|
ثقافة ربما نحن نبتعد عنه قليلاً او كثيراً, لكنه يبقى قادراً على الفتك بنا, ماضي الافراد يصنع حاضرهم وغدهم, وماضي الامم ليس بالتأكيد كذلك, قد يساهم في ملامح الآتي ولكن غالباً ما يبقى يرسل اشارات خاطئة تجعلنا نقف اسرى هذا الذي كناه يوماً ما, نحن اسرى ذكراه وليس فعله, لو كنّا اسرى فعله, او بصيغة اخرى لو كنّا قادرين على التفاعل الخلاّق مع ما كانت من انجازات او بناء لتغير الامر, لا يزال امرؤ القيس في مطلع معلقته يقودنا الى من يوم صاح الى يوم تطوى الدنيا ومن عليها : قفا نبك... نعم قفا نبك.. الآن لا نبكي ما مضى بل ما هو آتٍ, نبكي العري والخزي, نبكي الأخ يشحذ سيفه براقاً, مسلولاً , فتاكاً, لينقض به على رقبة اخيه, وهو الذي كان رعديداً, جباناً, مارقاً, لا يقدر ان ينظر بعيني عدوّ حقيقي. .نبكي حقول الوهم التي عشناها, دمنا دمكم وهواؤنا هواؤكم, نبكي الذي نراه ونسمعه ولا نكاد نصدق اننا في زمن الردّة ا لجديدة, نبكي الزمن الذي صارت فيه الاوطان اوكاراً للاعداء والمتآمرين, وحراماً على من رووها بدمائهم, من المحيط الى الخليج كان الحلم وكان الامل, واليوم من المحيط الى الخليج كان وسيكون الالم, بالامس كنّا نردد بلاد العرب اوطاني واليوم نبدو وكأننا امام فناء جغرافي محايد لا علاقة لنا به ... غداً ترفع الاوراق ويكشف المستور, وتظهر خفافيش كنا نظنها ذات يوم سنونوات تبني اعشاشاً حيث الدفء والامان.. رحم الله نزار قباني الشاعر الذي كنّا ولا يزال البعض منا يراه شعر غزوات نسائية وكفى, ألم يتساءل عن الاخراج في كتب الاعراب.. ألم يصف القبل بين العرب بذئاب لها انياب.. الم يعلن وفاة العرب.. ألم ير المهرولين..وهم يزدادون يوماً بعد الآخر.. لكنه ايضاً رأى انّ كلّ ليمونة ستنجب طفلاً...ولكن هل قدر هذه الليمونة, او الزيتونة ان تظل تنجب اطفالاً لسوق الدم والموت, هل قدرها , هل قدرنا ان نبقى لحماًً ودماً طرياً مستباحاً ليهنأ البعض ولتكون اجسادهم ورغباتهم قد وصلت ذراها وليقفوا عند اول لائحة كتب عليها ( كبس وترصيص) ولتوحي بما هم جديرون به.. ? لا صرخة اليازجي ( تنبهوا) ولا نبوءات نزار, ولا بكائيات أمل دنقل قادرة على ان تزيح من بالي صرخة ابي نواس:( ليس الاعاريب عند الله من احد) نعم لسنا من احد .. لأننا هكذا متشرذمون , متفرقون , تائهون, لا صحراء الربع الخالي, ولا الصحراء الكبرى, ولا اية بقعة جغرافية جديرة بنا او نستحقها لأن لهيب الحقد فيما بيننا يشعل نيران الف حرب واين مياه العالم لاطفائها هل قادرة على ذلك.... قطرة ماء واحدة تطفئ احقادنا على العدو الذي اغتال ماضينا وحاضرنا, ويخبئ لنا الموت في كل لحظة, ومحيطات الدنيا وطوفان نوح ليسا بقادرين على ان يوقفا او ان يطفئا جمرة حقد نشأت بيننا ما اجبننا امام اعدائنا, واشجعنا على بعضنا بعض, هل نقول ما قيل ذات يوم : ( قلوبهم معك وسيوفهم عليك .. )لا اظن الاّ ان القلوب والسيوف علينا لأن المسخ الذي عشناه دهورا من الزمن الآن بدا واضحاًًًًًولأن الجذور لا تموت, لا ترحل وثمة من يجعل من هكذا جذور حقولاً سعير لا ينطفئ.. السعير الذي لا ينطفئ, سعير الحقد الذي يطلّ علينا قتلاً وتدميراً وتشريداً ومذابح جماعية باسم يهوه حينا,وباسم جماعات الوحي السماوي المسلح احياناً , وهم يقدمون دمنا وحضارتنا وتاريخنا قرباناً لذاك القابع في اعماق التوراة والتلمود ولسان حاله يقول: (ا ذبح, اقتل.. ) ولسان الحال هو الفعل الذي نراه الآن.. لنسأل جنرالات الوحي المسلّح في بلاد العم سام لماذا جربتم (مو آب) احدث قنابلكم فوق اجسادنا ولماذا لم تجربوا ان تمدوا يد العون لنبني ولنعيش بسلام .. لماذا لم تجربوا ان تكونوا عوناً لمن يريد استعادة ارضه, هل رأيتم نبيا ً عبر التاريخ اذا كان نبياً يحمل الموت والدمار للآخر.. في نصوص الموت التي تحاربوننا بها يقول التلمود: نفوس لا تهدأ حتى تشرب من دم اعدائها. وها قد شربت واولغت بدمنا أما كفاها ما شربت اما حان لدمنا ان يصبح خمراًًَ فيسكر الشارب لينام قرير العين.. في الاحاديث الصهيونية المتداولة بعد مطلع التسعينات في القرن الماضي نكتة تقول: ان اليهود غاضبون من موسى لأنه خرج بهم الى فلسطين وليس الى الخليج.. لو فعل ذلك لأراحهم من عناء البحث والوصول الى هناك ولوفرّ عليهم المال والجهد-ومع قناعتنا ان موسى نبي الله بريء منهم ها هم وجدوا المطية ووجدوا من يخرج بهم, ويمتطون ظهره ويسابق الريح انها الاحصنة التي ما عرفناها الامخاتلة مخادعة لم تروّض من نفسها ذات يوم وعصا المروّض الآن صارت لجاماً وقيداًً. وبانتظار من يقرع جرس الخطر , بانتظار ان يصبح الرجال او اشباه الرجال رجالاً, نقول: شكراً يا من قلت وتقول : اتقوا الله , اتقوا الله ... |
|