|
كواليس وإنما في أمة... فالأمم المتطلعة لبناء وجودها، تتعرض اليوم لحروب تستهدف مكوناتها الفكرية والثقافية والحضارية والدينية وتماسكها الاجتماعي والإنساني.. من قبل القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، عبر وسائل الإعلام، والدعاية، وفق مشروع ضخم يُعمل عليه بشكل منتظم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتقوده وتشرف عليه مؤسسات ومراكز إعلام وأبحاث متنوعة بإشراف وكالة الاستخبارات الأمريكية.. التي تقوم بإدارة وسائل ثقافية وإعلامية ومثقفين وإعلاميين ورجال دين في أغلب بلدان العالم. الرئيس الأسد كان نبّه مرات عديدة إلى خطورة حروب المصطلحات.. واعتبر أن هذه الحروب أشد خطراً من الحرب العسكرية وفي كل منهما خطر.. وأشار مرات إلى أننا نتعرض لحروب إعلامية، تعمل على التضليل، وإثارة الفتن الطائفية والاجتماعية، وتفكيك تماسكنا القومي والعروبي، وهزيمة الأمة نفسياً وسياسياً.. وتقود حروباً تستهدف ذاكرة أجيالنا الشابة، لفصلها عن واقعها الاجتماعي، والحضاري وعن تاريخها، وثوابتها الوطنية والقومية.. في الحرب الجارية على سورية.. تظهر الحرب الإعلامية دموية، وتدميرية، ولكن وعي السوريين السياسي والاجتماعي والديني هو من تصدّى لها، ولكن لايعني هذا أن تلك الحرب لم تُحدث جروحاً عميقة.. استنزفت الكثير من وعي البعض ومن تماسكهم الوطني. من هنا يبرز دور الإعلام، وعلاقته في صناعة الوعي، والرأي، وفي مواجهة الإعلام المعادي الذي يهدف إلى تدمير تماسكنا الاجتماعي والسياسي والوطني.. وهذا الدور لايكمن فقط في الإعلام الرسمي.. فالإعلام في زمن الفضائيات، وثورة الاتصالات لم يعد مؤسسة حكومية، يهتم بتقديم وجه المؤسسة الحكومية التي يتبع لها.. أو تلك السياسات التي تشكل برامجها واهتماماتها، وأخبارها العامة أو الخاصة، فالإعلام لم يعد منحصراً في حمل هذا الدور، ولا يمكن أن ينحصر فيه، فالمطلوب في زمن التحدي.. وفي زمن بناء المجتمعات.. ابتكار أساليب للعمل، وبتعبير أدق.. ابتكار خطاب متطوّر قادر على الوصول إلى عقل المواطن لتحريكه، وتهيئته، وتوظيفه في قضايا الوطن.. وبخاصة عندما يتعرض الوطن للتحدي. الإعلام اليوم في أهميته، ومحتواه، وأهدافه، وتأثيره، يتجاوز مسألة الانضواء في سياق رؤية جهات حكومية أو حزبية.. إلى التفاعل الايجابي مع كل مناحي المجتمع.. السياسية، والثقافية، والاجتماعية،والعسكرية.. نظراً لأهميته ليس في صناعة الرأي وحسب، وإنما في مواجهة الإعلام المعادي الذي يستهدف المجتمع.. فيُنظر إليه اليوم كصناعة أساسية في الوقت الراهن، وبخاصة في زمن التطور التكنولوجي المتسارع والذي تزامن مع ثورة الاتصالات التي جعلت من العالم قرية صغيرة. قوة الإعلام في بلد ما لاتقاس اليوم بعدد وسائل الإعلام التي يمتلكها هذا البلد أو ذاك، وإنما في مدى قدرة هذا الإعلام على مخاطبة الرأي العام وصناعة الخبر والمعلومة والتصدي لوسائل الإعلام الأخرى، وتوظيف طاقات الوطن الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية في مشروع إعلامي متطور وفاعل يقوم على منهج علمي متكامل يحتضن جميع وسائل الإعلام، إضافة إلى الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي التي تتبع لأفراد المجتمع، والتفاعل مع أبناء الوطن في الخارج وتوظيف طاقاتهم الإعلامية والثقافية والسياسية وعلاقاتهم مع مجتمعاتهم الجديدة في خدمة الوطن. سورية تتعرض اليوم لأشد الحروب الإعلامية .. وتستخدم الجهات الإعلامية، أقذر أنواع الضخ الإعلامي.. لتفكيك المجتمع السوري.. وهذا الأمر يحتاج إلى استنفار حقيقي لطاقات الوطن الإعلامية والثقافية، وهي كثيرة ، في مشروع مقاوم لكل فكر هدّام تحت أي عباءة جاء. |
|