|
|
منصة البورصة ان معظم ما نسميه اليوم التحليل البياني قد بدأ أساسا قبل أكثر من مئة عام خلال ما يعرف بنظرية داو, وهي النظرية التي تشكل حجر الزاوية او القاعدة الاساسية للتحليل البياني, وحتى بعد مرور هذا الزمن الطويل, وبالرغم من التطورات الهائلة التي مرت بها اسواق المال العالمية وما شهدته من تقدم في النظم التكنولوجية والمعرفية والادارية الا انها بقيت هي الاساس, ولا يمكن لنا ان ندرس السوق المالي او نفهم ونستوعب الآليات الحركية له بشكل متكامل دون الاعتماد على مبادىء وفرضيات هذه النظرية. لنبدأ حديثنا عن الشخص الذي وضع هذه النظرية وهو امريكي اسمه تشارلز داو, والذي يمكن اعتباره ألمع وأشهر باحث ومفكر ومنظر فيما يختص بالاسواق المالية الى يومنا هذا . بدأ تشارلز داو حياته العملية كمراسل صحفي مختص في جميع الاخبار المتعلقة بالمال والاقتصاد الى ان انشأ في العام 1889 مع شريك له اسمه جونز صحيفة صغيرة سمياها وول ستريت جورنال . وبين عام 1899 والعام 1902 كتب داو سلسلة من المقالات الافتتاحية لصحيفته التي ما زال يعتبرها الكثيرون من افضل وأجود ما صدر عن هذه الصحيفة العريقة على الاطلاق ,وبالرغم من مرور أكثر من مئة عام على كتابة هذه المقالات الا انك تقرؤها كما لو انها كتبت بالامس. - من المستغرب ان داو لم يؤلف كتاباً يضم نظرياته وشرحها بشكل متكامل ,حتى انه لم يكن يفكر في تلك المقالات على انها ضمن(نظرية) ولم يستعمل ذلك المصطلح أبداً, ولكن بعد موته قام صديقه واسمه نلسون بنشر خمس عشرة مقالة من مقالات داو ضمن كتاب سماه( ابجديات المضاربة بالاسهم). - ان إحدى الحقائق المعروفة عن الاسواق المالية هي ان اسعار اسهم الشركات تميل الى الصعود او الهبوط بشكل جماعي تماما كأسراب الطيور او الاسماك, صحيح انك ستجد اسعار بعض الاسهم ترتفع بينما اسعار معظم الاسهم في السوق المالي في تراجع وانخفاض , الا ان هذه الاسهم لا تستطيع ان تستمر بالارتفاع في مواجهة موجة التراجع العام في السوق المالي إلا لأيام قليلة او اسابيع معدودة قبل ان تبدأ باللحاق بباقي الاسهم المتداولة في السوق المالي في طريقها نحو الاسفل, وكذلك الامر في حال وجود موجة من الارتفاع العام في اسعار الاسهم ستجد بعض الاسهم في تراجع إلا أنها ستتوقف عن ذلك وتلحق بموجة الارتفاع العام نحو الاعلى . ان هذه الحركة وهذا التوجه العام لاسعار الاسهم في السوق المالي هو ما حاول داو أن يفهمه, ويصفه من خلال استخدامه للمعدلات الحسابية التي تحدثنا عنها . وفي 3 تموز عام 1884 قام تشارلز داو بنشر اول معدل حسابي لسوق الاسهم الامريكي والذي تم حسابه من اسعار الاغلاق لأحد عشر سهما, تسعة من هذه الاسهم كانت تخص شركات سكك حديدية واثنان لشركات صناعية . وقد شعر داو بأن هذه المجموعة من الاسهم تصلح لاستخدامها كمؤشر او دليل على الوضع العام ولكنه وفي العام 1897 قرر أن استخدام معدل حسابي واحد لا يكفي لوصف دقيق للحالة الاقتصادية, فقام بوضع مؤشرين اثنين الاول مكون من 12 سهماً لشركات صناعية وهو ما يعرف اليوم باسم مؤشر داو جونز الصناعي, والثاني مكون من عشرين سهماً لشركات سكك حديدية وهو ما يعرف اليوم باسم مؤشر داوجونز للمواصلات, وبقي الامر كذلك الى العام 1928 حين اصبح عدد الاسهم في المؤشر الصناعي 30 سهما وقد بقي هذا العدد على حاله منذ ذلك اليوم. وهكذا نجد ان المؤشرات في اسواق المال هي مرآة لحالة السوق الاقتصادية وتنبئ لفترات مستقبلية عن حركة الاوراق المالية صعوداً أو هبوطاً . *الشركة السورية الاردنية للتحليل الفني |
|
