|
معاً على الطريق فالجمال هو إحساس أولاً, يعني إحساس المتذوق, النفس وما تهوى, وهذا الهوى يختلف من شخص إلى آخر, وبالتالي قد يتفق الناس مثلاً إن الماء والشجر والحدائق الغناء والوجه الحسن هي أوجه للجمال, وهذا صحيح مبدئياً, لكن قد تبدو واحة في صحراء فيها المحدود من ذلك كله أجمل من قارة بكاملها تتوافر فيها كل تلك العناصر حتى التخمة. لا أعتقد أن كثيرين يختلفون على جمال مدينة استنبول, حقيقة هي تحظى بما يشبه الإجماع, وقد زرتها لخمس مرات, مرتان تشرفت فيهما بمرافقة سيادة الرئيس بشار الأسد, ومرة أيضا تشرفت بمرافقة السيد رئيس مجلس الوزراء ناجي عطري, ومرة للسياحة ومرة وهي الأولى اخترناها أنا وزوجتي لشهر العسل. تستطيعون الآن أن ترسموا مخطط ذاكرتي عن المدينة, وقد أمضيت فيها بحالات مختلفة ساعات طويلة نسبياً. أجمل ساعة فيها كلها بصدق, كانت ساعة اللقاء الإعلامي الذي أجراه السيد رئيس الجمهورية مع الصحفيين السوريين المرافقين لسيادته في زيارته الأخيرة إلى تركيا, كانت ساعة من الهدوء النقي رغم حرارة الحوار بل وسخونته, كان الرئيس مرتاحاً مبتسماً, رحب بكل قول وأجاب عن كل سؤال, وخرجنا وقد ودعنا على باب القاعة مثلما استقبلنا, وسألت بعض الزملاء من مراسلي الصحف عن انطباعاتهم, لأعرف فيما إذا كان ذاك الشعور الذي أفعمني, هو عندي وحدي, لأكتشف أن روعة اللقاء وجمال لحظاته كانت لدى كل الذين سألتهم, ولا أعتقدها لم تكن لدى الآخرين. في الرواق الخارجي وجدت الزميل حسني محلي , وكان قد حضر اللقاء الذي سبقنا بين السيد الرئيس والصحفيين الأتراك, سألته عن انطباع الصحفيين الأتراك, فنقل إحساساً ربما ليس كإحساسي, لكنه مشابه له إلى حد كبير. كثير من هذا الكلام سبق أن كتبته, وأذكره اليوم في رسالة إلى استنبول أقول فيها: كأنك يا مدينة السحر والمضائق والبحار وسطيحات القرميد تتجاور مع الأبنية الشامخة والشرق يتلاصق بالغرب, وآسيا وأوروبا تحضران عرسك الدائم مع الفرح والجمال, كأنك لم تقتنعي بحجم وجودك في الذاكرة, فكانت ساعة الروعة التي تحدثت عنها,وكان لك الرجحان على ما احتوته ذاكرتي. a-abboud@scs-net.org |
|