسن الجوار ولعب دور بناء في الأمن الإقليمي»، مشيراً إلى أن السعودية قامت بسلسلة من «الاستفزازات المباشرة» للجمهورية الإسلامية، ومن بينها إعدام النمر، وما وصفها بأنها «إساءة المعاملة المستمرة» للحجاج الإيرانيين، وصوّر ظريف السعودية، في الخطاب، على أنها تهديد للأمن الإقليمي والعالمي. فالعلاقات السعودية الإيرانية في هذا الوقت يحكمها العديد من الملفات الصعبة, وعلى الرغم من أن الخطاب الرسمي من الجانبين يركز على عموميات العلاقة والتعاون لما فيه مصلحة الأمة الإسلامية فإن هذا الخطاب لا يمكن أن يخفي التطورات الميدانية والتحركات الدبلوماسية على أرض الواقع، والتي قد تنذر بمواجهة أوسع إذا لجأت أميركا إلى آخر الخيارات مع إيران. |
|