تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أفق المصالحات الوطنية...

صفحة أولى
الأربعاء 19-2-2014
أسعد عبود

لن أخفي ما أشعر به من مواقف لطرفي النزاع الرئيسين في سورية «الحكومة ومن في رحابها والمعارضة ومن معها». من ناحية المبدأ لا بد لكل عاقل أن يرحب بانتهاء آلام أي مجموعة كانت من البشر،

حتى ولو كانت هذه النهاية المفترضة محاطة بكل أشكال المخاطر والمواقف الرافضة. أطفال ونساء وعجّز ومن جميعه يخرجون من تحت الحصار والضرب والدمار والموت جوعاً... ترفع السواتر وتتراجع المخاوف في الحركة والتحرك وتبدأ الحياة باستعادة ولو بدايات جديدة لعودة الحياة وانطلاقتها.‏

هذه خطوات أولى محدودة تفتح آفاقاً مهما ضاقت حدودها تتجاوز بالتأكيد ما يقال ويرفض دائماً ودائماً سيرفض عن الممرات الانسانية التي يستمر طرحها كلما ضاقت بمتبنيها السبل لتطويع الحالة السورية كما يريدون.‏

اضافة للمحدودية المكانية لهذه المصالحات، هناك دائماً من يشكك بها ويخشاها... من الجانبين.. من جانب الحكومة هناك كثيرون يخشون أن تكون عملية المصالحة فقط فرصة لالتقاط الأنفاس بالنسبة للذين كانوا تحت الحصار وأنهم قد يعودون إلى السلاح والتخريب مرة أخرى. ومن جانب الطيف السوري الآخر هناك من يُشعرهم دائماً بأنهم دفعوا الكثير وحصدوا الخيبة... إذ لم يتغير شيء. هذه أحد أبرز الصور لاهتزاز الثقة الأكيدة بين الأطراف المتنازعة. لكن بالوقت ذاته، هذا العمل في المصالحات الوطنية، يطرح أفقاً ما لعودة هذه الثقة.‏

السؤال: هل من عمل ممكن يوسع من أفق هذا المتغير الذي تطرحه هذه المصالحات الوطنية لتتحول إلى أساس حقيقي وفعال في تعزيز امكانات الحلول؟‏

أفترض أن لدى الحكومة شيئاً ما بهذا الخصوص.. وأعتقد أن ذلك يدخل في إطار مسؤولياتها. ويشكل مقدمة مهمة للتغيير الذي لا بد منه وأساسه مبادرة الرئيس بشار الأسد التي لم يستطع كل ما جرى في جنيف حتى الآن أن يصل إلى مستواها في تصوير برنامج حل مرسوم بخطوات متتالية. كذلك لم تستطع الإدارة الحكومية سياسياً أو اجتماعياً أن تجسد أمام الناس ما يمكن أن تتيحه هذه المبادرة من حلول فعلية وواقعية.‏

الحكومة «الدولة» تعمل وتعمل بجد.. والمطلوب منها ليس فقط أولوية مكافحة الارهاب أو تشكيل هيئة انتقالية للحكم... أبداً.. هذا خيال قائم أصلاً على تصور أن سورية بكاملها اليوم أرض يباب لا يسكنها أحد! .. الحكومة تحارب الارهاب عسكرياً وتحاربه بالنضال اليومي للحفاظ على الحد الممكن من تسيير الشؤون التي يتحداها الارهاب «الكهرباء... الوقود.. النقل... المدرسة... المركز الصحي...الخ...» كل ذلك في ظل الحصار الكافر الذي يفرض خدمة للإرهاب ليس إلا، صورته الأوضح العقوبات المفروضة على سورية وقلما يأتي على ذكرها أحدٌ.. ما أرى التقصير فيه.. هو التغيير الذي يمكن للحكومة أن تحدثه بكل ثقة بالنفس وصولاً إلى الهيئة الانتقالية التي نصت عليها مبادرة الرئيس الأسد.. دون أن نتراجع عن جنيف أو غيره... ليس بالضرورة ان نشكل صدىً لكل ما يطرح علينا من الخارج ولا نجهل مراميه.‏

As.abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية