تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا بقي في جعبته?!

دراسات
الأربعاء 27/8/2008
غالب حسن محمد

ثمة من يتخوف من أن يتقمص الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال الأشهر المتبقية من ولايته شخصية راعي البقر , وثمة سؤال يطرح باستمرار في الآونة الأخيرة حول )ما يخططه الرئيس الأمريكي بالنسبة لإيران قبل 160 يوماً تقريباً من رحيله عن البيت الأبيض,

ويطوى بذلك فصل من أكثر الفصول في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية بشاعة وإثارة للجدل.‏

)من كابول إلى بغداد إلى بيروت إلى القدس( الملايين من البشر يعدون الدقائق التي تفصلهم عن رحيل هذا الرئيس المتغطرس, بالرغم من أن تلك الملايين لاتراهن كثيراً على الرئيس القادم, فالإستراتيجية واحدة ديدنها التوسع والهيمنة, وهي ثابتة وإن تغيرت تكتيكاتها.‏

ومهما يكن من أمر الانتخابات القادمة فإن الإجماع قائم على أن الرئيس القادم الذي سيدخل البيت الأبيض في 20كانون الثاني المقبل, سيكون أفضل من سلفه الذي عبث باستقرار العالم وعلى مدى ثماني سنوات مضت, فقد شهد عهد بوش أبشع حربين بعد الحرب العالمية الثانية, حرب أفغانستان وحرب العراق, إضافة إلى حرب تموز في لبنان.‏

كل ذلك ولايزال متعطشاً للدماء, ويخطط لمعركة أخيرة يتوج بها عهده.‏

كل الآراء تجمع على أنه غير مستعد لإغلاق ملفاته تمهيداً لتسليمها )نظيفة( لسلفه الأمر الذي سوف يجعل سلفه مكبلاً بملفات جديدة سيفتحها وهو يغادر كرسيه.‏

يبدو أن الرئيس الأمريكي قد وصل إلى مرحلة يصعب معها عليه الطلب أو اتخاذ أية مبادرة مهمة تتطلب موافقة من الكونغرس لأنه لن ينال التفويض بذلك, لأن الجمهوريين أنفسهم باتوا يتخوفون من تبني مبادرات قد تؤثر على مرشحهم جون ماكين.‏

وتحاول وزيرة الخارجية كونداليزارايس حفظ ماء وجه إدارة بوش, وذلك عن طريق النشاط بهدف تحقيق نجاح في ميدان واحد, بعد العجز في التقدم في أي ميدان آخر ألا وهو الميدان الفلسطيني- الإسرائيلي, وهي في ذلك تبدو أكثر اصراراً على هذا الأمر من الرئيس بوش.‏

ربما تنصب جهود الرئيس الأمريكي في الفترة المتبقية من عمره في البيت الأبيض على إيجاد بعض الميادين التي يمكن من خلالها تحقيق تقدم ملموس سواء في إيران أو العراق أو فلسطين, وقد يكون ذلك من الأسباب التي أرغمته على اللجوء إلى الدبلوماسية التي تجنبها لسنوات عديدة.‏

ورغم مايقال عن النجاح النسبي الذي حققه في )إقفال( ملف كوريا الشمالية النووي, يبدو الرئيس الأمريكي أشبه بالبطة العرجاء, عاجز عن تحقيق أي من المكاسب السياسية في ملفات الشرق الأوسط, وذلك مع انسداد الأفق التسووي بين اسرائيل والفلسطينيين, إضافة إلى فشله في موضوع المعاهدة الاستراتيجية مع الحكومة العراقية.‏

أمام هذه الصورة السوداوية القائمة يرى بعض المحللين أن بوش سوف يحاول جاهداً خلال الأشهر المتبقية من عهده ترقيع سمعته المهترئة عبر محاولاته بالتقرب من الإيرانيين ومحاولاته احياء عملية السلام في فلسطين , ولكن البعض يرى أن الوقت محدود لتحقيق مثل تلك المكاسب, وإذا كانت معظم الترجيحات تستبعد القيام بعمل عسكري ما ضد ايران فإن الخطر يكمن في نظر البعض, في أن يلجأ بوش إلى تصرف جنوني خلال الفترة الممتدة بين انتخاب الرئيس الجديد في تشرين وتنصيبه في كانون, وربما خلق هذا الأمر لبوش وضعاً يكون فيه رابحاً في كلتا الحالتين بمعنى أنه سوف يحصد النتائج في حال نجح, وسوف يحمل سلفه نتائج الخسارة في حال الفشل.‏

وربما اعتقد الكثير من سكان المنطقة أن أمريكا سوف تكون على عكس ماهي عليه الآن بعد الانتخابات, مشددة على أن معظم الأمريكيين يعارضون سياسة الإدارة الحالية ويريدون انسحاباً من العراق وتقارباً مع اعداء واشنطن ومصالحه في العلاقات الدولية.‏

في مقابل ذلك تبدو الصورة أكثر ضبابية بالنسبة لبعض الدبلوماسيين والمحلليين في الولايات المتحدة نفسها, حيث يرون أن رحيل بوش المرحب به سوف لن يحل أياً من مشكلات المنطقة, رغم أن الفرصة متاحة أمام خلفه لانتهاج سياسة خارجية ذات وجه أكثر نضارة.‏

بعض الأوساط ترى أن تحقيق أو تصحيح ولو نصف أخطاء بوش ذلك سيعد نصراً ونجاحاً للرئيس الجديد, وفي المقابل لايمكن أن تكون هناك نهاية سعيدة للمنطقة إلا في حال أوجدها سكان هذه المنطقة بأنفسهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية