تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ليلى والذئب.. الآن للكبار

ثقافة
الأربعاء 27/8/2008
آنا عزيز خضر

/ ليلى والذئب /عرض مسرحي من تأليف:/ الفارس الذهبي/ وإخراج / باسم عيسى/ عمل استند على عوالم مستعارة من الطفولة الإنسانية محولاً حكاية تسلوية مألوفة للأطفال

على أنها تتضمن أساليب تربوية على دوام استخدامها إلى شكل فني مسرحي يدعو إلى التبصر العميق في علاقة الرجل والمرأة مستنداً في دراماه إلى مفردات طالما وجهت تلك الحكاية كي تصل إلى غايتها التربوية والتهذيبية المنشودة مستخدمة التخويف والتحذير بهدف الإرساء لأساسيات إنسانية, منها التربية الحسنة في الحكاية والحفاظ على العفة الدارجة عبر العرض حيث صورها العرض حالات افتراضيةوهمية , مرسخة كأسهل السبل إلى ضوابط بغض النظر عن ماهيتها تكون مضمونة النتائج سلفاً إذ يبرز العرض تغريباً واضحاً تجاه آليتها في عالم الصغار والكبار فالمسرحية تعمقت في العلاقة ما بين الذكر والأنثى إنسانياً وغرائزياً بشكل وإن كان خارجاً عن المألوف إلا أنه أوضح بجرأة علاقتنا المغلوطة مع الحياة والتي تبتدىء منذ الصغر ولن تنتهي عند الكبر , مليئة بالتوصيات, التوجيهات الترهيب والخوف السلفي ثم النصائح الوقائية في كافة جوانب حياتنا المختلفة ومراحلها خاصة كانت أم عامة, كما أن العرض من جهة ثانية أكد التركيز على ماهية العلاقة وشكلها ذاك ما بين الأنثى والرجل , وضمن تلك المنظومة من الأفكار والمفاهيم, بدءاً من الخوف المتبادل بين الطرفين لاعتبارات اجتماعية كثيرة, إلى النظرة الدونية من قبل الرجل للمرأة حيث تتقدم الاثنان في مسيرتهما مجبولات بأفكار الأعراف والعادات والسلوكيات الحذرة, وينهض فوراً ذلك المارد النائم منتقماً لميلهما عن الطريق المرسوم فكان هناك بعض من اللوحات المسرحية التي تكسر الخوف وتكسر الطوق نحواحتمالية علاقة متوازنة جديدة كانت كغيرها من لوحات العمل المتتالية التي تدعو إلى البحث في ماهية تلك الثنائية الأبدية ومنها إلى كل شيء في الحياة, لوحات تحمل لحظات كشف متعمقة الأبعاد ولحظات عرض تدعو إلى بحث يتلازم مع ما كشفه لنا ذلك العرض من احتمالات .‏

غاب الديكور المتكلف إلا أن توظيف الشاشة السينمائية التي شغلها الفضاء المسرحي فنياً وأغنت مضمون العرض فكراً قد شكلت بديلاً عن كثير من العناصر الأخرى وأدت وظيفتها بامتياز , فتجلت بوجودها جمالية خاصة لاسيما عبر المزاوجة ما بين فنون السينما والمسرح فها هي الشاشة تشارك عبر مشاهدها المسجلة في حوارات العرض وتدخل في خضم أحداثه وسياقه الدرامي المطروح, إذ شاركت السجالات الحوارية ما بين شخوص التسجيلات وشخوص العرض في دفع الفعل المسرحي إلى الأمام من جهة والمساهمة في تقديم وجهة نظر متعمقة حول بنية اجتماعية تحكمها عادات وتقاليد تتغلغل عبر كل تفاصيل حياتنا حيث لا تقتصر على الطفولة فحسب بل إلى الشباب والكهلة والأجيال على تعاقبها فكان بين المشاركين في المشاهد التسجيلية شخصيات الأمهات والجدات والآباء جسدتها نفس شخصيات العرض الحالي, فقدم ذاك الحل الإخراجي إضافات وأبعاداً صقلت مقولة العرض خلال توازيها من جهة وتوءمتها مع أداء الممثلين ومشاركتها الحوارية المباشرة من جهة أخرى ما منح فكرة العرض الإمكانية لتغطية الحالة الاجتماعية وامتداداتها المتجدرة ككل وبأوجهها الممكنة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية