تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اللاهثون خلف تركة شارون

هآرتس
ترجمة
الأربعاء 27/8/2008
ترجمة: ريما الرفاعي

ربما يجد المرشحون الأربعة من حزب كاديما لرئاسة الوزراء أنفسهم مثل محام شاب يبدأ العمل لأول مرة باختصاصه في مكتب محاماة مشهور وينتظر منه رئيسه أن يعمل بجهد ولساعات طويلة,

وبعد أشهر قليلة يبلغ المحامي الشاب صاحب المكتب بفخر عن نجاحه في طي ملف القضية التي كان مكتبه يتولاها منذ 15 عاماً, ويرد عليه معلمه: ألا تعلم أننا نسترزق جيداً كل هذه السنوات من هذا الزبون?. كل واحد من مرشحي كاديما الأربعة يتظاهر أنه يفهم أكثر من بقية المرشحين حقيقة تركة أرئيل شارون الأمنية السياسية.‏

كل منهم يتفاخر بتصوير نفسه أنه وريث تركة معينة خلفها القائد ويحاول جاهداً إقناع أعضاء كاديما بأنه هو بالذات وريث هذه التركة, دون أن يسأل أياً منهم نفسه عن حقيقة تلك التركة التي خلفها ذاك الشخص الذي يعيش غيبوبة منذ حوالي ثلاثة أعوام, والذي مرت عليه في حياته منعطفات كثيرة, وبأي شخصية من شخصيات شارون المتقلبة يريد كل منهم الاقتداء?.‏

شارون مثل أغلبية رؤساء الوزراء في (إسرائيل) لم يترك وراءه أي تركة, وكل محاولات لاختراع تقاليد أو وصية شعبية يمكن الاقتداء بها هي محاولة مصطنعة وسخيفة, ويستطيع الناس أن يتحدثوا فقط عن تركة خلفها اثنان من (قادة) (إسرائيل) ليس أكثر هما دافيد بن غوريون ومناحيم بيغن, وصية بن غوريون للأجيال التالية من بعده كانت هي الحفاظ على القواسم الوطنية العامة والاستقلالية والتمسك بامتلاك القدرة على حماية النفس. أما بيغن فقد حفر في وعينا تمسكه بعدم التنازل عن أي شبر من الأرض والتصرف بنزاهة والحفاظ على الطابع اليهودي (لإسرائيل). كل رؤساء الوزراء الآخرين لم يرتقوا إلى هذا المستوى الذي يمهد الطرق للأجيال من بعدهم والانطباع الراسخ الذي خلفوه كان سطحياً بدرجة كبيرة. هذه هي مكانة موشيه شاريت وليفي اشكول وغولدا مائير واسحاق شامير وشمعون بيرس واسحاق رابين وبالتأكيد, شارون وبنيامين نتنياهو وايهود باراك, أما أولمرت فقد يخلف تركة من بعده ولكن لسوء حظه لن تكون تركة يفتخر بها, وعلى العموم, فإن التركة تظل أقرب إلى الأسطورة, وكما هو حال الأساطير هناك في هذه التركة مغالطات وخرافات كثيرة.‏

قد يصح التشكيك بمصداقية المزايا المنسوبة لبن غورويون أو دقة الانطباع الذي تركه بيغن ولكن لا يمكن إنكار مشاعر الناس و أحاسيسهم, وهؤلاء الناس يعتقدون حتى الوقت الحالي أن بن غوريون وبيغن كانا قائدين من الطراز الأول بينما ينظر إلى الأخرين كسياسيين عاديين.‏

ثمة شيء مصطنع وغير صحيح في محاولة ابتداع تركة لأرئيل شارون (وكما هي أيضاً المحاولة المتعثرة لابتداع تركة لاسحاق رابين).‏

والسؤال الذي يطرح نفسه: بأي شارون ترغب تسيبي ليفني بالاقتداء.. شارون الذي ارتبط اسمه بمذبحة صبرا وشاتيلا أم ذاك الذي أخلى مستوطنة غوش قطيف وهدمها? وبأي شارون يريد موفاز أن يتشبه: شارون الذي قاده من أنفه كرئيس للوزراء أو ذاك الذي كان يفاجئ المسؤولين عنه دائماً بالطريقة التي يفسر فيها تعليماتهم?.‏

وماذا عن آفي دختر? بأي شارون يريد أن يتشبه هو الآخر, شارون الذي زرع المستوطنات فوق كل تلة وجبل في الضفة الغربية حتى يخلطهم بالسكان الفلسطينيين , أم ذاك الذي حاول في آواخر أيامه الابتعاد عن الضفة الغربية والانطواء وراء الجدار الفاصل? وما الذي يفضله مئير شطريت: شارون الماكر الذي جعل حياة رؤساء الوزراء الذين عمل تحت إمرتهم بائسة, أم شارون صاحب الخدع السياسية الذي يحل الائتلافات والأحزاب ويشكلها دون أن يرف له جفن?.‏

إن التاريخ سيحكم على شارون ويحدد مكانته كما بقية رؤساء الوزراء, في هذه القضية من الأفضل لمرشحي كاديما الأربعة أن لا يستبقوا زمنهم ويكافحوا إغراء ادعاء امتلاك )تركة( شارون لأنهم إن نزعوا الستائر والضبابيات التي أحاط شارون نفسه بها في سنواته الأخيرة التي قضاها بالسلطة, فقد يكتشفون أن شخصية شارون وسلوكه كانت إلى جانب جرأته, تتميز بعلامة فارقة وهي غريزة التدمير, وبدلاً من استحضار ماضي شارون, ينبغي على المرشحين الأربعة أن يقوموا بشيء أفضل من ذلك ألا وهو طرح برامج عملهم الحاضرة ورؤيتهم المستقبلية على الجمهور.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية