|
من الصحافة الإسرائيلية منذ اتفاق اوسلو من مستوطنات ومصادرة أراضٍ وطرق التفافية وحواجز وأحزمة وجدران أمنية في الضفة الغربية الى جانب ما تسميه ترتيبات أمنية , تشير جميعها الى ان الدولة المرتقبة لن تكون سوى مجموعة من المعازل التي لا تربطها أي روابط ولاينطبق عليها أي معنى أو مفهوم للكيانات السياسية المتعارف عليها لا قانونياً ودوليا بل إنها ستكون منزوعة من أي شروط أو مقومات الدولة بمعناها المتعارف عليه دوليا . ويمكن القول ان هذه الوثيقة تعد نسخة منقحة من الشارونية السياسية بما أدخل عليها اولمرت من تعديلات بعد تسلمه السلطة سواء لجهة ما يسمى (خطة الانطواء) أو ما تسميه المؤسسة العسكرية (خريطة المصالح الأمنية) ,على اعتبار ان الخطة الجديدة قد أعدها قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي, بتوجيه من رئيس الوزراء إيهود أولمرت. وذكرت محافل إعلامية إسرائيلية مقربة من أولمرت أنه طرح مضمون الخطة خلال المحادثات التي أجراها مع المرشحين للرئاسة الأميركية, جون ماكين وباراك أوباما لدى زيارتهما إسرائيل, وأعربا عن موافقتهما, على أن تقدّم بشكل وثيقة إلى الإدارة الأميركية. صحيفة معاريف كشفت في تقرير لها عن مضمون الخطة قائلة : إن إسرائيل قامت بنقل وثيقة تتضمن الترتيبات الأمنية التي تطالب بتوفرها في أي تسوية سياسية دائمة للصراع مع الفلسطينيين. وأضافت معاريف : ان الوثيقة تتضمن المطالبة بقبول الفلسطينيين بحق إسرائيل في الترتيبات الأمنية التالية: -تجريد الكامل للدولة الفلسطينية العتيدة من السلاح, بحيث لا تملك سلاحاً ثقيلاً, أو مدرعات, مدافع, صواريخ أو سلاح جو. حظر الأحلاف العسكرية بين الدولة الفلسطينية والدول الأخرى. محطات إنذار مبكر إسرائيلية فوق قمم جبال الضفة الغربية. تواجد للجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن. يحتفظ الجيش الإسرائيلي بوجود دائم في معابر الحدود بين الدولة العتيدة والخارج. استمرار السيطرة الاسرائيلية في المجال الجوي للضفة الغربية وقطاع غزة. ضمان حق إسرائيل والإسرائيليين في الوصول الى محاور السير في عمق الضفة الغربية. من جهة أخرى كشفت معاريف أيضا :(أن أحد الصيغ التي يتم تداولها حالياً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل للتغلب على حل قضية القدس, هو الاتفاق على أن تتضمن المدينة عاصمتين لدولة فلسطينية ولإسرائيل. وحسب الصيغة التي يؤيدها اولمرت يتم ضم الأحياء اليهودية في البلدة القديمة من القدس لإسرائيل في حين يتم ضم الأحياء العربية للدولة الفلسطينية مثل صور باهر وشعفاط للدولة الفلسطينية, في حين تقترح الخطة تأجيل البحث في مستقبل الأماكن المقدسة وضمنها الحرم القدسي الشريف, على أن تتولى هيئة مشتركة إدارة هذه الأماكن حتى يتم حسم أمرها.وحول اللاجئين قالت الصحيفة :إن خلافاً نشب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس واولمرت بشأن عودة اللاجئين, حيث أن عباس طالب بعودة 100 ألف لاجئ فلسطيني الى الأراضي التي شردوا منها وتقع حالياً داخل إسرائيل وذلك على مدى عشر سنوات. لكن اولمرت يصر على أن أقصى ما يمكن ان تسمح به إسرائيل هو عودة 15 ألف لاجئ في غضون عشر سنوات, على ان يتم عودتهم في إطار الاعتبارات الإنسانية ) فقط وليس ضمن جمع شمل العائلات. وأكدت الصحيفة أن مطالبةأبي مازن بإعادة 100 ألف لاجئ فقط يمثل ) تنازلاً فلسطينياً كبيراً, على اعتبار أن هناك ملايين اللاجئين الذين ينتشرون في أرجاء العالم. وفي تقرير لها حول الموضوع نفسه ذكرت صحيفة هآرتس أن :( اولمرت لا يزال معنيا بالتوصل الى اتفاق مع أبي مازن ينص على الحل المقترح للنزاع في مسألتين من اصل المسائل الثلاث الأساس: المسألة الإقليمية ومسألة اللاجئين. وبالنسبة لمشكلة القدس, ستتضمن الوثيقة آلية مشتركة تعمل على حل في جدول زمني منفصل. وأضافت هآرتس :(أن إسرائيل مستعدة لان تنقل الى الفلسطينيين حوالي 93 في المائة من أراضي الضفة, معنية بان تبقي في يديها الكتل الاستيطانية الكبرى, وكل المستوطنات التي توجد غربي جدار الفصل. وسيكون تبادل للأراضي يحصل فيه الفلسطينيون على معبر آمن. في موضوع اللاجئين, ستستوعب إسرائيل عددا لم يتفق عليه بعد ضمن تعريف حالات إنسانية فقط, ويدور الحديث عن بضعة ألاف من اللاجئين في السنة, على مدى نحو عشر سنوات. . ولم تنقل إسرائيل اقتراحا رسميا في هذا الموضوع. التفاصيل توجد في جداول يعدها الطرفان منذ زمن بعيد, تحت العنوانين: فلسطين وإسرائيل. أما الفلسطينيون من جانبهم فيتحدثون عن 98 في المائة من الأرض.