|
ثقافة قَدْ غادَرَتْ غصْناً مِنَ الشَّجَرَةِ الخالِدَةِ حامِلَةً في حُلْمِها الجُّذُورَ والتُّرْبَةَ والهَواءَ تَنْبُضُ في تَرْحالِها وحلَّها مااسْتَبْدَلَتْ غصْناً بِغِصْنِها ولا تَمَكَّنَتْ رياحُ الغَرْبِ والغُرْبانِ مِن يَخْضُورِها وَرَقَةٌ خَضْراءْ خُضْرَتُها مِن نَجْمَتَيِّ رايَةٍ فاضَتْ عَنِ السَّماءْ في الصيفِ والربيعِ والخريفِ والشتاءْ أنْدى وَحِيداً كُلَّ فَجْرٍ هاتِفاً : سُوريّا كأنَّنِي غَدَرْتُ بِي يَوْمَ رَحَلْتُ عَنْكِ يابِلادِي لكنّني عادَرْتُ حامِلاً مِن أجْلِ جزْءٍ مِنْكِ ياحبيبتي - تذكِرَةَ اسْتِشْهادي وَشاءَتِ الأقدارُ أنَّنِي بقيتُ حَيّا بَيْنِي وَبَيْنَكِ الجِّبالُ والبِحارُ ياسُوريّا تَحْملِني الأنهارُ تارَةً كَقَشَّةٍ مُهْمَلَةٍ وتارَةً يُعْصَفُ بي كأنّنِي مُبَشِّرٌ بالعَصْفِ أوْ نَبِي وتارَةً يَزْهُو بِيَ النَّسيمُ وَكَمْ وَكَم ياوَطَني حَفَّتْ بِيَ النِّيرانُ واسْتَفْرَدَتِ الذُّؤبانُ بِي وَما أنا هِرَقْلَ أو عَنْتَرة العبسيّ ياأبيِ لكنِّني إذا سَقَطْتُ دائماً أقُومُ ، وَماشَعَرْتُ لَحْظَةً بأنَّني يَتيمُ فكُلَّما ضاقَتْ بِيَ الدُّنيا وَقَبْلَ أن يَفيضَ الدَّمْعُ عن عَيْنَيَّا أفْرَدَتِ الرُّوحُ جَناحَيْها إلى سُوريّا ياشامُ ياأيْقونَة الإنسانِ ياحَنينَهُ إلى ابْتِسامَةِ الحياةِ هذا العَذابُ عابِرٌ عُبُورَ قطعانِ الذّئابِ في الفلاةِ بل مثلما يعبرُ ظلٌّ الغَيْمةِ السَّوداءِ في المِرآةِ وأنتِ ياجَوْهَرَةَ الكَونِ وإسّهُ مَحْرُوسَةٌ بَقَدَرٍ قُوَّتُهُ لاشَعْرُ شَمْشُونَ / لا كَعْبُ آخِيلَ الذي يُمكِنُ أن نَجسَّهُ لكنّهُ مُجَسَّدٌ بِجَيْشٍنا الطّالِعِ كالبُركانِ مِن ضُلُوعِنا /كَطائرِ الفينيقِ مِن رَمادِنا - قُدِّسَ سرُّهُ الذي نجهَلُه - لأنَّهُ مِن ذَهَبٍ مِنْجَمهُ يَلْمَعُ في الثُّرَيّا لكنّنا نُحِسُّهُ لأنّنا مِن طِينِكِ الخَصيبِ والمَهيبِ ياسُوريّا |
|