تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اليوم العالمي للغة العربية..ودور المؤســـــسات الوطنيــــــة العاملــــــــة في خدمتهــــــا

ثقافة
الجمعة 22-12-2017
فاتن أحمد دعبول

اللغة العربية فرضت نفسها بكل جدارة لتتبوأ مكانة متميزة في المجالات الدولية وأصبحت اللغة السادسة المعتمدة في الاجتماعات الدولية، لما تتميز به من عناصر حضارية بذلتها طيلة قرون عديدة، حاملة إلى الحضارات البادئة بالتشكل في العالم الغربي بذور التفتح العقلاني، مبرزة ما قام به علماؤها من توضيح تفصيلي للمفاهيم العلمية التجريبية، وهي تلك التي بنى عليها الغرب تدرج علومه.

بهذه الكلمات اقتتح أ د. مروان المحاسني رئيس مجمع اللغة العربية الندوة التي أقيمت في قاعة محاضرات المجمع بعنوان «دور المؤسسات الوطنية العاملة في خدمة اللغة العربية» بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية.‏

وعن دور مجمع اللغة العربية فقد بين بأن تأسيس مجمع دمشق في العشرينات من القرن الماضي كان منطلقا للخلاص من تهميش قسري للغة العربية فرضه الحكم التركي، وكان أول ماالتفت إليه المجمعيون ضرورة إيجاد البدائل عن كلمات تركية تتناول أمور الحياة اليومية.‏

والمهمة الكبرى للمجمع اليوم هي تطوير اللغة العربية لتصبح حاملا مميزا لعلوم العصر، كي لاتغرق ثقافتنا في الأمواج المتضاربة للعولمة، ووجد لذلك لجان متخصصة لكل من العلوم الدقيقة تستعرض مصطلحاته وتعيد النظر في تطابقها مع التعريف العلمي للمصطلح لتصبح ملزمة في التدريس.‏

اقتراحات لإنقاذ اللغة العربية‏

وبين د. محمد موعد، جامعة دمشق دور لجنة تمكين اللغة العربية في وزارة التعليم العالي، ومن ذلك الاقتراح الذي قدمته اللجنة القاضي بضرورة التدقيق اللغوي للرسائل العلمية في الجامعات السورية، ومنها اقتراح اللجنة إنشاء دبلوم في التأهيل والتخصص يعنى باللسانيات الحاسوبية، واقتراح اللجنة رفع سوية اللغة العربية في الجامعات السورية عبر تأهيل المعيدين الذين هم نواة الجامعات ومستقبلها في اللغة العربية.‏

وقد عملت اللجنة ولما تزل على تطوير المصطلحات العلمية وتعريبها ونشرها في الجامعات والكليات تمهيدا لنشرها في الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة، إضافة إلى اقتراح اللجنة إنشاء قسم للغة العربية لغير المختصين في الجامعات لمتابعة تدريس اللغة العربية التي يدرسها الطالب في الكليات.‏

إنجازات وزارة الثقافة لتمكين العربية‏

واستعرض د. ثائر زين الدين مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب أهم ما أنجزته وزارة الثقافة في سبيل التمكين للعربية خلال هذا العام ومنها إصدار سلسلة قضايا لغوية تعنى بشؤون العربية المعاصرة والتعريب والمصطلح والدخيل والتأصيل، وإطلاق مسابقة حفظ الشعر العربي السنوية، وقد خصصت الدورة الأولى للشعر العباسي وأفردت جوائز مالية للحفظة من المتسابقين، وإقامة فعاليات عدة، منها ندوة اللغة العربية بمشاركة عدد من المختصين، ومن ثم قامت الوزارة بإعادة إطلاق جوائز سامي الدروبي للترجمة، وحنا مينه للرواية وعمر أبو ريشة للشعر، ورصد قيم مالية لهذه الغاية.‏

كما حرصت الوزارة على إقامة محاضرات شهرية في المراكز الثقافية في محافظات القطر تصب في التمكين للعربية، وانتظام الاجتماعات الدورية الشهرية للجنة الفرعية للتمكين للغة العربية، كما حرصت الوزارة على أن تكون مطبوعاتها باللغة العربية الفصيحة.‏

ومن إنجازات الوزارة إقامة ندوة الأربعاء الشهرية للتعريف بأعلام الأدب والفكر في سورية، وإصدار مديرية إحياء التراث العربي في هيئة الكتاب جملة من النصوص الأدبية التي تقدم عصر البيان والفصاحة في أبهى حلة، هذا إلى جانب إصدار الهيئة للكتاب الرقمي الناطق ومجموعة من الكتب الإلكترونية بلغت حتى الآن 72 كتابا على موقعها.‏

العربية.. الواقع والطموح‏

ويقف د محمود السيد رئيس لجنة تمكين اللغة العربية عند أهم الأعمال التي قدمتها اللجنة للنهوض باللغة وتمكينها، مشيرا في البداية إلى المعايير التي جعلت منها لغة معتمدة في الأمم المتحدة ومنها عدد المتكلمين بها الذي يصل إلى 25% فتحتل بذلك المرتبة الثالثة بعد الإنكليزية والصينية، هذا إلى جانب المعيار الاقتصادي والانتشار الجغرافي في قارة آسيا وإفريقيا، ومعيار وجود اللغة على الشابكة حيث تحتل المرتبة الثانية عشرة.‏

ويبين بدوره اهتمام القيادة باللغة العربية إلى جانب إتقان اللغات الأجنبية، ويتضح ذلك في قانون حماية اللغة العربية الذي صدر في خمسينيات القرن الماضي، والمرسوم الذي أصدره السيد الرئيس حافظ الأسد في إقرار اللغة العربية متطلبا جامعيا، وفي لجنة النشاط الثقافي برئاسة مجلس الوزراء في دعوتها لاختيار المعيدين وأعضاء الهيئة التدريسية ممن يحسنون اللغة العربية.‏

وقد أصدر السيد رئيس الجمهورية بشار الأسد قرارا بتشكيل لجنة لتمكين اللغة العربية التي وضعت خطة عمل وطنية للتمكين للغة العربية، ولجان في الوزارات جميعها، وفي كل محافظة هناك لجنة للتمكين.‏

كما كان لوزارة الإعلام والتربية والأوقاف دورها في الحفاظ على لغتنا وتمكينها، بإجراء دورات تدريبية للمعلمين والمذيعين وخطباء المساجد والاهتمام بالبرامج الموجهة للأطفال.‏

ورغم الجهود جميعها يبين د. السيد أننا نشكو من عدم تنفيذ الأهداف المرسومة للغة العربية تمكينا منها على ألسنة الجيل وألسنة الطلاب والمثقفين والجمهور، ومن أجل ذلك لا تزال هناك جهود تبذل ولكن نحتاج أمرين اثنين، الوعي والانتماء والوفاء لهذه الأمة ولغتها، والقانون الملزم والعقوبات الرادعة للمتفلتين من مسؤولياتهم.‏

مسؤولية الأديب.. أولا‏

وبين د. نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب أن الاتحاد يضم ست جمعيات تختص جميعها بالأدب والإبداع «جمعية الشعر، القصة والرواية، المسرح، الترجمة، البحوث والدراسات، وأدب الأطفال».‏

وميز بدوره بين الكاتب والأديب فيما يعني التمكين للغة والحفاظ عليها، فالمطلوب من الكاتب أن يحفظ للغة سلامتها، أما المطلوب من الأديب إضافة لذلك أن يجعلها ناطقة بالحياة في نصه الأدبي، ولذلك فثمة مسؤولية كبيرة تقع على عاتقه.‏

وأشار د. الصالح إلى وسائل تمكن الاتحاد من أن يحفظ للغة كرامتها وهي: أن يعاد النظر في آليات قبول الانتساب إلى الاتحاد وأن يكون الشرط في هذا القبول كتابة صفحة مباشرة أمام لجنة مختصة في أي شأن كان، وترفق هذه الصفحة بطلب الانتساب، وألا يسلم أي مخطوط إلى اتحاد الكتاب العرب قبل أن يكون مشفوعا بتقرير من مختص لغوي بسلامته اللغوية، فمدقق واحد لايكفي.‏

وذلك برأيه أن نسبة غير قليلة من أعضاء الاتحاد لايحسنون بناء جملة معافاة لغويا، ودليه على ذلك بعض إصدارات الاتحاد، هذا إلى جانب أن بعضهم يعمل مبضعا مثلّما في جسد اللغة كتابة وشفاهة، مادفعه لاعتماد مدقق لغوي متمكن لذلك، ويساهم بدوره في قراءة الدوريات وبعض الكتب قبل أن تمضي إلى المطبعة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية