|
شؤون سياسية أولاً – إذا كان الموساد الصهيوني منخرطاً في إدارة الإرهاب في سورية , ونحن نميل إلى الاعتقاد بأنه منخرطٌ بالفعل , فإن علينا الافتراض بأن الخلايا أو الشبكات المرتبطة به ستواصل عملياتها المتفرقة في أماكن متفرقة أو متباعدة . وهذه الخلايا تستهدف عادة العلماء والخبراء والضباط الكبار , وغالباً ما تتخذ عملياتها شكل الاغتيالات أو استهداف وسائط النقل التي تقل هؤلاء . وبالتالي , فإن استمرار هذا النمط من العمليات رغم أنف خطة أنان يدلُّ على أن الموساد الصهيوني مستمر في استغلال الأوضاع لتنفيذ خططه الخاصة . ثانياً – إن العصابات المسلحة في حالة تثبيت وقف الاشتباك ستواجه بالتأكيد مشكلة التخلص من أسلحتها . وهنا سيكون علينا التمييز بين عناصر تملك سلاحها الفردي , وقد تلبّي الدعوة وتسلمه إلى السلطة , وتبرّئ نفسها من المسؤولية , وبين عناصر متورطة بارتكاب جرائم القتل , وتضع يدها على كميات متنوعة من الأسلحة , فمثل هذه العناصر قد تفكر بالتخلص من هذا الكمّ من الأسلحة بإخفائه , بينما تسعى هي إلى الاختفاء أو الهرب إلى خارج القطر . ولكنّها قد تفكر أيضاً بتهريب هذه الأسلحة إلى خارج القطر , وتسليمها أو بيعها لأطراف أخرى تسعى وراء مثل هذه البضاعة . وفي هذه الحالة , يحتمل أن تنشط محاولات تهريب الأسلحة من داخل الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية والتركية والأردنية والعراقية . ثالثاً – إن الأشخاص الذين تتواجد تحت تصرّفهم كميّات من العبوات الناسفة لا شك أنهم يواجهون الآن مشكلة الحاجة إلى التخلص من هذه العبوات التي ستبقى دليل إدانة لهم ما دامت في حوزتهم . وما لم يختصر هؤلاء الطريق ويبلغوا السلطات عمّا لديهم من هذه العبوات , فإنهم سيحاولون التخلص منها بزرعها على الطرقات , ذلك أن إمكانية تهريبها إلى خارج القطر شبه مستحيلة . ومن هنا يخشى من تفاقم مشكلة العبوات الناسفة لبعض الوقت . رابعاً – إنّ العناصر الغريبة من غير السوريين التي تسللت إلى داخل القطر , تواجه مشكلة الاستتار والبقاء أو المغادرة تهريباً مثلما تسللت تهريباً . إن خروجها عملياً سيكون هو المؤشر على نجاح خطة عنان , أما بقاؤها متسترة فيعني أن ثمة توجيهات خارجية تطلب منها البقاء . وهذه التوجيهات تعني عندئذٍ أن الخطة التآمرية لم تنته بعد , وأن محاولة تسعير الإرهاب من جديد ما زالت قائمة . من خلال الملاحظات السابقة , نستنتج أن هناك طرفين يمكن أن يعملا على إبقاء فتيل الأزمة مشتعلاً , هما الموساد والأطراف التي تجنّد الإرهاب تمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً . أما الموساد , فمن المرجح أن له شبكاته الخاصة التي تدار وفق معايير معينة استخباراتية ضمن قنوات بالغة السريّة . وهذه الشبكات ما لم يتم اكتشافها وتصفيتها فستظل مصدر خطر دائم . وأما الأطراف التي ترعى الإرهاب , فقد توفرت حول سلوكها ونياتها معلومات , يمكن أن نلخصها بما يلي : أولاً – لقد أعادت قطر بالتعاون مع السعودية تنظيم العناصر التكفيرية من القاعدة وغيرها ضمن سرايا معينة , وبتسليح وتدريب خاصين , لتحلّ عملياً محل ما يسمى بـ «الجيش الحر » . ثانياً – افتتحت إحدى الدول العربية المجاورة لسورية يوم 24 آذار الماضي معسكراً لتدريب 17 ألفاً من المرتزقة الآتين من كل حدب وصوب على أيدي ضباط منها , وضباط من الموساد , وضباط من المخابرات المركزية الأميركية . وهذه الدولة تظن أن ما تفعله يجري سراً دون أن يعلم به أحد !! ونحن نقول للمسؤولين في هذه الدولة إن من يرتكب خيانة من هذا النوع لا يستطيع إخفاءها مهما اتخذ من إجراءات احترازية للتستر , ومهما أطلق من القنابل الدخانية التي تهدف إلى تضليل السوريين وإبعاد أنظارهم عمّا يُدبّرُ لهم . ثالثاً – تحاول حكومة أردوغان بكل السبل والوسائل التهيئة لاشتباك مع سورية يهمها أن تجرّ إليه حلف الناتو ليكون شريكاً لها . وهي تتحدث عن مثل هذه النيات بشكل مكشوف . وإذا كان حلف الناتو يحاول إعطاء انطباع معاكس عن موقفه , فإن الأمور تؤخذ أخيراً بالأفعال وليس بالأقوال . فمحاولات التفلت التركي تشي بأن وراء الأكمة ما وراءها . إن هذه المعطيات تنطوي على قاسم مشترك أعلى مفاده أن المتآمرين بعد أن فشلوا في تمرير مؤامراتهم من الداخل بعد تعزيزها بالمتسللين , يسعون إلى استئنافها من خلال زج عناصر من الخارج أكثر تدريباً وأقوى تسليحاً , مع تقديم الدعم لهذه العناصر وفق ما يستلزمه الموقف , بما في ذلك احتمال التدخل الخارجي الذي يبدأ تركياً قبل أن يتم تسليم الزمام لقيادة حلف الأطلسي . وبافتراض أن هذا هو جوهر الخطة المرسومة المبيّتة لمرحلة لاحقة تأتي – إذا أتت – بعد تفشيل خطة عنان , فإن الأمر الذي يجب أن يكون واضحاً هو أن الوضع الإقليمي والدولي لن يسمح لمؤامرة عدوانية من هذا النوع بأن تمرّ دون أن تحترق أصابع اللاعبين , وخاصة الصهاينة الذين يظنون أن بوسعهم توظيف القوى الأخرى في خدمتهم دون أن يدفعوا هم ثمن الجرائم المرتكبة . والملاحظة نفسها تنطبق على أطراف إقليمية أخرى سمحت لنفسها أن تخوض حرب العدو الصهيوني على محور المقاومة , وأن تضع قدراتها في خدمة هذه الحرب القذرة , ظناً أنها إذ تفعل ذلك ستكون محميّة وبمنأى عن مخاطر دفع ثمن الجريمة الكبرى التي تسهم في ارتكابها . |
|