تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في كتاب ..علم النفس .. والطفل المتخلف عقلياً...

مجتمع
الاثنين 7-12-2015
غصون سليمان

علم نفس الطفل المتخلف عقلياً عنوان آخر من العناوين التي أصدرتها وزارة الثقافة الهيئة العامة السورية للكتاب تأليف س . ي روبنشتين

ترجمة : د بدر الدين عامود الذي يرى في نقله هذا العمل إلى اللغة العربية يتمثل في أمور ثلاثة متكاملة أولها إضافة شيء جديد في علم النفس إلى المكتبة العربية التي لاتزال رغم ماينشر ويعرض فقيرة بالأدبيات النفسية كماً ونوعاً...‏

وثانيهما لاطلاع القارىء العربي ولاسيما المتخصص على جانب أو جزء ليس بالقليل من علم النفس ، مازال بالنسبة له مجهولاً وغير معروف تقريباً أو أنه في أحسن الأحوال معروف لدى الأقلية المتخصصة معرفة جزئية ومشوهة في بعض الأحيان ولاتخفى على الباحث الموضوعي أسباب هذا الوضع.‏

والأمر الثالث يتجسد في الإسهام بزيادة رصيد المعلومات والمعطيات العلمية النظرية والتطبيقية عند كل متتبع ومهتم بتربية وتوجيه تلك الفئة من الأطفال التي حرمت لهذا السبب أو ذاك من النمو النفسي السليم..‏

يبحث الكتاب في أبوابه الثلاثة المسائل العامة في علم نفس الطفل المتخلف عقلياً من ناحية تعريف المفهوم والتفسيرات الخاطئة لهذا التخلف والوصف النفسي لتركيب تلاميذ المدارس المساعدة ، وخصائص النشاط العصبي العالي من ناحية نمو النفس ومناهج دراسة النفس .‏

وفي الباب الثاني يتحدث الكتاب عن خصائص العمليات المعرفية عند الأطفال المتخلفين عقلياً من خلال فصول الاحساس والإدراك ونمو الكلام ونمو التفكير وخصائص التذكر.‏

فيما يمنح الباب الثالث ومن خلال خمسة فصول خصائص تكون شخصية الأطفال المتخلفين عقلياً، وذلك عبر التحصيص في المسائل العامة في تكون الشخصية والصفات الإرادية لشخصية هؤلاء الأطفال ، مع التأكيد على خصائص المجال الانفعالي وتكون التقويم الذاتي والطبع.‏

وفي الإضاءة على بعض التفاصيل يعرف الكتاب مفهوم التخلف العقلي بالقول:إن المتخلف عقلياً هو ذلك الطفل الذي اختل نشاطه العقلي بشكل ثابت نتيجة إصابة عضوية ألمت بدماغه ، وإذا ماقمنا بتحليل هذا التعريف فإننا نراه حسب المؤلف يؤكد على أن واقعة التخلف العقلي ممكنة فقط لدى اقتران كافة الأعراض الواردة فيه..‏

إذ إننا نصادف في حياتنا أطفالاً يتركون لدينا انطباعاً بأنهم متخلفون عقلياً ما يتولد الشك في إمكانيتهم على البدء في التعليم ومتابعته في المدرسة العامة ..‏

ولعلّ الطفل الأصم - الأبكم يترك مثل هذا الانطباع على سبيل المثال لا الحصر..‏

فإذا لم يتلق الطفل الأصم- الأبكم تعليمه في روضة أطفال خاصة فإنه حتى بداية التعليم المدرسي سوف يتخلف في نموه العقلي عمن يسمع من أترابه ، ولكن هل يمكن اعتبار هذا الطفل متخلفا عقلياً بالطبع لاحسب ماورد في الكتاب فعلى الرغم من تشابه المصطلحين( تخلف في نموه العقلي والطفل المتخلف عقلياً إلا أنهما مختلفان جداً) .‏

لقد تخلف الطفل الأصم- الأبكم عن أترابه ولكن التعليم الخاص في مدرسة للصم - البكم والطرائق الخاصة بإنماء الكلام من شأنها أن تعوضه مافاته وتجعله إنساناً عادياً من حيث نموه العقلي فيما لو لم يكن دماغه مصاباً.‏

ماذكره الكتاب لايتعلق بالأطفال الصم- البكم فقط وإنما بجميع الأطفال الذين يعانون من إصابة أو قصور في نمو أحد أعضاء الحس وفي غياب التعليم الصحيح في الوقت المناسب ، وهنا قد لايترك هؤلاء الأطفال ذوو السمع الثقيل أو البصر الضعيف لدى الآخرين انطباعاً بأنهم متخلفون عقلياً وحسب ، بل ويتخلفون في نموهم العقلي عن أترابهم فعلاً غير أنه إذا لم يصب دماغ الطفل بأي إصابة عضوية وكانت جملته العصبية سليمة فإن بالإمكان نفي وجود التخلف الفعلي بكل تأكيد ويمكن في بعض الأحيان أن يحكم بضعف النمو خطأ على الأطفال الذين استوطن أهلوهم بين شعب يتكلم لغة أخرى غير لغتهم ولم يهتموا بالتالي بأبنائهم لتمكينهم من استيعاب لغة الناس المحيطين بهم..‏

مايفسح مجالاً للشك بشكل أكبر عادة وضع أولئك الأطفال الذين ينعتون بالمهملين تربوياً، وبما أنهم محرومون لأسباب مختلفة من إشراف الكبار فسوف يتخلفون عن أترابهم في النمو العقلي ويضاف لذلك أنهم غالباً مايتصفون بعادات ونزعات سيئة، ولانجد لديهم حتى بداية التعليم المدرسي أي ميل للدراسة، ولاحتى تركيز الانتباه نحو مايقوله المعلم في الصف، ولايجدون مايستهويهم في الدرس والواجبات المنزلية مايدفعهم للقيام بها..‏

وحسب رأي المؤلف يعد تقويم مستوى قصور النمو العقلي عند الأطفال الذين نجد لديهم قصوراً في نمو أحد المحللات (الحركية أو السمعية) التي تسهم في تكوين الكلام نتيجة إصابة الجملة العصبية المركزية عندهم إصابة خفيفة نسبياً، يعد أمراً صعباً إلى حد كبير.‏

فالنمو السيىء أو المتأخر للكلام هو الشرط الأساسي الذي يرتبط به كامل النشاط المعرفي عند الطفل، ويتوقف عليه نجاحه في المدرسة بشكل خاص.‏

ومن خلاصة هذا البحث المؤلف من ثماني صفحات يشير مؤلف الكتاب إلى أن مضمون تعليم الأطفال المتخلفين عقلياً وطرائقه هي من وضع علم تربية الضعف العقلي تفسيراً تاريخياً محضاً..‏

ففي الأعوام السابقة شخص الطب النفسي بصورة غير دقيقة مختلف أشكال القصور في نمو الجملة العصبية وأمراضها ووصف النمو النفسي الخاطىء في الأحوال كافة التي لوحظ فيها على أنه ضعف عقلي.. وحتى الوقت الراهن يقوم المختصون بعلم النفس العصبي عند الأطفال غير الأكفاء بتشخيص الضعف العقلي دون إقامة الدليل على ذلك، ولهذا كان من الصعب الحكم على النسبة الحقيقية العقلية في صفوف تلاميذ المدارس المساعدة...‏

غير أن دراسات الأطباء النفسيين (عيادة الضعف العقلي) تقدم مقاييس دقيقة لتحديد مختلف أشكال القصور العقلي.‏

وإذا كان وفق ماأورده الكتاب مفهوم الطفل المتخلف عقلياً يقترب بصورة مشروعة من مفهوم تلميذ المدرسة المساعدة فإن تطابق المفهومين مستحيل، لأن مفهوم تلميذ المدرسة المساعدة لايشمل طبعاً أطفال مرحلة ماقبل المدرسة، كما لايشمل التلاميذ المتخلفين عقلياً ممن يدرسون في المدارس العامة ولم يتم التعرف عليهم بعد، فإنه من غير المشروع إطلاقاً مطابقته مع مفهوم ضعيف العقل- المأفون.....‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية