|
البقعة الساخنة بعد خمسين عاماً على التجربة الرائدة مساراً واتجاهاً, والمحبطة نتاجاً لأسباب وعوامل متعددة لا مجال لذكرها الآن تبقى التحديات ذاتها وتبرز الموجبات نفسها التي دفعت الى فكرة الوحدة وفعلها. فما أشبه اليوم بالأمس.. وما أسهل على المرء من أن يجري المقارنات والمقاربات, ولا أيسر عليه من رؤية الاسقاطات التي تكاد تتطابق رغم مرور العقود الخمسة الماضية على التجربة, فإذا كانت الوحدة برزت كتحد في مواجهة المشروع الصهيوني والتصدي للخطر الاسرائيلي, فإنه ما زال المشروع والخطر الذي يتهدد الأمة والمنطقة والعالم. وإذا كانت فكرة الوحدة قد نشأت لتكون بمثابة الرد العملاني الرافض لسياسة الأحلاف والاستقطابات الاستعمارية بهدف إسقاط مشاريع التجزئة والتفتيت والتقسيم, فإن المشاريع إياها تطرح اليوم من دون مقدمات وبلا رتوش بل وبوقاحة أكثر (الشرق الأوسط الكبير أو الجديد). وإذا كان فعل الوحدة وتجربتها الموءودة أتت تجسيداً للشعور القومي وإنعاشاً للذاكرة الوطنية, ورداً على كل محاولات التشويه والتزييف المتعمد لوقائع التاريخ وحقائق الجغرافيا فضلاً عن استهداف القيم والمفاهيم والمبادىء, فإننا نواجه اليوم ما هو أشد خطراً في هذا الاتجاه, ما يجعلنا أحوج ما نكون لا لإحياء الفكر القومي الوحدوي وإنما للتضامن العربي والعمل المشترك -وهو أضعف الإيمان-. إن القوى الاستعمارية التي ابتدعت الكيان الصهيوني وأوجدته والتي سعت لتحقيق مصالحها لم تتبدل ولم تغير من مشاريعها ونمط استهدافها وتفكيرها وإن أتت في لبوس مختلف وتحت عناوين أخرى, وهوالأمر الذي يعطي الصراع أشكالاً مختلفة ومخادعة ظاهرياً فيما الجوهر والاستهداف الحقيقي واحد واضح لا جديد فيه سوى أن التربة والبيئة باتت أكثر ملاءمة لنمو المشاريع المعادية للأمة, وهو ما يضع بدوره العرب ونخبهم السياسية والفكرية مجدداً أمام تحديات من نوع آخر لا سبيل للنجاح فيها إلا بالتضامن والتوحد. |
|