وتضيف هارتس , ان الهوة بين الطرفين كبيرة كون الإسرائيليين لا يعتبرون أراضي القدس الشرقية من ضمن أراضي الضفة ولا تشملها الخطة المذكورة . ونقلت هارتس عن مصادر إسرائيلية ان الوثيقة المذكورة سلمت للإدارة الأمريكية التي تقوم بدورها بإعداد ما أسمته الصحيفة وثيقة جسر من قبل الرئيس بوش يعرضها على الرئيس القادم لكي تصبح صيغة التسوية المستقبلية. وبحسب هارتس , فان الوثيقة الأمريكية ستجسر بين الموقف الإسرائيلي والفلسطيني في منتصف الطريق . وهي ستعرض في الفترة الانتقالية بين الإدارتين, بعد الانتخابات في تشرين الثاني, وبموافقة الفريق الانتقالي للرئيس الجديد وذلك كي يكون هناك تواصل سلطوي وتكون هذه أساسا للمفاوضات في السنة القادمة. لهذا الغرض, طلبت كونداليزا رايس ان تقف لدى زيارتها القريبة للمنطقة على حقيقة مواقف الطرفين . أما حول مسألة تبادل الأراضي ,فكشفت هارتس :(عن أن اولمرت وافق على انسحاب إسرائيلي من معظم أراضي الضفة الغربية نحو 93 في المائة. وبالمقابل تسلم إسرائيل للفلسطينيين في إطار تبادل الأراضي مساحة بحجم 5.5 في المائة في النقب. وتقول مصادر إسرائيلية , بان إعلان حكومة اولمرت عن إطلاق سراح نحو مائتي أسير ومعتقل فلسطيني من تنظيم فتح , يأتي في إطار الخطة نفسها ,وان مجرد تسمية عملية إطلاق سراح أسرى (بادرة حسن نية) هو مجرد غطاء لتحقيق بعض المكاسب خلال المفاوضات حول الخطة المذكورة , مع العلم ان إسرائيل تعهدت اما م الأمين العام للأمم المتحدة بإطلاق سراح معظم هؤلاء في إطار صفقة تبادل الأسرى التي تمت بين حزب الله وإسرائيل قبل فترة وجيزة. وما يجدر التذكير به ,إن الوثيقة ألجديدة , تشبه الى حد بعيد مشروع باراك للحل الدائم, والذي عرضه على الرئيس الراحل ياسر عرفات في قمة كامب ديفيد 2000. وقد رفض عرفا ت المشروع وانتهت المفاوضات.ويقوم مشروع باراك في حينه على الاستيلاء على القدس, والاستيلاء على ما يزيد عن 40% من أراضي الضفة الغربية, ورفض البحث في قضية عودة اللاجئين, والسيطرة على المياه الجوفية وعلى الأجواء والمياه الإقليمية والمعابر, والاستيلاء على أراضي غور الأردن, من أجل المطالبة بنصف مياه نهر الأردن, وبحجة أن غور الأردن هو حدود إسرائيل الأمنية. وتعلن خطة أولمرت رسميا أنها تقوم على قاعدة جدار الفصل العنصري الذي تم بناؤه, والذي أدانته محكمة العدل الدولية ودعت إلى هدمه, ثم تستغفل الجميع في النهاية وتقول إن كل ما تريد ضمه هو 7% فقط من أراضي الضفة الغربية. وتحتوي هذه النسبة البسيطة على كل المستوطنات الكبيرة المحيطة بمدينة القدس والتي تضم 80% من المستوطنين. وتضم كذلك المستوطنات التي بنيت قرب نابلس وفي محيط مدينة بيت لحم, وهي مستوطنات تمنع التواصل الجغرافي للأرض الفلسطينية المتبقية, ويمن علينا أولمرت بسبب ذلك بالاستعداد لبناء طرق وأنفاق تصل أجزاء الدولة الفلسطينية المبعثرة, والتي يمكن أن تسمى )دولة المواصلات(. والسؤال لماذا يعرض أولمرت خطته الآن? على ضوء الفشل والإخفاقات التي لحقت بالسياسات الأمريكية في المنطقة , وكذلك الأمربالوضع الصعب الذي تعيشه حكومة اولمرت من جراء الإخفاقات الداخلية والخارجية التي تأتت عن هزيمة إسرائيل في حرب تموز 2006 وقضايا الفساد التي يحاكم عليها اولمرت, الأمر الذي فرض على الإدارة الأمريكية ترتيب لقاءات واجتماعات إسرائيلية فلسطينية بمبادرة كونداليزا رايس في واشنطن. وأعلنت رايس في حينه أنها تريد الوصول إلى )اتفاق رف» يسجل ولا ينفذ. ومن المؤكد أنها طلبت من كل طرف أن يقدم لها تصوره للاتفاق وعن نوع الرف الذي سيوضع عليه. |
|