|
كتب فحكاية الإنسان تمتد عبر خط واحد في الزمان والمكان وتشابه الحدث التاريخي عبر الأزمنة لابد منها أن التاريخ عاد, فالإنسان لايسبح في النهر مرتين. وإن كانت الحضارة السورية ممتدة في الزمان إلى مايزيد على المليون عام, فإن مقاربة المكان السوري تأخذنا في مساق التاريخ إلى ماورائه. وإلا ماذا يعني تأسيس حضارة قرطاج?وماذا يعني فتح الأندلس? وماذا يعني أيضاً أن تنتشر اللغة الآرامية حتى الشرق الأقصى?. وأيضاً تلك الآلهة التي حملها إنساننا كي تصير أساس معابد الحضارة الرومانية, حقاً لقد صب نهر العاصي مياهه في نهير التيبر منذ زمن بعيد. وإن كنا على دراية بالأقانيم الحضارية المؤسسة للحضارة الإنسانية:ابتكار الزراعة والتدجين, الثورة المدينية والعمرانية, الثورة الكتابية في اختراع الكتابة ومن ثم الأبجدية فإن كل هذا يضعنا أمام حقائق عدة استندت إليها معالم التوازن الحضاري السوري. يضم هذا الكتاب جملة من الحوارات مع باحثين ومؤرخين أجانب وعرب وسوريين, كان المؤلف قد أجراها على مدى عقدين من الزمن. جاءت هذه الحوارات في سياق عمله الصحفي عبر حضور المؤتمرات الدولية التي عنت الحضارة السورية بكافة أوجههاومراكزها وفاعليتها. تبتدئ هذه الحوارات بعام 1989 عبر الندوة الدولية لتاريخ وآثار محافظة إدلب والتي انعقدت في إدلب في الفترة بين 25-28 أيلول. وقد أجرى خلالها لقاءات مع البروفسور باولوماتييه -مكتشف إيبلا في تل مرديخ حيث يقول ماتييه في أحد حواراته (إن الأهمية العظمى لاكتشاف إيبلا تكمن في حقيقة أن ثقافة إيبلا في الثقافة الأولى الراقية التي أصبحت معروفة جيدا,ً والتي ازدهرت في وسط بيئة غير طميية وليس كما هو الحال في مدن الفرات ودجلة حيث البيئة هناك طميية. فإيبلا تعتبر ظاهرة راقية وهي قديمة جداً, وعميقة في التاريخ المدون وهي ذات أهمية كبرى في تاريخ البشرية). ويتابع ماتييه مجيباً على سؤال المؤلف حول أهمية الحضارة السورية في تاريخ الحضارة الإنسانية:( سورية عظيمة لما قدمته للبشرية), وهذا له مؤشران الأول:هو أن سورية هي واحدة من أقدم المناطق في العالم حيث مايسمى بثورة العصر الحجري الحديث... ولهذا هي بوابة الزراعة في العالم, حيث بدأت فيها الزراعة حوالي ال8000 عام قبل الميلاد, والثاني هو دور سورية والحضارة السورية في تاريخ البشرية من خلال تأسيس بداية لتاريخ المدن في حوالي 3000 سنة قبل الميلاد حيث بدأ الجنس البشري بالاستيطان في المدن في مصر والرافدين, كانت هنا بداية جديدة لتاريخ البشرية وعبر إيبلا تحديداً كان لبلاد الشام أهمية كبيرة لنشر مجتمع المدن في العالم خارج نطاق الرافدين. وتضمن الكتاب أيضاً حوارات ثرية مع أساتذة ومنقبين كبار مثل:د.هيلغازيدن وكريستيان أوجيه وإيفا شترومنيغر ومانفريد كريبرنيكه وهورس كلينكل وفرانسوا فيلنوف وفرانك بريمر.. الكتاب صادر عن دار الرائي-دمشق في 295 صفحة - 2008 |
|