تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ويتآخى اللحم

صفحة اخيرة
الاحد 18/9/2005
عبد النبي حجازي

جاء رجل مذعورٌ إلى الشيخ وقال له:

قبّلتُ امرأتي وأنا صائم.‏‏

منذ كم سنة تزوجتَها ?‏‏

منذ خمس عشرة سنة.‏‏

اخرج كأنك قبَّلتَ قدمي! ياهذا بعد الزواج بعشر سنوات يتآخى اللحم, وتصبح امرأة الرجل كأخته.‏‏

فهل تآخى اللحم بين المسؤولين والإعلام ? !‏‏

دخلتْ بدوية على هارون الرشيد (149ه 766م/ 193ه 809م) تدّعي الفصاحة , فقال للكسائي عالم النحو الشهير (المتوفّى عام 189ه 804م): (امتحنها). سألها : (ياهذه مااسمك ?) قالت : (لحنتَ . هلا قلت : (مااسمكِ ياهذهْ ?)أي أن العرب لاتبدأ بساكن, ولا تقف على متحرك كاف الخطاب في (اسمكِ) متحركة, وهاء السكت في (هذهْ) ساكنة فعاد إلى الخليفة وقال له: (دخلتُ لأَمتِحنَ فامْتُحِنْت).‏‏

وأخذوا يشنون الهجوم تلوَ الهجوم على تقصير الإعلام في أداء واجباته, ليمتحنوه قبل أن يمتحنهم ; كأننا تقدّمنا في سائر مظاهر الحياة وبلغنا مراتب العظمة والكمال, ولم يبقَ سوى الإعلام.‏‏

كأن وظيفة الإعلام أن يقوم بالإصلاحات الإدارية , وينقذنا من البيروقراطية, والرشوة والمحسوبية, وأن يحسن أوضاعنا الاقتصادية, ويحقِّق وفراً في الميزانية, ويوفِّر العمل للمتبطلين ... ويلجم ذئاب أمريكا ; ويقلم مخالب أوروبا وينزع أنياب إسرائيل ...‏‏

و و و و (نحن هاهنا قاعدون)‏‏

وأخشى أن يكون دافعنا لجمع المؤسسات الإعلامية في مؤسسة واحدة أننا نرى لوثة أو تقصيراً في إحداها, وبدل أن نعالج الخطأ فيها نفعل كما يفعل المساعد الأول : نطلب من الجميع أن يسيروا بالنظام المنضمّ, ويزحفوا على الأرض, ويرقصوا الرقصة الروسية, ويأكلوا من قصعة واحدة ... ثم تأتينا الصحوة فنكتشف أن الجمع مؤنث ; بحسب قول الشاعر:‏‏

إن قومي تجمعوا وبقتلي تحدّثوا‏‏

لستُ أخشى جمعهم كلُّ جمع مؤنثُ‏‏

ونكتشف أننا هربنا من تحت الدلف, لنعلق تحت المزراب .. أننا خلطنا الأصوات المتعدِّدة فغرقنا في الهذر والجعجعة!‏‏

قد تكون ثمة مشكلة في مؤسسة توزيع المطبوعات مثلاً ; مشكلة قابلة لألف حلٍّ وحلّ .. إلا أن نضيفها إلى مؤسسة صحفية أخرى , وننتظر من الخليط غير المتجانس أن يُلْقِح ويثمر !‏‏

أم هل استكثرنا على حالنا مكسباً حضارياً هامّاً بجريدتين تأسست إحداهما: الوحدة (الثورة) منذ مايقارب نصف القرن, والأخرى : (تشرين) منذ مايزيد على ثلاثين سنة ; وصار لكل منهما جمهورها, وقراؤها? وننسى أن تاريخ سورية عريق في الصحافة منذ منتصف القرن التاسع عشر فقد صدر ما بين عامي 1918-1920 أثناء الحكم العربي أربع وخمسون دورية, وفي عهد الانتداب الفرنسي (1920 1946) صدرت 183 دورية منها 114 في دمشق . أما بعد الاستقلال فقد حدد المرسوم التشريعي رقم 50 الصادر بتاريخ 17/ 10 / 1946 بأن تصدر الصحف السياسية بمعدل صحيفة واحدة لكل 50 ألف شخص.‏‏

ولئن كان بعض من تلك الصحف يلهث وراء مموّلين مشبوهين من داخليين وخارجيين وسفارات ... فإن بعضها الآخر كان يجهر بصوته باحثاً عن الحقيقة , والمصلحة الوطنية متحملاً البؤس والشقاء , والتعرض للقمع "anhijazi@scs-net.org‏‏

‏">.‏‏

"anhijazi@scs-net.org‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية